ألقى فضيلة المدرس بالحرمين الشريفين الشيخ الدكتور حسن بن عبدالحميد بخاري، درسه "وصايا للمعتكفين"، وذلك ضمن البرامج التوجيهية للمعتكفين في المسجد الحرام لشهر رمضان المبارك ١٤٤٤هـ، والتي تنظمه وتشرف عليه الإدارة العامة للشؤون التوجيهية والإرشادية ممثلة في إدارة شؤون التدريس والمدرسين.
وابتدأ فضيلته درسه (وصايا للمعتكفين) بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله، ثم شرع في المقصود بذكر ثلاث مقدمات وسبع وصايا:
•المقدمات الثلاث:
المقدمة الأولى: (التذكير بقدوم العشر الأواخر) التي هي أعظم أيام الدنيا، وخلاصة شهر رمضان وسرّ بركته.
المقدمة الثانية: (الاجتهاد في العشر الأواخر لتحري ليلة القدر) كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويعتكف فيه من أجل ذلك، وهذا يدل على شرف مرتبة الاعتكاف لتحري ليلة القدر.
المقدمة الثالثة: (استحباب الاعتكاف) فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من كل رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده، وهو مستحب بالإجماع.
• الوصايا السبع:
1- (الانقطاع) حقيقة الاعتكاف لزوم بيت الله لطاعته، والانقطاع عن الخلق بالخالق، فلا يكن اعتكافك أجوفا ولا خاويا، وقلل فيه من الخلطة حسّا ومعناً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح ثم يدخل خباء معتكفه ليختلي بربه.
2- (قيام الليل) فهو ميدان سباق الصالحين، ومن أجله يعتكف المعتكفون، وتُدرك ليلة القدر به كما في الحديث: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وقيامك مع إمامك جماعة باب خير يشاركك فيه الآخرون، ولكن الشأن فيما زاد على ذلك بعد انصراف الناس لا سيما في جوف الليل الأخير {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}.
3- (الدعاء) أكثر في هذه الليالي من الدعاء، فالزمان عظيم والليالي مباركة والرب كريم، والزم ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عائشة عندما قالت له: أرأيت إن علمت أيّ ليلة هي ليلة القدر ما أقول فيها، قال قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" ودل الحديث على أن الدعاء من أجل ما تلتمس به ليلة القدر، وأن سؤال العفو أجلُّ المطالب وأجمعها، واذكر والديك بالدعاء فهو من البر بهما، وادعُ لأهلك ولأمة الإسلام.
4- (القرآن) فهو كلام الله، ولا أجمل من الخلوة مع المحبوب بكلامه وفي بيته، فاقرأه وتدبره وعش معه تجد حلاوته وعظيم أثره في حياتك، وهو أمتع ما استمتع به المعتكفون، ويشفع يوم القيامة لصاحبه.
5- (محاسبة النفس) الاعتكاف فرصة لمحاسبة النفس ومعاتبتها وتربيتها، ففي اعتكافك رتب حياتك، وأعد صلتك بربك، فليس مثل أيامك هذه فرصة تجدها لمعالجة أدواء قلبك.
6- (ذكر الله) فهو طمأنينة القلوب ودوائها وسعادتها { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وطالما اعتكفت فليجرِ ذكر ربك على لسانك، ولا تفتر عنه، فهي عبادة عظيمة لا تكلفك جهدا ولا وقتا ولا مالا.
7- (الأدب) تأدب في رحاب بيت الله، بأدب بيوت الله، التي لم تبنَ إلا لذكر الله، وهو أعظم ما يعينك على بلوغ المراد، فعظموا بيوت الله ونزهوا اعتكافكم عما يخلّ بالأدب، ورأس مال أدب الاعتكاف هو إخلاص النيات لله، ومن الأدب حفظ النظام باتباع التعليمات والاهتداء بالتوجيهات والتزام التنظيمات.
ثم ختم فضيلته درسه بالدعاء والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.