ألقى فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام درسه العلمي من كتاب نيل المرام من تفسير آيات الأحكام للإمام محمد صديق حسن خان مفتتحاً درسه في تفسير قول الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ لِلَّهِ فَإِن أُحصِرتُم فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهَديِ وَلا تَحلِقوا رُءوسَكُم حَتّى يَبلُغَ الهَديُ مَحِلَّهُ..﴾.
وبيّن فضيلته أن اختلاف العلماء في المعنى المراد بإتمام الحج والعمرة، فقيل أداؤهما والإتيان بهما من دون أن يشوبهما شيء مما هو محظور ولا يخل بشرط ولا فرض وقيل: إتمامهما بأن يخرج لهما لا لغيرهما، وقيل إتمامهما أن يفرد كل واحد منهما من غير تمتع ولا قران، وقيل إتمامهما أن يحرم لهما من دويرة أهله، وقيل أن ينفق في سفرهما الحلال الطيب، وبالجملة فإن المقصود إتمام الحج والعمرة ظاهريًا بإدائها وفق ماشرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإتمامهما باطنيًا بأن يكون خالصًا لله تعالى وحده دون سواه، بعيدًا عن الرياء والسمعة.
وأوضح فضيلته أن الأمة قد اتفقت على وجوب الحج على من استطاع إليه سبيلا حيث استدل أهل العلم بهذه الآية على وجوب العمرة لأن الأمر بإتمامها أمر بها وهو الصحيح، وقال آخرون بأنها سنة، كما تحدث عن اختلاف الأئمة في معنى "المحصر" في الآية فقالت الحنفية المحصر: من يصير ممنوعا من مكة بعد الإحرام بمرض أو عدو أو غيره، وقالت الشافعية وأهل المدينة أن المراد بالآية حصر العدو، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن المحصر بعدوّ يحل حيث أحصر وينحر هديه، ويحلق رأسه كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه في الحديبية مشيراً أن المحصر إن كانت حجته حجة الإسلام فعليه قضاؤها وإن كانت بعد حج الفريضة فلا قضاء عليه.
واختتم فضيلته بدعاء المولى القدير أن يديم على هذه البلاد أمنها وأمانها ورخاءها واستقرارها، وأن يديم العز علينا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حفظهم الله، إنه ولي ذلك والقادر عليه.