الجمعة, 11 حزيران/يونيو 2021 15:01

فضيلة الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة: خلق الله هذا الكون في كماله وجماله وفي وفائه التام بمقومات الحياة كلها لكل من على الأرض وفي كثرة منافعه وتنوعها و في تسخير الأسباب لبقاء الحياة ورقيها

قيم الموضوع
(0 أصوات)
 
أم المسلمين إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي اليوم الجمعة، واستهل فضيلته خطبته الأولى بتذكير المسلمين بالتقرب إلى الله وسلك سبل النجاة وعدم سلك سبل العصاة قائلًا: فاتَّقُوا الله بالتقرب إليه بما يرضيه وهجر ما يغضبه و يؤذيه، فما أحسن عاقبة المتقين وما أسوأ عاقبة العصاة المفسدين فكونوا ممن سلك سبل النجاة، و لا تكونوا ممن سلك سبيل العصاة، قال سبحانه (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا  ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا)، وقال تعالى: (وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).
 
وأكد فضيلته خلال خطبته على أن الله خلق هذا الكون وأودع فيه كل ما يحتاجه المكلفون من أرزاق ومتاع ورياش وزينة ومال ودوآب وغير ذلك وذلل هذا الكون وسخره كله لمصالح الخلق ومنافعهم وقيام حياتهم إلى أجل مسمى عند الله لا يعدوه قال سبحانه (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، وقال تعالى (مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُون).
 
وذكر فضيلته أن الله تعالى خلق الكون في كماله وجماله وفي وفائه التام بمقومات الحياة كلها لكل من على الأرض وفي كثرة منافعه وتنوعها وفي تسخير الأسباب لبقاء الحياة ورقيها، وبأنه لم يخلق هذا الكون عبثاً ولم يتركه سدى ولم يجعله هملا قال سبحانه (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ(16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ(17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ).
 
وأن الله قد أرسل الرسل وآخرهم سيدنا محمد صلى الله عليهم وسلم لإصلاح الأرض بالطاعات وتطهيرها من الشرك والموبقات، وقال تعالى(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍۢ رَّسُولًا أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ الطاغوت)، وقال سبحانه (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)، أي بعد إصلاح الرسل لها بالكتب المنزلة، وقد أمر الله سبحانه المرسلين - - عليهم الصلاة والسلام- بالتمتع بما أحل الله في الحياة من الطيبات وأن يداوموا على الطاعات التي لا تصلح الأرض إلا بها قال سبحانه (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، وأتباع الرسل - عليهم الصلاة والسلام- هم المؤمنون المأمورون بالاقتداء بهم في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)، فالرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم المؤمنون جعلوا هذا الكون مكاناً وزماناً للصالحات والإصلاح ففازوا بالخيرات والجنات، والأعمال الصالحات تعود كلها إلى نفع النفس ونفع الخلق بالقيام بأركان الإسلام، وبقية الطاعات تابعة لهذه الأركان.
 
وأكد فضيلته خلال خطبته الأولى قائلًا: أيها المسلم لا تحقرن من الطاعات شيئاً فلا تدري أي عمل تدخل به الجنة وتنجو به من النار، عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تحقرن من المعروف شيئاً وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق) رواه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له) رواه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن امرأة بغياً رأت كلباً في يوم يطيف ببئر أدلع لسانه من العطش فنزعت له خفها وملأته ماء فشرب فغفر لها) رواه البخاري ومسلم.
 
فالمؤمنون اتخذوا هذا الكون زماناً ومكاناً للطاعات، وأما من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، وكفر فاتخذ هذا الكون زماناً ومكاناً للشهوات والمحرمات والمتع الزائلة واقتراف السيئات وأعظم السيئات الشرك بالله بأن يتخذ العبد مخلوقاً يدعوه ويرجو ويتوكل عليه ويستعين به ويستغيث به ويرفع إليه المطالب والحاجات ويرغب إليه في الرزق والنصر، ويهتف به فيكشف الشدائد والكربات فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله سبحانه إلا بالتوبة قال سبحانه (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) وقال تعالى (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) عن أبي الدرداء مرفوعاً قال الله تعالى : (إني والإنس والجن في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر سواي خيري إلى العباد نازل وشرهم إلي صاعد أتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إلي بالمعاصي).
وتأتي كبائر الذنوب في عظم الإجرام بعد الشرك بحسب مفسدة الذنب وكل معصية ظلم بها العبد نفسه بينه وبين الله وتاب منها غفرها الله له، أما المظالم بين العباد فلا يغفرها الله حتى يعطي المظلوم حقه يوم لا درهم ولا دينار وإنما هي الحسنات يعطي المظلوم من حسنات من ظلمه فإن فنيت حسناته أخذ من سيئات المظلوم فطرحت على من ظلم ثم طرح في النار.
 
واختتم خطبته الأولى بتذكير المسلمين بعدم الظلم والابتعاد عن الذنوب قائلا: ولو سلم أحد من استيفاء الحقوق في المظالم لسلم المؤمنون الأبرار من استيفاء حقوق المظالم بينهم، وإياكم والذنوب وإن كانت في عينيك صغيرة فان لها من الله طالباً.
 
 
واستهل فضيلته خطبته الثانية بتذكير المسلمين بالتقوى وأن يتسمكوا بالإسلام قائلًا: فاتقوا الله حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة، وإنه مما يكفر السيئات ويزيد في الحسنات و يزكي الأعمال الصالحات و يجبر النقص في القربات و يطرد الشياطين ذكر الله عزوجل على كل حال قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)، عن عبدالله بن بسر رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: (يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرة فباب نتمسك به جامع قال لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)
 
واختتم فضيلته خطبته الثانية بتذكير المسلمين بعدم الفرقة والخلاف والدعوة إلى السماحة والمصالحة وتحقيق كرامة الانسان قائلًا: إن من أعظم الأصول التي حث عليها الدين الاسلامي الحنيف الحرص على الاجتماع والائتلاف والتحذير من الفرقة والخلاف والدعوة إلى احلال الامن والاستقرار والسلام والسماحة والمصالحة وتحقيق كرامة الانسان والنأي به عن الصراعات والنزاعات ونبذ الخلافات والانقسامات
كما ان من فضل الله على بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية اضطلاعها وعنايتها بجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم وهنا يشاد بكل فخر واعتزاز بجهود المملكة في هذا المجال ومن أعظم الشواهد على ذلك رعايتها الجليلة للمؤتمر الإسلامي التاريخي لإحلال السلام والأمن والاستقرار في أفغانستان في رحاب مكة المكرمة ومن جوار المسجد الحرام بحضور كوكبة من علماء الدين من باكستان وأفغانستان لما للعلماء من دور كبير في حل النزاعات واحلال السلام في الأوطان والمجتمعات.
وما صدر عنه من إعلان البيان الختامي المتضمن للتوصيات النافعة والاثار البالغة في إحلال الأمن والاستقرار والسلام في أفغانستان والمنطقة فجزى الله ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين خير الجزاء على هذه الجهود العظيمة المباركة وجزى الله العلماء المشاركين في إثراء هذا المؤتمر وتحقيق مخرجاته فيما يحقق الآمال المرجوة.
قراءة 2122 مرات