الجمعة, 15 تشرين2/نوفمبر 2024 14:24

فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله الجهني في خطبة الجمعة من المسجد الحرام: كَفَّ اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله ، و من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه

قيم الموضوع
(3 أصوات)

خطب وأمّ المصلين في المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله الجهني ، إمام وخطيب المسجد الحرام.

تحدث فضيلته في خطبته الأولى عن كف اللسان في الشر فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفصح العرب لساناً، وأوضحهم بياناً ، وأعذبهم نطقاً ، وأسدهم لفظاً، وأبينهم لهجة، وأقومهم حجة، وأعرفهم بمواقع الخطاب، وأهداهم إلى طرق الصواب، تأييدا ولطفا إلهيا ، وعناية ربانية ، ورعاية روحانية ، ولم يكن فاحشا متفحشاً ولا لعانا ولا طعانا ،  فاللسان رعاكم الله عضو من أهم أعضاء الجسد ، وهو من نعم الله تبارك وتعالى العظيمة على عباده امتن به عليهم فهو ترجمان الأفكار والقلوب ، وبه يُعَبِّرُ الإنسانُ عن مَكنونِ نَفْسِه، ويُظهِرُ ما يَحويه قَلبُه وعَقلُه ونَفْسُه مِنَ الخَيرِ أوِ الشَّرِّ، ومِنَ الإيمانِ والكُفرِ، وغَيرِ ذلك مِن دَواخِلِ الإنسانِ، وقد أُمِرْنا بإمساكِ اللِّسانِ عنِ السُّوءِ والشَّرِّ  .

وكَفَّ اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله ، ومن ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه .

وما لم يستخدم العاقل لسانه فيما يرضاه الله تعالى من الكلام كان وبالاً وحسرة على صاحبه يوم القيامة قال تعالى ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) .

وإن من أبلغ الوصايا وأقيمها وأجلها وأنفعها ، حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أصبح ابن آدم ، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ، تقول : اتق الله فينا ، فإنما نحن بك ، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا. رواه الترمذي.

وروي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى خليفة رسول الله أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهو يمد لسانه بيده فقال له : ما تصنع يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : هذا أوردني الموارد ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس شي من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان على حدته . رواه البزار وأبو يعلي وصححه الألباني رحمه الله.

ونصح فضيلته الناس بحفظ اللسان فقال: واعملوا رحمكم الله أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً تظهر المصلحة فيه ، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه قال صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ، رواه البخاري.

وقال عليه الصلاة والسلام: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) رواه البخاري.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى : ومن العجب إن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر الحرام، وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ والاحتراز من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالاً، ينزل في النار بالكلمة الواحدة أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل يتورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات لا يبالي ما يقول. انتهى كلامه رحمه الله .

وختم فضيلته خطبته الأولى بتحذير الناس من الكذب على الله فقال: إن من أعظم آفات اللسان العظيمة القول على الله بغير علم  والكذب والغيبة والنميمة والبهتان وقذف المحصنات الغافلات ، فزلة من زلات هذا العضو الصغير قد تؤدي بالإنسان إلى الهلاك والعطب ، فليحذر العاقل مما يجري به لسانه ، من انتهاك حرمات المسلمين ، وإساءة الظن، والطعن بالنيات ، والخوض بالباطل فيهم ، وعليه التعود على حفظ لسانه من الوقوع في القيل والقال ، حينئذ سيعتاد عليه ويستقيم أمره ، ويسهل عليه التحكم في لسانه وينجو من شرّه .

ولو أن عبدًا اختار لنفسه ما اختار شيئا أفضل من الصمت .
فرحم الله امرأً حفظ عن اللغو لسانه ، وعن النظر المحرم أجفانه ، وعن سماع الملاهي آذانه، وعمر أوقاته بالطاعات ، وساعاته بكتب الحسنات وتدارك بالتوبة النصوح ما فات، قبل أن يصبح وجوده عدماً، وصحته سقماً، وعظامه رفاتاً وحياته مماتاً في برزخ لا يبرح من نزله حتى يلحق آخر الخلق أوله ، فحينئذ زلزلت الأرض زلزالها ، وأخرجت الأرض أثقالها، وجوزيت الخلائق بأعمالها ، ووفيت جزاء كسبها وأفعالها ، فطوبى لعبد قال خيرًا فغنم ، أو سكت عن الشر فسلم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم:( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).

وحث فضيلته في الخطبة الثانية المسلمين عدم التدخل في شؤون الآخرين فقال: واعلموا رحمكم الله إن من محاسن إسلام المسلم وتمام إيمانه ابتعاده عما لا يخصه ولايهمه ولا يفيده وما لا يفيده من الأقوال والأفعال وعدم تدخله في شوون غيره ،وعليه الحذر من المعاصي والفواحش ما ظهر منها وما بطن .

واعلموا عبادالله أنكم مجزيون بأعمالكم ومحاسبون على أقوالكم وأفعالكم وكفى بالله محصيا بأعمال عباده ومجازيا لهم عليها ، قال تعالى :( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) .

 HIM6267 HIM6268 HIM6269 HIM6271 HIM6272 (4) HIM6273
قراءة 371 مرات آخر تعديل في الجمعة, 15 تشرين2/نوفمبر 2024 14:46