أم إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عواد الجهني المصلين في يوم الجمعة بالمسجد الحرام واستهل فضيلته خطبته قائلًا: أيها الناس اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه مراقبة من يعلم أنه يسمع ويرى، واستمسكوا بالعروة الوثقى، و آثروا ما يبقى على ما يفنى، فالآخرة باقية، والدنيا فانية، وارغبوا فيما عند الله، فما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.
مضيفاً: ما أحوج المسلمين في هذا الزمن المملوء بالفتن والإحن والمحن المملوء بالحقد والضغائن ، المحفوف بالعقوبات والأخطار ما أحوجهم إلى تقوية الصلة بالله للتغلب على عوامل الفساد ودعاة الهلاك ، وإن أقوى الصلات بالله -عز وجل - وأقربها إليه هي الصلاة، فالصلاة قوة لها نفوذ تنفذ إلى أعماق النفس وإلى أحاسيس الضمير تطهر من الخبائث والفواحش ، يستعين بها المسلم على نفسه وشهواته وشيطانه , وهي وسيلة من وسائل الشكر لله سبحانه وتعالى، على ما أنعم على العبد من نعم لا تعد ولا تحصى، فواجب على العبد المسلم، أن يظهر للإله المنعم المتفضل، الخضوع والعبودية بأداء الصلاة التي فرضها عليه، تعبيراً عن شكر الله تعالى، وإقراراً بربوبيته، واعترافاً بفضله ونعمه.
وأكد فضيلته أن الصلاة هي عماد الدين الأرفع، وأن من حافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع قال تعالى : ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾ وقال تعالى :( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وأنها بعد الشهادتين أعظم أركان الدين اعتباراً وثبوتاً، وكرر الله تعالى ذكرها في القرآن الكريم معرفا بالألف واللام سبعا وستين مرة في ثمان وعشرين سورة ، تارة يأمر بإقامتها وأدائها في أوقاتها المختصة بها على أكمل وصف قال تعالى: ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) ، وتارة يمدح فاعلها ويثني عليه وما يناله من الأجر والثواب، وتارة يذم تاركها ويبين عقوبته.
فاتقوا الله وأحسنوا صلواتكم، يحسن الله أحوالكم ، واطمئنوا في الركوع والسجود والاعتدال بعد ركوعكم وبين السجدتين في القعود ، فإن الإخلال بالطمأنينة مبطل للصلاة قطعاً ، والمصلي بغير اطمئنان وسكون في الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ، ألا وإن روح الصلاة الخشوع والخضوع وعمادها تدبر القراءة في القيام وتدبر التسبيح في السجود والركوع، ولعظم شأن الصلاة فإنها لا تسقط عن العاقل البالغ بحال ولا تترك إلى الكفاءة والإبدال ولا تجزئ فيها النيابة ولا عذر للمكلف في تركها ولو في حالة القتال، والمحافظ على الصلاة في الجماعة يُشهد له بالإيمان، ومن ترك فعلها جماعة في بدو أو قرية فقد استحوذ عليه الشيطان.
وفي ختام خطبته أوصى الدكتور الجهني عباد الله: أن امتثلوا المأمور، واجتنبوا المحظور، وأمروا أولادكم وأهليكم بأدائها والمحافظة عليها، فإنكم عنهم مسؤولون، وأعدوا زاداً كافياً ليوم البعث والنشور، ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، وجعلني الله وإياكم ممن تاب وأناب وغفر لنا بمنه وكرمه و وقانا سوء الحساب.