الجمعة, 06 أيلول/سبتمبر 2024 13:43

معالي الدكتور صالح بن حميد في خطبة الجمعة من المسجد الحرام يدعوا إلى صلاح القلب والاستقامة

قيم الموضوع
(5 أصوات)


أمّ وخطب المصلين لصلاة الجمعة من المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد.

واستهل خطبته قائلًا: إن للحق نورا، وللفضيلة جمالًا، والحكمةُ البالغةُ، والموعظةُ الحسنةُ حين تكون في كلماتٍ رصينة، وخطابٍ رفيق تُقْبِل عليها النفوس، وتأنس بها العقول؛ من حجة ظاهرة، وبرهان جلي، في رفق وأدب: دالةٍ على أن لكل مقام مقالًا، ولكل طبقة خطابًا.

أيها المسلمون: يقول أهل العلم: الاستقامة على الحق تكون في سلوكِ سبيلِ الهدى، وطيبِ الغذاء، والجدِّ في تحصيل التقوى، وملازمةِ الذكر، ولزومِ الشرع، وتعظيمِ حرمات المسلمين، ومن استقام باطنه استقامت أموره.

والخيرُ في خمس خصال: لباسِ التقوى، والثقةِ بالله، وكسبِ الحلال، وغنى النفس، وكفِّ الأذى، وأدوأُ الداء خلقٌ دنيء، ولسانٌ بذيء.

واعلموا رحمكم الله أن إمهال الله ليس إهمالا، فالعبد مُساءل ومجازى، ولا يتعظ إلا أهل الخوف والخشية، وكفى بالمرء علمًا أن يخشى الله، وكفى به جهلا أن يعجب بعمله.

وليحذر العبد الناصح لنفسه من خشوع الظاهر وفجور القلب، وليستح العبد أن يُصلح ما ظهر للخلق، ولا يُصْلحْ ما يعلمه الخالق جل وعلا (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم)، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن ستر عورة أخيه ستر الله عورته، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ثم يفْضَحْه ولو في جوف بيته).

أيها المسلمون: والصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، والكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وصحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، والحسد يُولِّد قلة الشفقة بالمسلمين، وبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.

ومِنْ ظُلْمِ العبد لنفسه أن يجد لنفسه عذراً في كل شيء ولا يعذر إخوانه في أي شيء، ولا يعتذر إلا القوي، ولا يسامح إلا الأشجع، ولا ينسى إلا الأسعد.

واعلموا – رحمكم الله – أن الخلق لا يذمون العبد إلا بمقدار ما جعل الله في قلوبهم، ومن خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد، وعلى قدر حب العبد لربه يحبب إليه خلقه، وكلما زاد خوفه من ربه ألقى الله مهابته في عباده.

يا عبد الله: قُلْ الصدق، والزمْ الحق، واعمل الصواب، وسوف يرضى الناس ولو بعد حين، وهمُّ الدنيا ظلمة في القلب، وهمُّ الآخرة نور في القلب، والغضبُ عقابٌ يعاقب به المرء نفسَه والمخطئُ غيرُه، والصداقة خسارة إلا ما صافيت، والمال حسرة إلا ما واسيت، والمخالطة تخليط إلا ما داريت.

وليعلم العبد الصالح الناصح لنفسه أن اختيار الله خير له من اختياره لنفسه، فالعبد مدبَّر لا مدبِّر، وسخطه لا يغير القضاء، فليلزم طريق الرضا بالقضاء، والثبات يكون عند الابتلاء، أما في زمن العافية فالثابتون كثير، والرضا حين البلاء، أما في حال طيب العيش فالراضون كثير.

ومن أطاع مطامعه استعبدته، ومن زادت مطامعه هان عليه دينه، والأطماع تقطع أعناق الرجال، وليُعلم – عباد الله - أن سبب الخلاف بين الناس إما مقصود لم يفهم أو مفهوم لم يقصد.

معاشر الإخوة: ومن تعامل مع أدوات التواصلَ فْليُذَكِّر بفريضة، ولْيدُلَّ على سنة، ولينبِّه على خطأ، ولينصحْ باحتساب، وليحتسبْ الأجر والثواب، وليحرصْ على جمع الكلمة، وإحسان الظن، وليحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه، وليظنَّ بأخيه الخير، وليتق شر ظنون نفسه.

وليحذر أن يكون الناصح لنفسه في هذه الأدوات ممن يتجول بدلاء فارغة، ويجعل عقله مستباحا لمتطفلي هذه الأدوات الثرثارين بما لا ينفع.

فيالسعادة عبد رزقه الله توبة تحفظه من الإصرار، وخوفاً يقيه من التسويف، ورجاءً يقصر عنده الأمل، وعَمَر وقته بذكر ربه في توحيد خالص وإخلاص صادق، وكلُّ ساقٍ سيُسقى بما سقى، ومن ذُكِّر فلم ينزجر فهو محروم، ومن دخل فيما لا يعنيه فهو الملوم، واتقوا يوما يقول فيه العبد.

وذكر معاليه في خطبته الثانية: احرص – حفظك الله – على أن تكون ممن إذا علم رفق، وإذا سُئل بذل، وكن عونا للمسترشد، وحليف الصدق للمستنصح، ومستودع البر للمسترفد، قريبَ الرضا، بعيدَ الهمة، الحقُّ مبتغاك، والحياءُ سترُك، والورعُ سربالُك، في بصائرَ من النور تبصرها، وحقائقَ من العلم تأخذ بها، وإذا زللت فارجع، وإذا أخطأت فاعتذر، وإذا أذنبت فأقلع، وإذا جهلت فاسأل، وإذا غضبت فأمسك، واعلم أن لك الفضل ما لم تر فضلك، فإذا رأيت فضلك فلا فضل لك.
IMG 20240906 134128 168IMG 20240906 134127 880IMG 20240906 134127 829IMG 20240906 134127 562
قراءة 284 مرات