ألقى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس درسه الدوري في المسجد الحرام في تفسير سورة الحديد من الآية (٢٢) إلى الآية (٢٤) ، وشرح الحديث العاشر، والحديث الحادي عشر، والحديث الثاني عشر والأخير، من باب المواقيت من كتاب الصلاة.
واستكمل معالي الشيخ الدكتور السديس درسه بشرح تفسير سورة الحديد من الآية (٢٢) إلى الآية (٢٤) بعد توقفه عندها في الدرس السابق حيث ذكر:
مناسبة قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم ...} الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حثَّ في الآية السابقة على عمل ما يوصل إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته.. أردف ذلك بتهوين المصائب على المؤمنين، فذلك يكون مصدر سعادة نفوسهم واطمئنانها، وبدونه يكون شقاؤها وكآبتها ، وآية ذلك: أن لا يحزنوا على فائت، ولا يفرحوا بما يصل إليهم من لذاتها الفانية. ثم بين أن المختالين الذين يبخلون بأموالهم على ذوي الحاجة والبائسين، ويأمرون بذلك، ويعرضون عن الإنفاق لا يبخلون إلا على أنفسهم، والله غني عنهم، وهو المحمود على نعمه التي لا تدخل تحت حدّ .
وأضاف معاليه أن في هذه الآية الكريمة بين سبحانه أن ما يصاب به العباد من المصائب، قد سبق بذلك قضاؤه وقدره، وثبت في أم الكتاب. فقال: {ما أصاب من مصيبة في الأرض}، "ما" نافية. والمراد بالمصيبة هنا: النائبة. و {من} زائدة؛ أي: مصيبة، وذكر فعلها وهو جائز التذكير والتأنيث ، مستكنلاً تفسيره لاخر الاية (٢٤) ، حيث أشار الى هداية الآيات إلى تقرير عقيدة القضاء والقدر ، و بيان الحكمة في معرفة القضاء والقدر والإيمان بهما، وحرمة الاختيال والفخر والبخل والأمر بالبخل .
ثم انتقل معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد إلى شرح الحديث العاشر، والحديث الحادي عشر، والحديث الثاني عشر والأخير، من باب المواقيت بكتاب الصلاة .
حيث ذكر معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد ان الاحاديث هي :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ - وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ, وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ".
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: "لا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ, وَلا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ".
وعَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما "أَنَّ عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ, وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا، قَالَ: فَقُمْنَا إلَى بُطْحَانَ, فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ, وَتَوَضَّأْنَا لَهَا, فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ".
موضحاً معاليه مسائل الأحاديث وفروعه وذكر مفرداتهم التي أورد فيها المصنِّف حديثَي ابن عباس وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما في ذكر أوقات النهي عن الصلاة؛ وأما حديث جابر فأورده المصنِّف في قضاء الفوائت وترتيبها، وقد تقدم معنا مسائل حديث جابر بالحديث الخامس والسادس من باب المواقيت في حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: "مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا, كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ"، وفي حديث ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَصْرِ, حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاةِ الْوُسْطَى-صَلاةِ الْعَصْرِ- مَلأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً, أَوْ حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً" ، مختتماً معاليه بالفوائد المستخرجة منها .
وفي ختام الدرس استقبل معالي الرئيس العام أسئلة الحضور والإجابة عليها, موضحاً أهمية هذه الدروس ودورها في النقل الصحيح المستمد من الكتب والمتون الصحيحة, مؤكداً حرص الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على الجانب التوجيهي والإرشادي والتوعوي، ونشر العلم النافع لزوار بيت الله الحرام، وذلك وفقاً لتطلعات القيادة الرشيدة -حفظها الله-.