ضمن الدورة العلمية "بُلْغة الناسك إلى فقه العقيدة والمناسك"، ألقى معالي الشيخ الأستاذ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، درساً "عن بعد" في رحاب المسجد الحرام تحت عنوان (وصايا لحجاج بيت الله)، وقال معالي الشيخ: فضل الحج عظيم وثوابه جزيل وهو من الجهاد في سبيل الله عز وجل لما يلاقيه الحاج من المشقة والسفر والتنقلات فهو من الجهاد في سبيل الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، والله جل وعلا شرع الحج لعباده وجعله ركنا من أركان الإسلام الخمسة الحج إلى بيت الله الحرام، ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهو مرة واحدة في العمر على المستطيع وما زاد عن المرة الواحدة فهو نافلة من أفضل النوافل والقربات والطاعات، فالحج إلى بيت الله الحرام فضله عظيم يكفّر الله به الذنوب ويغفر به الخطايا ويعظم به الأجور، والحج كما هو معلوم هو الركن الخامس من أركان الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" ومن رحمة الله أنه لم يوجب الحج إلا على المستطيع، المستطيع بدنيا يعني يباشر الحج بنفسه أو المستطيع ماليا إذا لم يستطع بنفسه لكنه مستطيع بماله فإنه ينيب من يحج عنه، جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أبي أدركته فريضة الله في الحج وهو لا يستطيع الركوب على الراحلة أفأحج عنه قال: " نعم حجي عن أبيك" فالحج تدخله النيابة لأنه عمل مكون من بدني ومن مالي فتدخله النيابة كما في هذا الحديث فمن استطاع بدنيا وماليا فإنه يباشر الحج بنفسه ومن استطاع الحج ماليا ولم يستطعه بدنيا فإنه ينيب من يحج عنه حجة الإسلام مرة واحدة في العمر وما زاد فهو تطوع ومن أفضل أنواع التطوع.
ويتعين على من يريد الحج أي يعرف أحكام الحج ويتعلمها و يتفقه فيها ليؤدي حجه على الوجه المشروع الموافق لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول عليه الصلاة والسلام "خذوا عني مناسككم" أي تعلموا مني كيف تحجون وكيف تعتمرون لأنه القدوة "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" وهكذا المسلم في كل عبادة يجب عليه أن يقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم فكما قال "خذوا عني مناسككم" قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" والله جل وعلا قال: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر" وهذا يستدعي ممن يريد الحج أن يتفقه فيه بأن يقرأ صفة الحج وأحكامه من الكتب المؤلفة في ذلك فمنها مختصرات ومنها مطولات فيقرأ ويسأل عما أشكل عليه، وإذا كان لا يقرأ فإنه يسأل أهل العلم عما أشكل عليه قال تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وإذا كان فيهم من العلماء أو من طلبة العلم من يصاحبهم فهذا أفضل وأتم ليؤدوا حجهم و عمرتهم على بصيرة وموافقة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعليه أن يجتهد في ذلك بأن يقرأ قبل أن يباشر الحج، يقرأ في الكتب المختصرة الموثوقة والكتب المطولة إذا كان عنده استعداد لذلك، وإذا أشكل عليه شيء فإنه يسأل أهل العلم ليبينوا له ما أشكل عليه ولا يبقى في جهله.
وأضاف معاليه أن الحج عبادة والعبادة لابد أن تؤدى على الوجه المشروع ويتوفر فيها شرطان الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل، والشرط الثاني المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولن تتمكن من متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا إذا تعلمت وقرأت وسألت أهل العلم حتى تكون على بصيرة لمناسك حجك وعمرتك وتؤديها على الوجه المشروع مخلصا لله في ذلك هذا هو السبيل الصحيح لمن يريد الحج أو العمرة، وعليه اختيار الرفقة الصالحة وعليه أن يتزود للحج لئلا يبقى عالة على غيره قال الله سبحانه وتعالى "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى" تزودوا يعني خذوا الزاد للسفر لئلا تحتاجوا إلى الناس فالذي ليس عنده زاد ولا مال فليس عليه حج لأن الله جل وعلا قال "من استطاع إليه سبيلا" فمن استطاع بدنيا وماليا فإنه يحج مباشرة بنفسه ومن استطاع ماليا ولم يستطع بدنيا وكان ذا مرض مزمن أو هرم فإنه يقيم من يحج عنه بالنيابة.