الخميس, 15 حزيران/يونيو 2023 17:47

معالي الشيخ فهد الماجد: المناسك شُرِعَت لإقامة ذكر الله، وبقدر ذِكر الله في العبادة يعظُم أجرُها ويزيد

قيم الموضوع
(1 تصويت)

ألقى معالي الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد الأمين العام لهيئة كبار العلماء، درساً في رحاب المسجد الحرام تحت عنوان (آيات الحج)؛ وذلك ضمن الدورة العلمية "بُلْغة الناسك إلى فقه العقيدة والمناسك".

وافتتح معاليه الدرس بحمد الله والثناء عليه، ثم الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقال: إن الإسلام بُنِيَ على دعائم خمس أحَدُها الحج لله بإجماع العلماء، والحج لغةً هو القصد أو كثرة القصد والترداد، وهو شرعا: قصد مكة المكرمة لأداء نُسُكٍ مخصوص.

ثم ذكَر معاليه آيات الحج ووقف معها وقفات:
أولا: قول الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١۸۹] ومعنى الآية: إن ناساً سألوا النبيَ صلى الله عليه وسلم عن الأهلِّة ما بالها تبدو صغيرة ثم تكبر ثم تصغُر حتى تختفي ثم تظهر مرة أُخرى وهكذا؟ فأجابهم اللهُ بما ينفعهم في دينهم دنياهم بأنها مواقيت يوقتون بها أمورهم في دنياهم كالديون والبيوع، ويوقتون بها أمور دينهم كرمضان والحج.

ثانياً: وقفة مع قول الله تعالى إلى آخر آيات الحج هذه المتتالية: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ... الآيات﴾ [البقرة: ١۹٦ - ١۹٧] وإتمام الحج والعمرة لله له عدة معانٍ، أعظمها: إخلاص الحج والعمرة لله وحده (اللهم حَجّةٌ لا رياء فيها ولا سُمعة). ومن صُوَر إتمام الحج والعمرة لله: أن يأتي بأركانها وواجباتها لا يُنقِص منها شيئا، ولا يحصل هذا إلا بالتفقه في أحكام المناسك ومعرفة سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

ومن صور الإتمام: أن يأتي بسننها ومستحباتها والسكينة والاطمئنان ونحو ذلك، ومن صور الإتمام: أن لا يخرُجَ من حجته وعمرته إلا بإتمامها أو بما أذِنَ اللهُ به وهو الهَدْي، وقد أمر الله بالتقوى في أول آيات الحج وفي آخرها، بل عند الأمر بالعبادات يوصي بالتقوى كالأمر بالصيام وكالأمر بعبادة الله وحده.

ولذلك على العبد أن يتقي اللهَ في عباداته ويقوم بها على أكمل وجه. لذلك قال الله بعدها: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١۹٧] لذلك يتأكد على العبد أن يجتنب الرفث والفسوق والجدال بما لا ينفع في الحج ليكون حجه كاملا مبرورا.

وأشار معالي الشيخ إلى أن أشهر الحج هي: شوال، وذو القَعدة، وذو الحجة أو عشر ذي الحجة على خلاف بين العلماء، ‏﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ فيها دليل على وجوب إكمال الحج على من أحرَم بِه ولو كان نفلا، ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ﴾ فيها إشارة إلى بقية محظورات الإحرام، ﴿وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ لأن اللهَ يريد مِن الحاجِّ أن يكون خاضعا خاليا له منطرحا بين يديه، والجدال ينافي ذلك، ‏﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ بعد أن نهاهم عن منكرات رغَّبَهُم في الطاعات والخيرات كلها، كإفشاء السلام وإطعام الطعام والطمأنينة في الجموع والزحام ولِين الكلام وغير ذلك، ‏﴿وَتَزَوَّدُوا﴾ بالطعام والراحلة ونحوها لئلا يمد الحاج يده لأحد ويستغني عن الناس. ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾، ‏﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: ١۹۸].

معنى الآية أنه لا بأس للحاج أن يتاجِر وهو حاج لئلا يمد يده لأحد، والمشعر الحرام هو مزدلفة، وهي مِن الحَرَم، وعرفة مِن الحِل كما دلت الآية.

وأضاف أن هذه الآية والتي بعدها فيها سرد مَهيب لمناسك الحج ‏﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ كرر الأمر بالذِّكر لأن المناسك إنما شُرِعَت لإقامة ذكر الله، وبقدر ذِكر الله في العبادة يعظُم أجرُها ويزيد، والدعاء بحضور قلب مِن أعظم الذِّكر، والحج يعلِّمُ العبدَ الاستجابة لأمر الله والمتأمِّل في أعمال الحج وتنقلاته يرى ذلك واضحا جَلِيًّا.

كما أوصى معالي الشيخ الحجاج أن يتعاونوا مع الجهات المختصة في تنظيم الحج طاعة لله في طاعة أولي الأمر، وعليهم أن يستشعروا حُرمة الزمان والمكان الذي هم فيه ويحافظوا على نظافته ويعظِّموا اللهَ بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

msg5347534764 1839msg5347534764 1840msg5347534764 1841msg5347534764 1842
قراءة 726 مرات