حث معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس خلال إلقاءه كلمة توجيهية بمقر منسوبي وزارة الدفاع في مشعر منى، على إخلاص النية واستشعار عظمة شعيرة الحج والحفاظ على الأمن والدفاع عن الوطن وحفظ أمن الحج والحجيج.
حيث ذكر معاليه عن إخلاص النية لله -تعالى-: إن النية عزيزة في الأعمال، وعليها مدار صلاح العمل والقَبول، وإن كل عمل يقوم به المسلم يبتغي أن يجعل نيته فيه خالصًا لله، ولا سيما في رباطكم على ثغر من ثغور الذَّود عن حمى هذه البلاد المباركة، المملكة العربية السعودية -حرسها الله-، وسهركم على تأمين الحج وأمن حجاج بيت الله الحرام، فالإخلاص يزيدكم توفيقًا وبركة، ويمدَّكم بالعون والتسديد، ويقوِّي من عزيمتكم.
وحول الحفاظ على الأمن مطلب قال: مِن مقاصد الشريعة الإسلامية؛ استتباب الأمن، فبه انتظام الحياة واستقامتها، واستدامة إقامة العبادات والشعائر، قال تعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [آل عمران:3-4]. إذا رُزق الناسُ الأمانَ فإنما *** يَطيبُ لهم عيشُ الحياةِ مع اليُمن، ولا يَعمُرُ الأرضَ المُخيفَةَ عامرٌ *** لأن فسادَ الأرضِ مِن غَيبةِ الأمن.
وحول الدفاع عن الوطن أشار معاليه تضطلع وزارة الدفاع بشرف حماية دولة التوحيد، المملكة العربية السعودية، والذَّود عنها جوًا وبرًا وبحرًا، من أي مساس أمني واستهداف في مقدراته، والتي تعكس في حمايتها: حماية للحرمين الشريفين، وإقامة الشعائر في المشاعر، قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة:125-126].
وعن التوأمَة بين الأمن والحج قال: العلاقة بينهما لا ينفكان، فتأمين هذه البلاد المباركة من أي عدوان وصده؛ تأمين لهذه الشعيرة العظيمة، وتأمين لمؤديها، وإدامة إقامتها في سلامة واطمئنان، ومن رجع قليلًا إلى قبل تأسيس هذه الدولة المباركة، على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-؛ علم حقَّ اليقين المهالك التي كان يجدها الحاج؛ ليبلغ البيت الحرام والمشاعر المقدسة.
أما الحفاظ على أمن الحج والحجيج فأمن الحج والحفاظ عليه وتأمينه من أي عدوان يعكِّر صفوه، سواء خارجي أو داخلي، ليس مهمة سهلة، وتحديدًا حينما تكونُ -بعد الله- مصدرَ أمان لهذه الجموع المليونية، في مساحة جغرافية صغيرة محدَّده، وزمن محدَّد، وتنقلات سريعة، بين مبيت ووقوف ونفرة، مع تتعدد الثقافات، واللغات، والمرجعيات، لهؤلاء الحجاج، والعمل على توجيه المجموع نحو تنظيم واحد، ولغة واحدة، وهذا كله يتطلب يقظة مستمرة، ودربة عالية.
كما ذكر معاليه الشرفٌ والاصطفاء قائلا: أن يصطفيكم الله للتواجد في هذه البقعة الطاهرة؛ لتأمين شعيرة الحج، ولخدمة ضيوف الرحمن وفد الله، شرف لا يضاهى، ووسام يحتم البذل والعطاء، والقيام بتوجيهات القيادة على أتم وجه.
كما بين معاليه إن اختياركم لخدمة حجاج بيت الله الحرام، يحمِّلكم أمانة إظهار ما يحمله رجل الأمن السعودي خاصة، والشعب السعودي عامة؛ من المعاني الإنسانية، والمرؤة والشهامة، واللمسات الحانية، وحزمه في الجد، ولِين عريكته دون ضَعف.
وأكد معاليه إبراز جهود المملكة العربية السعودية قائلا: إن في إبراز مهاراتكم القيادية والعسكرية والإنسانية في تأمين الحج والحجيج، وخدمتهم وعونهم على أداء نسكهم، يُظهر حجم ما تبذله المملكة العربية السعودية -حرسها الله-، وتسخِّر من الأجهزة والقطاعات، وتهيء من الكوادر البشرية المدربة، وتُعكس مدى اهتمام وحرص خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- بهذا النُّسك.
فيما خص معاليه الأجر والمثوبة قائلا: إن تأمينكم للحج والحجيج وخدمتهم، من المنافع المتعدية، ولئن ذهب الحاج بأجر حجِّه، فلتهنؤوا بأجر كل حاج كنتم سببًا في أداء نسكه، فبسدِّكم لثغر الأمن والدفاع عنه -مع إخوانكم في القطاعات الأخرى- أُقيمت شعيرة الحج في انسيابية تامة، وأمن وأمان.
ثم شكر معاليه منسوبي وزارة الدفاع قائلا: لكم الشكر الماطر، والثناء العاطر، على ما تقومون به من الدفاع عن أمن مملكتنا الغالية، المملكة العربية السعودية، والحفاظ على أمن الحج وحجيج بيت الله الحرام، فتسهرون لننام، وتتعبون لنَنْعم، وتبذلون الجهود المضنية لنهنأ، وتحملون أرواحكم رخيصة على أكفكم لنأمَن، فجزاكم الله عنَّا وعن حجيج بيت الله الحرام، الجزاء الأوفى والأكمل، عن كل نصَب أصابكم، وعن كل مسير أضناكم، وعن كل قطرة عسجد خرج منكم، فـ: "مَن لا يَشكُر الناس، لا يَشكُر الله" [الترمذي: 1954].