الجمعة, 28 كانون2/يناير 2022 14:25

فضيلة الشيخ أسامة خياط في خطبة الجمعة : كان من صفات عباد الرحمن، التخلِّي عن المفاسد، والتجافي عن الشرور، حيث تنزَّهوا عن الشِّرك بالله وقتل النفس التي حرَّم الله قتلها والزِّنا

قيم الموضوع
(4 أصوات)


أم المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، فتحدث في خطبته الأولى عن الاقتداء بالأخيار فقال: في الاقتداء بالأخيار، والتأسِّي بالأبرار، واقتفاء آثار المتقين، والسير على منهاجهم، وسلوك سبيلهم: فوزٌ عظيم، ومغنمٌ كريم، وسعادة لا نظير لها، ونجاح لا حدود ولا منتهى له، وفيما ذكره الله تعالى في كتابه، من توجيه الأنظار إلى مسلك الصفوة، ونهج عباد الرحمن، وسبيل البَرَرة، ما يحقق هذه الغاية، ويبلِّغ هذا المراد؛ إذ هو المثال الذي يُحتذى، والنهج الذي يقتدى.

من ذلك قوله عزَّ اسمه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾، إنَّهم يمشون على هذه الأرض: مِشية المؤمن الذي تعلوه السكينة ويزيِّنه الوقار، لا يتكبَّر ولا يتجبَّر، لا يريد علوًّا في الأرض ولا فسادًا، وإذا بسط إليهم الجاهلون ألسنتهم بالسوء، لم يقابلوا ذلك بمثله، بل بالعفو والصفح والمغفرة، والإغضاء عن الزلات، والتجاوز عن الهفوات؛ فَهُمْ كما قال الحسن البصري  -رحمه الله-: "حُلماء لا يجهلون، وإن جُهِل عليهم لم يجهلوا". 
 
 هذا نهارهم –يا عباد الله- فكيف ليلهم؟ إنَّه خير ليل، إنَّه ليل أبيض مضيء بألوان الطاعة، يزدلفون بها إلى مولاهم، : ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾، صفُّوا أقدامهم، وأجرَوا دموعهم، واتصل نشيجهم، يحذرون الآخرة ويرجون رحمة ربهم، ضارعين إليه: ﴿رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾، أي: لأنَّه كان هلاكًا دائمًا، وخسرانًا ملازمًا ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾.

وفي هذا من المدح لهم والثناء عليهم ما لا يَخفى، ذلك أنَّهم مع حسن معاملتهم للخَلق، وشدَّة اجتهادهم في عبادة الخالق وَحده لا شريك له، يخافون أن ينزل بهم عذابه، فيبتهلون إليه أن يصرفه عن ساحتهم، غير آبهين ولا ملتفتين إلى جميع أعمالهم، وعظيم رصيدهم منها.

وأما في إنفاقهم على أنفسهم وأهليهم، فَلَقد سلكوا فيه أعدل السُّبُل، ونهجوا فيه أقوم الطرق، ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ ، فكان وسطًا عدلًا لا تبذير فيه ولا تقتير؛ فلم يكونوا مبذرين شأن أولئك الذين يولعون بمظاهر البذخ، ولم يكونوا كذلك مقترين شأن أولئك الذين يقبضون أيديهم عن واجب النفقات، ويشحون بالمعروف، ويبخلون بما آتاهم الله من فضله؛ لأنَّ من شأن الإسراف استنفاد المال في غير مواضعه، فينقطع الإنفاق وتذبل زهرته، ولأنَّ من شأن الإقتار إمساك المال فيحرم مستحقه.

وتحدث فضيلته عن صفات عباد الرحمن فقال : ولقد كان من صفات عباد الرحمن أيضًا، التخلِّي عن المفاسد، والتجافي عن الشرور، حيث تنزَّهوا عن الشِّرك بالله وقتل النفس التي حرَّم الله قتلها والزِّنا، جاء ذلك في قوله عزَّ من قائل: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾.

