أمَّ إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة المصلين في يوم الجمعة قائلاً: أيها المسلمون: إنََّ أبوابَ الخيرِ مُشرَعة، فأين القاصدون؟ ومَناهِلَ البِرِّ مُترَعة، فأين الواردون؟ فالصلاةُ عمودُ الإسلام، ورأسُ العبادات، وهي تهذيبُ وُجدان، وطهارةُ أَردان، ورياضةُ أبدان، قال النبيُّ ﷺ: (الصلواتُ الخمس، والجُمعةُ إلى الجُمعة، ورمضانُ إلى رمضان، مُكفِّراتٌ لما بينهنَّ إذا اجتُنِبَت الكبائر) أخرجه مسلم.
ومَن أتى بنوافلها بُنيَ له بيتٌ في الجنة، قال النبيُّ ﷺ: (ما مِن عبدٍ مسلمٍ يصلي لله كلَّ يوم ثِنتَي عَشْرةَ ركعةٍ تطوعًا غيرَ فريضة، إلا بنى اللهُ له بيتًا في الجنة) أخرجه مسلم.
وقيامُ الليلِ وإحياؤه بالصلاة مشروعٌ في ليالي السنةِ كلِّها لا في رمضانَ فحَسْبْ، قال عليه الصلاة والسلام: (أفضلُ الصلاةِ بعد الفريضةِ صلاةُ الليل) أخرجه مسلم.
والصيامُ مِن أجَلِّ الأعمال قَدرا، وأجْزَلِها أجرا، ففي الحديث القُدسي: (كلُّ عملِ ابنِ آدمِ له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به).
ومما نُدبتم إليه من الصيامِ بعد رمضان: صيامُ سِتةِ أيامٍ من شوال، فمن فعل فكأنما صام الدهرَ كلَّه، بذلكم صَحَّ الخبرُ عن نبيِّ الهدى، قال ثوبانُ رضي الله عنه: (سمعتُ رسولَ الله يقول: جعل اللهُ الحسنةَ بعَشْر، فشهرٌ بعَشَرةِ أشهُر، وستةُ أيامٍ بعد الفطرِ تمامُ السَّنَة) أخرجه النسائيُّ وابنُ ماجه.
ومن الصيام المستحَب: صيامُ ثلاثةِ أيامٍ من كل شهر، والاثنينِ والخميس، ويومِ عرفةَ، وشهرِ اللهِ المحرَّم وشهرِ شعبان.
أما القرآنُ فكلامُ اللهِ أصدقُ الكلام، وأحسنُ الحديث، يَنبوعُ الهداية، ومَصدرُ الرحمة، ومَبعَثُ النور، منَ قرأه وتَلاه فكأنما خاطبَ الرحمنَ بالكَلِمْ، وهو موعودٌ بعظيم الثواب، وكريم المآب، وقال المصطفى ﷺ: (اقرأوا القرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه) أخرجه مسلم، وقال عليه الصلاةُ والسلام: (مَثَلُ المؤمنِ الذي يقرأُ القرآنَ كمَثَل الأُتْرُجَّة، ريحُها طيب وطعمُها طيب، ومَثَلُ المؤمنِ الذي لا يقرأُ القرآنَ كمثل التمرة، لا ريحَ لها وطَعمُها حُلْو) وقال عليه الصلاةُ والسلام: (الماهرُ بالقرآن مع السَّفَرةِ الكِرامِ البَرَرة، والذي يقرأُ القرآنَ ويتتعتعُ فيه وهو عليه شاقٌّ له أجران) أخرجهما البخاريُّ ومسلم.
ولا يقتصِر الأمرُ على ما مضى؛ فاللهُ نوَّعَ العباداتِ وعدَّدها، ووَسَّعَ الطاعاتِ وكثَّرَها؛ ليُقبِلَ العِبادُ عليها، وتَشتدَّ رَغبتُهُم إليها، فما أغْزَرَ الإنعام، وأظْهَرَ الإكرام. واستهل فضيلته خطبته الثانية قائلاً: فاتقوا اللهَ عبادَ الله، واعلموا أنَّ ما قلَّ من العمل ودام، خيرٌ مما كثُرَ وانقطع، قال النبيُّ: (أحَبُّ الأعمال إلى الله أدْومُها وإن قَلّ) أخرجه البخاري ومسلم.
وما كان خالصًا صوابًا فهو المقبول، وما عَرا منهما أو من أحدِهِما فالعاملُ مُحاسَبٌ مسؤول، واللهُ سبحانه تعالى شكورٌ كريمٌ يَجزي العاملَ على عمله في الدنيا سعادةَ قلب، وانشراحَ صدْر، وقوةَ نفْس، وقُرةَ عين، وعِصمةً من الشيطان، وفي الأُخرى الرحمةُ والعفوُ والرضوان، والفوزُ بالجنان.