الجمعة, 24 أيلول/سبتمبر 2021 14:18

معالي الشيخ صالح بن حميد في خطبة الجمعة : لا هم يعلو فوق هم التربية والتربية ليست مشروع أسرة ، أو مشروع مدرسة ، بل هي مشروع أمة ، ومشروع دولة .

قيم الموضوع
(14 أصوات)
أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد الحرام فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد فتحدث فضيلته في خطبته الأولى عن هم التربية فقال :
لا هم يعلو فوق هم التربية والتربية ليست مشروع أسرة ، أو مشروع مدرسة ، بل هي مشروع أمة ، ومشروع دولة .  

الزراعة تنتج الغذاء ، والصناعة تصنع الأدوات ، والتجارة تجلب الموارد ، أما التربية فتبني الإنسان والوطن ، وتصنع ذلك كله .

التربية عمل يُكْتَسب ، وعلم يُتَعلم ، والتزامُ يطبَّق .

والتربية تنمي القدرات ولا توجدها ، وتطور الملكات ولا تنشئها ، ومن شب على شيء شاب عليه.
التربية الصحيحه تحفظ الوطن قبل أن يحرسه الجيش المنظم .

ثم تحدث فضيلته عن أثر التربية فقال : هذه هي التربية في مكانتها ، وأثرِها ، أما محلها وميدانها فهم أولادنا :قرة العين ، وسلوة الفؤاد ، وزينة الحياة ، وأنس العيش ، وثمار القلوب ، وعماد الظهور، بناة الغد ورجاله ، ومفكروه ، وسواعده ، ودروع الوطن ، وحماة استقراره ، ومستودع أمانات الوالدين والمعلمين .

الله الله فيهم ، فما أعظم المسؤولية ، وما أكبر المهمة .

ثم وجه فضيلته رسالته للأباء والأمهات فقال: أيها الأباء أيها الأمهات : هم التربية فوق كل هم ، لا يعصم من الذنوب سوى مراقبة علام الغيوب ، اغرسوا فيهم عقيدة التوحيد ، تنشرح بها قلوبهم ، وتسكن إليها نفوسهم ، وتنشرح بها صدورهم ، وتلهج بها السنتهم ، وتقوم عليها أعمالهم ، ربوهم على تقوى الله وخشيته ومراقبته ، حتى لا يرجو الولد إلا ربه ، ولا يخاف إلا ذنبه .

يتعلقون بالله جل جلاله ، ويتوكلون عليه ، ويتمسكون بكتابه ، ويلتزمون سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ويستعينون بالصبر والصلاةَ ، ويذكرون الله كثيرا .

أيها الأباء أيها المعلمون : حببوا إليهم القراءة ، وطلب العلم ، فالعلم سلوة العيش ، ودليل الحيرة ، وأنيس الوحشة ، وخيرُ ما يُعلَّمون كتابُ الله ، تلاوة ، وحفظا ، واستماعا ، في البيت ، وفي المدرسة ، وفي سائر المرافق ، والأحوال ، وبقدر ما يقرأ الولد من كتاب الله تزداد طمأنينته ، وتحصل سعادته .

أيها المربون : أقيموا ألسنتهم بلغة القرآن حتى تُحفظَ لغتهم ، ويحلوُ بيانهم .

معاشر الأحبة : ليس أعظم ضعفاً ، ولا أشد هزالاً من أن يتكلمَ المرء بغير لغته ، ويؤرخَ بغير تاريخه ، ويفاخرَ بغير إنتاجه ، ويحتفلَ بغير أعياده .

علموهم أن يغتنموا تعليم العالمِ ، ويستمعوا إلى نصحِ المشفق ، وإرشادِ الحكيم ، وبذلِ الكريم .
ثم اختتم فضيلته خطبته الأولى عن تاثير القدوة في تربية الأبناء فقال : ومن أعظم وسائل التربية وأنجحها : التربية بالقدوة .

الأبناء بحاجة إلى قدوات لا إلى نُقًّاد .

جالسوهم ، صادقوهم ، تحدثوا إليهم ، فرغوا أنفسكم من أجلهم ، إنكم إن لم تجدوا لهم عندكم وقتا ، فلن تجدوا عندهم لكم مكانا .

إعطاؤهم من وقتكم خير لهم من إعطائهم من مالكم ، وأن تستثمروا فيهم خير من أن يستثمروا لهم .

كونوا لهم قدوة بحكمة العقل ، وعفة اللسان ، وصدق الحديث ، وطهارة اليد ، وحسن الخلق .
يقول عمر بن عُتْبة مخاطبا معلم ولده : ليكن أولُ إصلاحك لولدي إصلاحَكَ لنفسك ، فإن عيونهم معقودة بعينك ، فالحسن عندهم ما صنعت ، والقبيح عندهم ما تركت .
كونوا لهم مستمعين يكونوا لكم بررة .

