شارك معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس بالمؤتمر الوطني الثامن للجودة تحت شعار (جودة مستدامة.. لوطن طموح)، وبمشاركة من معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف، ومعالي رئيس مجلس إدارة هيئة تقويم التعليم والتدريب الدكتور عالد بن عبدالله السبتي، والذي رعاه معالي وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي.
وتحدث معاليه قائلاً: أيها الجمع المبارك: إن الحديث عن الجودة إشراقات ديننا، وبهاءات شريعتنا، ضرورات، محکمات، أصول مسلمات، إنها الإتقان في العمل، واليوم في عصر العولمة تنادى الناس إلى العناية بقضية الجودة، يتعمق الحرص على تحقيقها وتطبيقها في حياتنا الواقعية؛ لتحقق أمتنا مكانتها السامية بين الأمم والشعوب، فبغير الجودة تتأخر الأمة عن القيادة إلى التابعية، وعن دورها الريادي والقيادي إلى الدوران في فلك غيرها من شعوب العالم التي تهتم بهذه القضية الحيوية، وتعطيها فائق الرعاية والعناية والاهتمام.
وأضاف معاليه أن للجودة عدة معايير في الإسلام نذكر منها: المعيار الأول: الإخلاص:
إن كثيرا من الناس يلتزم الجودة والإتقان؛ خوفا من المدير، أو من خصم الراتب، أو طمعا في مكافأة أو ترقية أو حافز مادي، وهذا قد يكون من حقوقه لكن يجب أن يلتزم بها ديانة وعقيدة ومراقبة الله -عز وجل- أولا وقبل كل شيء، فالجودة في العمل عند المسلم ذاتية داخلية نابعة من الإخلاص لله والأمانة وعدم الغش ، المعيار الثاني: الأمانة: فنحن في أي مجال من مجالات الأجهزة الحكومية أو الصناعية لا نقدم أعمالنا لذواتنا، وإنما نفيد ديننا ونسمع ونطيع ولاة أمرنا، وهي أمانات كلفنا بها يجب علينا أن نؤديها على الوجه الصحيح، المعيار الثالث: مراقبة الله: من المعايير والأسس المهمة في ديننا للجودة: مراقبة الله تبارك وتعالى، ومن المهم جدا أنك لا تراعي الناس على حساب مراعاتك لربك، المعيار الرابع: الإحسان: إن الإحسان قدر زائد، وهو أن يعمل المسلم العمل لكنه يزيد عليه درجة إتقانه وإحسانه؛ لأنه منزلة عظيمة من منازل المراقبة، مراقبة الله تبارك وتعالى، كما أنه معنى من أهم معاني الجودة التي تدل على السماحة وكثرة العطاء، والإحسان دليل التقوى والإيمان، المعيار الخامس: المهارة في الأداء:
ليس المراد العمل، وليس المراد أن تأتي به فقط، فالموظف الذي يجسد طريقة الجودة لا يكتفي أن يملأ الكرسي بجسمه بل يملأه بفكره وتطويره وإحسانه وإبداعه وجودته وإتقانه، هذا هو الموظف الحقيقي المثالي، واليوم لئن جاءت جوائز التميز والجودة ، فأولى هؤلاء هم الذين يعملون لله وخلف الكواليس، ويتقنون أعمالهم، المعيار السادس: عدم الغش: وهنا ننيخ الركائب، الغش اليوم قد ضرب أطنابه في كثير من المسلمين، الذين لا يؤدون أعمالهم في المبيعات، في المعاملات، في الأسواق، وفي التجارات، في المخططات، في المشروعات، وإنما يكون هناك نوع من الخروج من العقود الصحيحة المعتبرة إلى ألوان من الدسائس والحيل والمكر، وعدم إظهار الأمر على حقيقته.
وبين السديس في المحور الثاني: مميزات وخصائص الجودة: وأن من مميزات ومعايير ومقاييس الجودة: التحسين المستمر- الاستخدام الأمثل للموارد المادية، والموارد البشرية المتاحة، وأهمها: الاستثمار في البشر، الاستثمار في أبنائنا شبابنا في طاقاتنا- تقديم الخدمات بما يشبع حاجات المستفيد الداخلي والخارجي- توفير أدوات ومعايير لقياس الأداء- تخفيض التكاليف مع تحقيق الأهداف المتنوعة المرجوة من العمل- تقليل الأخطاء- تطوير المهارات القيادية والإدارية لقادة العمل ومديريه- تنمية المهارات والمعارف والاتجاهات للعاملين- نشر ثقافة الجودة في الإدارات والأقسام المختلفة لمواقع العمل، والإدارة التي ليست فيها قسم للجودة، إدارة لا تواكب تطورات العصر وتطلعات المستفيدين.
وأردف في المحور الثالث: آثار الجودة، والعقبات التي تُعيق تحقيقها: فمن أهم آثار الجودة وفوائدها: تقليل الأخطاء أثناء العمل- الإقلال من عمليات المراقبة- زيادة رضـا المستفيدين وزيادة رضا العاملين- الإقلال من الاجتماعات واللجان غير الضرورية. وأن من أهم العقبات والعراقيل أمام تحقيق الجودة: ضعف الوازع الديني والوعي والرقابة، وضعف المتابعة الإدارية على الإدارات والأقسام- نقص الخبرة الإدارية لدى بعض المسؤولين- عدم قدرة بعض الرؤساء على اتخاذ القرار؛ تخوفا، ويقابله الأهوج في اتخاذ القرار يتخذ قرارا معتبطاً لم يدرس، فالأمر معتدل بين ذلك الطرفين- ضعف التنسيق بين الأجهزة ذات العلاقة- عدم وجود الموظف المناسب في المكان المناسب- عدم حسن التعامل مع المتغيرات والتطورات والطوارئ.
وفي الختام اقترح معالي الرئيس العام عدداً من التوصيات من أهمها:
الوصية بتقوى الله -عز وجل- وإخلاص العمل له؛ حتى نحقق أعلى درجات الجودة وكذلك الإحسان.
تعزيز القيم الإسلامية المحفزة على تجويد العمل من الإخلاص، والأمانة، والتفكير، والإبداع، والتعاون، والوعي، وإعطاء الدورات والمهارات.
العمل على توعية أفراد المجتمع، ونشر ثقافة الجودة وإلقاء مزيد من الأضواء عليها من خلال ندوات وفعاليات ومؤتمرات ومحاضرات وورش العمل.
إقامة معارض الجودة، معارض عالمية تحت مسمى الجودة في الإسلام تعنى بإبراز هذا الجانب، وأيضا تأصيل جوانب الدين الإسلامي في جودته وتميزه.
تشكيل مجالس الجودة في كل مدينة أو محافظة أو منطقة أو حتى إدارة أو جهاز، والتنسيق في ذلك بين القطاعات الحكومية والأهلية؛ لوضع الأسس الإسلامية والتنفيذ والتطبيق لمعاني الجودة، وهو أهم من التنظير، لابد من الممارسة على أرض الواقع.