فضيلة الشيخ الدكتور علي الحذيفي في خطبة الجمعة: مصادر التشريع والأحكام ثابتة لا تتغير ولا يدخلها الهوى.
وبعد أن حمد الله تعالى بدأ خطبته بقوله: عباد الله: قد علم ربكم ضرورة حاجتكم إلى ما فيه صلاحكم في دينكم ودنياكم وعلم أن عقول البشر مهما ارتقت وبلغت من التجارب لن تدرك أسباب العادة الدنيوية والأخروية، ولذلك بين لكم أسباب العادة الدنيوية والأخروية للعباد، وحذر العباد من أسباب الشقاء في الدنيا والآخرة؛ رحمة من الرب تبارك وتعالى وفضلًا وإقامة للحجة على الخلق، وإذا كان أكمل الخلق عقلًا وحكمة وفطرة وأكمل الخلق خَلقًا وخُلقًا وسيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلم إلا ما علمه الله تعالى، ولم يهتد إلى أسباب السعادة إلا بما أوحاه الله إليه من الكتاب
فغيره من الأمة من باب أولى لن يعلم أسباب السعادة الدنيوية والأخروية إلا بما أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام: (وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا).
فغيره من الأمة من باب أولى لن يعلم أسباب السعادة الدنيوية والأخروية إلا بما أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام: (وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا).
فالإنسان مهما بلغ عقله وقوى إدراكه وكثرت
تجاربه وطال عمره لا يهتدي إلى سبل السعادة الدنيوية والأخروية إلا بالوحي المنزل على الرسل
عليهم الصلاة والسلام، ولعلم الله عز وجل بعجز الإنسان عن معرفته بتفاصيل الهداية وعجزه
عن أسرار الكثير من التشريع الإلهي بين الله تعالى هذه الحقيقة للناس فقال سبحانه: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
تجاربه وطال عمره لا يهتدي إلى سبل السعادة الدنيوية والأخروية إلا بالوحي المنزل على الرسل
عليهم الصلاة والسلام، ولعلم الله عز وجل بعجز الإنسان عن معرفته بتفاصيل الهداية وعجزه
عن أسرار الكثير من التشريع الإلهي بين الله تعالى هذه الحقيقة للناس فقال سبحانه: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
وأكمل فضيلته: وقد قضى ربنا وحكم ووعد بأن السعادة في الحياة بعد الموت وحياة النعيم الأبدية في كلمتين: في الإيمان بكلام الله تعالى وفي العمل بكلام الله، وتاريخ البشرية والرسل عليهم الصلاة والسلام مع أممهم شاهد صدق وناطق بالحقائق التي لا ينكرها أحد على أن السعداء والمفلحين والفائزين والمصلحين للأرض والناجين من خزي الدنيا وعذاب الآخرة والأخيار هم الرسل وأتباعهم الذين آمنوا بكلام الله وعملوا به.
وأكمل: ألا تحب أيها الإنسان أن تكون معهم، وأول البشر أبونا آدم صلى الله عليه وسلم لم ينل الاصطفاء والهداية التامة بعد الخطيئة إلا بالإيمان بكلام الله تعالى والعمل به قال تعالى: (فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ثم مَنَّ الله بعد آدم عليه الصلاة والسلام بكلامه ووحيه سبحانه على الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وأثنى عليهم وعلى أتباعهم بأبلغ الثناء؛ لما قبلوا آيات الله وعملوا بها ودعوا الناس إليها.
ثم مَنَّ الله بعد آدم عليه الصلاة والسلام بكلامه ووحيه سبحانه على الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وأثنى عليهم وعلى أتباعهم بأبلغ الثناء؛ لما قبلوا آيات الله وعملوا بها ودعوا الناس إليها.
وأضاف فضيلته: فالإيمان بالله وكلامه والعمل به هو الفوز والفلاح وسعادة الدنيا ونعيم الآخرة، ولا يقبل الله طاعة العبد ولا ينجو من النار أحد إلا بالإيمان بكتب الله مع أركان الإيمان، ولا يُصلح الأرض ولا يصلحُ المجتمع إلا كلام الله وتشريعه وإقامة كتابه الذي هو سبب في سعة المعايش والأرزاق.
وبيّن فضيلته: وهذا النبي الكريم على الله خصه الله عز وجل بهذه الشريعة التامة السمحة الكاملة التي وسعت الناس كلهم وكان الفضل فيها للتقوى عند الله تعالى، ومَنّّ الله تعالى على البشرية هذا القرآن الذي بيَّن الله فيه الحق فيما اختلف فيه أهل الكتاب فجاء هذا النبي الأمي بملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي أثنى الله عليه بقوله: (مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (67) إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ).
وأضاف: فكمال هذه الشريعة والرحمة فيها أنها تحقق وتلبي حاجات الناس كلهم بالعدل والوفاء والحق، وترتقي جوانب الحياة إلى أعلى المستويات في كل جانب، وما يكون من نقص عند بعض المسلمين فليس من الشريعة إنما هو من الجهل في التطبيق بقصد أو بدون قصد، ولم تعجز الشريعة الغراء ولن تعجز عن الحكم الشرعي في كل معضلة ونازلة تنزل بالأمة، لأن مصادر التشريع والأحكام ثابتة لا تتغير ولا يدخلها الهوى، فالأحكام الشرعية تؤخذ من كتاب الله فإذا لم يكن الحكم في كتاب الله أُخذ الحكم من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن في السنة فيرجع إلى الإجتماع وهو اتفاق العلماء المجتهدين على حكم حادثة، ولا يحل مخالفتهم، والإجماع لا يكون إلا مستندًا إلى نص، فإن لم يكن إجماع فالرجوع إلى القياس الصحيح وهو إلحاق فرع بأصل لعلة تجمع بين الأصل والفرع، وقد عمل بالقياس الصحيح الصحابة ومن بعدهم، وقد بسط القول في القياس الصحيح الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (إعلام الموقعين عن رب العالمين) بما لم يسبق إليه، والمقصود أن الشريعة الإسلامية كاملة تامة ضمنت مصالح الناس الدينية والدنيوية وأنها مبنية على كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، من تمسك بها نجا ومن تخلف عنها هلك وما أشبهها بسفينة نوح عليه الصلاة والسلام، وكما حكم الله بالسعادة في الدنيا والنعيم في الآخرة لمن آمن بكلام الله وعمل بشريعته كذلك حكم الله وقضى بأن العذاب والشقاء في الدنيا والخلود في النار لمن كذّب بكلام الله وترك العمل به.