الجمعة, 15 أيلول/سبتمبر 2023 13:36

فضيلة الشيخ بندر بليلة في خطبة الجمعة: إنَّ رحمةَ ربِّنا سبحانه عامةٌ شاملة، عَمَّت الكونَ ومَن فيه، وآثارُ رحمته سبحانه ظاهرةٌ للعَيان، واضحةٌ للأنام، فبرحمته خلق الإنسان في أحسن تقويم، وسوَّى جِسمَه وأحيا روحَه، وأمدَّه بالعقل، وغَذَاه بالنِّعم

قيم الموضوع
(1 تصويت)

أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة إمام وخطيب المسجد الحرام.

وبعد أن حمد الله تبارك في علاه استهل خطبته قائلاً: أوصيكم أيها الناسُ ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله رحمكم الله، فالتقوى أفضلُ المكاسب، وأجزلُ المواهب.

أيها المؤمنون:
معرفةُ اللهِ تعالى أصلُ الدين، وسُلَّمُ اليقين، واللهُ سبحانه له من الأسماءِ أكرمُها، ومن الصفاتِ أعظمُها، ومن أسمائه سبحانه الرحمنُ والرحيم، ومِن صفاتِه الرحمة، وهي صفةُ كمالٍ لائقةٍ به سبحانه، لا نقصَ فيها بوجه من الوجوه، قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ عالِمُ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ﴾ ، وقال تعالى: ﴿قُل لِمَن ما فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ قُل لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ﴾.
 
عبادَ الله:
إنَّ رحمةَ ربِّنا سبحانه عامةٌ شاملة، عَمَّت الكونَ ومَن فيه، قال تعالى: ﴿وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ﴾
وقال سبحانه عن دعاء الملائكة للمؤمنين: ﴿رَبَّنا وَسِعتَ كُلَّ شَيءٍ رَحمَةً وَعِلمًا﴾.
وآثارُ رحمته سبحانه ظاهرةٌ للعَيان، واضحةٌ للأنام، فبرحمته خلق الإنسان في أحسن تقويم، وسوَّى جِسمَه وأحيا روحَه، وأمدَّه بالعقل، وغَذَاه بالنِّعم
﴿الرَّحمنُ ۝ عَلَّمَ القُرآنَ ۝ خَلَقَ الإِنسانَ ۝ عَلَّمَهُ البَيانَ﴾.

وأضاف فضيلته أنّ من آثار بحمته سبحانه أنْ خَلَقَ الشمسَ والقمر، وجَعَل الليلَ والنهار، وبَسَط الأرض، وجعلها مِهادًا وفِراشًا وقرارا، وكِفاتًا للأحياء والأموات، قال تعالى: ﴿تَبارَكَ الَّذي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُروجًا وَجَعَلَ فيها سِراجًا وَقَمَرًا مُنيرًا ۝ وَهُوَ الَّذي جَعَلَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ خِلفَةً لِمَن أَرادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أَرادَ شُكورًا﴾.

وبرحمته سبحانه أرسلَ الرُّسُل، وأنزلَ الكتب؛ هُدىً للخَلْق بعد ضلالة، وتعليمًا بعد جَهالة، وتبصيرًا مِن عَمى، ورُشدًا مِن غَي، قال تعالى: ﴿لَقَد مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤمِنينَ إِذ بَعَثَ فيهِم رَسولًا مِن أَنفُسِهِم يَتلو عَلَيهِم آياتِهِ وَيُزَكّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، وقال تعالى: ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَنَزَّلنا عَلَيكَ الكِتابَ تِبيانًا لِكُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً وَبُشرى لِلمُسلِمينَ﴾.

ونوّه فضيلة إمام المسجد الحرام بأنّ من دلائل رحمةِ الله سبحانه: إنشاءُ السحاب، وإنزالُ الغيث، وإحياءُ الأرضِ بعد موتها، فمنها يأكلُ الخلقُ ويقتاتون ويدَّخرون، قال تعالى: ﴿فَانظُر إِلى آثارِ رَحمَتِ اللَّهِ كَيفَ يُحيِي الأَرضَ بَعدَ مَوتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحيِي المَوتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾.

ثم بيّن فضيلة الدكتور بندر بليلة أنّ الله سبحانه وضعَ الرحمةَ بين عباده وبين الحيوان ليتراحموا، فما رحمةُ الأمُّ بأولادها، وما رحمةُ القلوبِ البشريةِ بالضعفاء، وما رحمةُ الطيرِ والوحشِ بعضها ببعض، إلا فيضُ رحمةٍ من رَحَمات الرحيم سبحانه، عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النبي ﷺ قال: (إن لله مائةَ رحمة، أنزل منها رحمةً واحدةً بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تَعطِفُ الوحشُ على ولدها، وأخَّرَ اللهُ تسعًا وتسعين رحمة، يرحمُ بها عبادَه يوم القيامة) أخرجه مسلم، قال ابنُ القيم رحمه الله: (وأنت لو تأملتَ العالمَ بعَينِ البصيرةِ لرأيتَه مُمتلئا بهذه الرحمةِ الواحدة، كامتلاء البحرِ بمائه، والجوِّ بهوائه).

واختتم فضيلته خطبته الأولى موضحاً أنه من رحمة الله سبحانه بعباده فَتْحُ بابِ التوبة لهم، ومغفرةُ ذنوبِهم، وسَترُ عيوبِهم؛ إذْ حِلمُه سبق غضبَه، وعفوُه سبقَ مؤاخذتَه، ثم يُدخِلُهُم جنتَه برحمته لا بأعمالهم فحسْب ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ﴾، عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن رسول الله ﷺ قال: (لما قضى اللهُ الخلقَ كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سَبَقتْ غضبي) وفي رواية: (غَلبتْ غضبي) أخرجه البخاريُّ ومسلم.

 وفي الخطبة الثانية أكّد فضيلة الشيخ بندر بليلة أنَّ أسعدَ الناسِ برحمة اللهِ مَن جانبَ المعاصي والمحرمات، وأقبل على الطاعات والقُرُبات، قال تعالى: ﴿إِنَّ رَحمَتَ اللَّهِ قَريبٌ مِنَ المُحسِنينَ﴾ .
وقال تعالى: ﴿وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكتُبُها لِلَّذينَ يَتَّقونَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَالَّذينَ هُم بِآياتِنا يُؤمِنونَ﴾.

والاستغفارُ جالبٌ للرحمة، دافع للنِّقمة، قال تعالى: ﴿لَولا تَستَغفِرونَ اللَّهَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ﴾.
ومَن رَحِم عبادَ اللهِ رحمهُ الله، وفي الحديث: (إنما يَرحمُ اللهُ مِن عباده الرحماء).
3213A7A2 4034 4141 B14D 8B9F27C2EFA6C592F35A 5003 403B A1D9 4914F1227EBDE5D83BD2 F0B8 475A 9201 0D54599F082EA4FB8FCF 23AA 4450 9EE9 D38D2E6AB767F4F22E4A 7497 48B1 A53D 288F68E549C109AB7610 C035 49E1 8769 97287E7787FC0A9187AD 55E5 4F98 804A AD1AEBF13169468F4090 4113 4569 8A06 5C78F63B6AD7
قراءة 876 مرات آخر تعديل في الجمعة, 15 أيلول/سبتمبر 2023 13:53