أحبوهم ، وأثنوا عليهم ، وشجعوهم ، بادلوهم المزاح والمرح .
احذروا أن تستحوذ على الأبناء والبنات أدواتُ التواصل ، والمواقعُ الافتراضية .
بثوا فيهم الوعي : فلا يصدقوا كل صورة ، ولا يستسلموا لكل تغريدة ، ولا يقبلوا كل معلومة ، ففي كثير منها مواطنُ الزلل ، ومواقعُ الخلل .

لا يجعلوا أدواتِ التواصل محطات عبورٍ لشائعة ، أو سبيل لغيبة ، أو طريق لكِذْبة تبلغ الآفاق ، فالأوزار والآثام محسوبة بلمسة لم تكن في الحسبان .
وجهوهم أن يجعلوا منها نقاط تفتيش تحجز الأذى ، وتمنع الفحشاء .

ومن أعظم ما يستهدف في التربية ، إقامةُ بناء الشخصية في الناشئة ، والاعتزاز بالقيم ، والاعتداد بالنفس ، والبعد عن  التقليد المميت ، والحذر من الاندفاع وراء مهازيل المشاهير في ملبس أو مطعم أو سلوك ، فالعزة لله ولرسوله ، وللمؤمنين ، ولكن المنافقين لا يعلمون .
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن فضل تربية الأبناء ونفعهم بعد الممات فقال: تربية الأولاد إحسان ، وطاعة ، وأجر ، وقد أثر عن بعض السلف قوله : ( إن من الذنوب ما لا يكفره إلا همُّ الأولاد) .

الوالدان هما الأرض الذليلة ، والسماء الظليلة ، والــمُدَّخرَان لكل جليلة .

أيها الآباء أيها المعلمون :علموهم أن الوطنية : إخلاص ، وعمل ، وبناء ، وتعاون ، وحماية ، وأمانة ، واحترام ، تحبه وتدافع عنه ، ولا تنتقص منه ، ولا ترضى أن ينتقص منه ، وتقف في وجه إعدائه المتربصين به ، والحاقدين عليه .

الوطنية : محافظة على الممتلكات ، والمرافق ، والمقدرات ، وسلوك سبيل الرشد ، والترشيد في الصرف  والاستهلاك ، والطاقة والثروات ، وحماية النزاهة ، ومكافحة الفساد أيا كان مصدره ، وأيا كان مقترفه .

علموهم أن المواطنة : توظيف الملكات ، والقدرات ، والخبرات ، في خدمته ، وتعزيزه ، ورفعته على الأصعدة كافة .

الوطنية عين ساهرة ، وهمة عالية ، وسعي حثيث إلى مراقي النجاح .
الوطنية أن يكون المواطن الصادق مرآة لوطنه ، فما يصدر عنه هو انعكاس لوطنيته .
الوطنية أن يكون المواطن رمزاً لوطنه في الداخل وسفيراً له الخارج .
الوطنية : أن تكون قدوة صالحة صادقة ناصحة ، تحفظ لولاة الأمر حقهم من الطاعة ، والمحبة ، والنصح ، والدعاء ، وصدق الولاء .
الوطنية ولاء ينبذ العصبية بكل أشكالها .

ثم اختتم فضيلته خطبته بالحديث عن اليوم الوطني فقال : فإذا كانت هذه هي بعض معاني الوطنية ومظاهرها فما بالكم إذا كان الوطن هو مهدَ الإسلام ، وبلدَ المقدسات ، الذي يرفع راية الإسلام ، ويحكم الكتاب والسنة ، إذا كان الوطن هو المملكةُ العربيةَ السعوديةَ.
الوطنية في هذا البلد المبارك التزام بدين الله ، عقيده وشريعة ، واتباع النهج السلف الصالح ، في ثوابته ، وأخلاقه ، وجميل عاداته ، وأعرافه ، والنصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم .

وإذا كان ولي الأمر في هذه البلاد المباركه -حفظه الله -، أشرفُ لقب يحمله هو : ( خادم الحرمين الشريفين ) ، فلا شك أن المواطنين تبع له في شرف الخدمة لهذا البلد المبارك ، بلد المقدسات ، نعم حفظكم الله : إن أعلى ما يجسده معنى المواطنة هو خدمة الوطن ، بكل معاني الخدمة ، ومتطلباتها ، ومستلزماتها .

ألا فاتقوا الله رحمكم الله : فكلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعية ، فالرجل راع في بيته ، ومسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ، ومسؤولة عن رعيها ، إلا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .

6165aa44 ac04 450a 98b8 7c6fd27837c53a9a9636 1ea0 44fb 9c2d 24334443ae6b9c2a9571 f126 4799 a730 374fc48aaa5519f19442 938f 42a1 aad4 7400c7fad2bf681fcce1 9693 4986 8535 f4e445f79048a3f83603 eb5d 469a b26e 5774a86ac389a6b990f2 5c99 4aee be31 c0eb9a300fcee86b1bec 7054 4ce3 b3d5 96f630a1dac4c5900735 2a38 4893 bc75 a864c228a3f1
قراءة 11454 مرات