أمّ إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح البدير المصلين في يوم الجمعة واستهل خطبته قائلاً : الحمد لله الذي نهانا عن الغيبة والنميمة والبهتان، أنعم علينا بنعمه السابغة البالغة فحقٌ أن يحمد ويشكر ويذكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله، نصح أمته ووعظ وأرشد وذكّر صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة زاكية، ما سعى ساعٍ لرزقه وبكّر.
أما بعد، يا أيها المسلمون، اجعلوا التقوى زادكم والآخرة أمامكم، واستثمروا بالطاعة حياتكم.
أيها المسلمون، من علامة العقل وطهارة النفس وقوة الإيمان التحفظ في المنطق، ومن صلح جنانه صلح لسانه، والتنزه عن الغيبة والتحرز من سماعها والرضا بها دأب الصالحين المشفقين من العذاب وسوء الحساب، فلا يستغيبون أحداً ولا يمكِّنون أحداً أن يستغيب بحضرتهم لما في الغيبة من ذميم العاقبة واستجلاب الضغائن وإفساد الإخاء.
قال بعض العلماء: "أدركنا السلف وهم لا يرون العبادة في الصوم ولا في الصلاة ولكن في كفّ الأذى عن أعراض الناس"، وقال آخرون "كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدوراً وأقلهم غيبة".
يقول الله عز وجل: "وَلَا يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ"، فالغيبة إدام اللئام ومرعى الآثام.
والغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه، سواء ذكرت نقصاً في بدنه، أو خلقه، أو دينه، أو ماله، أو غير ذلك.
واستهل فضيلته خطبته الثانية قائلاً : الحمد لله الذي آوى من إلى لُطْفه أوى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، من اتبعه كان على الهدى، ومن عصاه كان في الغواية والردى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه.
أيها المسلمون، ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردها، ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام والنصيحة تنحى عنه وفارق مجلسه.
وقال عمرو بن عبيد لرجل يستمع لآخر يغتاب: "صن سمعك عن سماع الغيبة -يا عبدالله-، نزهّ أذنك عن استماع الخنا كما تنزه لسانك عن النطق به".
ويجب على المغتاب التوبة بأن يقلع عن الغيبة ويندم على فعله ويعزم على ألا يعود إليها، ولا يشترط إعلام من اغتابه.