إنَّه إخلاص الدين لله، وصرف جميع أنواع العبادة له وحده دون سواه؛ فلا يدعون في الشدائد إلا إياه، ولا يسألون العون ولا يرجون الغوث ولا يطلبون المدد إلا من الله، ولا يعتمدون في كل شأن من شؤونهم إلا عليه سبحانه، ولا يخشون أحدًا إلا الله.
 
 وذلك هو التوحيد الخالص، والإيمان الكامل، الذي رفع الله به أقوامًا فجعلهم في الخير قادة، وخفض به أقوامًا نبذوه واتخذوه وراءهم ظهريًّا، فحق عليهم وعيد الله لهم بقوله: ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾.

واختتم فضيلته خطبته الأولى بنصح المسلمين بالاقتداء بالصفوة الأخيار فقال: واعملوا على الاقتداء بالصفوة والتأسِّي بالأخيار، وسلوك مسالكهم، واقتفاء آثارهم، والتخلُّق بأخلاقهم؛ فإنَّهم كانوا على هدى وطريق مستقيم، ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.

وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن أقسام أهل العلم فقال: لقد قسَّم أهل العلم الصفات التي وصف الله بها عباد الرحمن في ختام هذه السورة العظيمة "سورة الفرقان" إلى أربعة أقسام:
قسم منها هو من التحلِّي بالكمالات الدينية، وهي التي بُدء بها من قوله سبحانه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ إلى آخر الآية.
وقسم هو من التخلِّي عن ضلالات أهل الشرك، وهو من قوله عزَّ اسمه قائل: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ الآية

وقسم هو من الاستقامة على شرائع الإسلام، وهو قوله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ ، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ ، وقوله: ﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ﴾ إلى قوله عزَّ اسمه: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾.

وقسم من طلب الزيادة في صلاح الحال في هذه الحياة، وهي قوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.

واختتم فضيلته خطبته الثانية بنصح المسلمين بالتأمل في الصفات الكريمة فقال : وأكثروا من التأمل في هذه الصفات الكريمة، والسجايا العظيمة، ومن دوام الحرص على التحلِّي بها، والتخلِّي عما يضادها؛ ففي ذلك الفلاح والفوز والنجاة: ﴿أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾.

02FF73C1 4B6D 41A0 930E 6B404B3C43C70982B029 D8C2 4030 A0D6 91DB0887A40D2C6A1976 84C0 44BF 90BF 0F28C0F8C7494C382236 2055 4147 9833 8B2CA6F5A09A6ADFFEEE 5A80 4C0D AF20 0B587844C3A38C3133E6 0B46 496A 8BC8 E3C6563108F78FB935FD 1BEA 48D1 B40B 111265B1176631DB2BCC CD17 4AEC 9836 50CAE41B5D4760A8B871 5537 4D97 BBC0 ED28372B122765CFFD50 8E36 4D06 8A08 F4E425266510170D4F17 6219 4B7F B145 6BEFE0D669AD925BAE3A E4A4 4722 833C 83191CB0D6E28835DB84 9583 48D2 AD6D 18DC19AA5A16A94A2668 D394 4103 82B8 C333232D704AA8476ED8 916F 44AC BEDA 2B1BBF193477AC9E2F7C 3FA5 488C AD46 11BFAD71C77DAF15B8EC BA7A 4ED2 AD68 DD71B2338D52B842A1A9 C5F6 4CD3 816C 607EDB74271FBACF7C62 894D 4CF9 8B61 9A19F2DF8080C0186A68 7A09 46E7 B469 D4CDFDD2E806C6E73C3C 8578 44FF BF05 46CA01FD905CDEE713D1 16DB 4568 9976 CAB544E3E5B7E0190DDE 7160 465B BE47 114876209C7EF48EA8DA 92EB 4EEE B482 1A982DFDAA01
قراءة 1603 مرات