الجمعة, 25 تشرين2/نوفمبر 2022 14:07

فضيلة الشيخ عبدالله البعيجان في خطبة الجمعة: أباح الله الطلاق لكن الأصل فيه الحظر، فهو نهاية الأمل، وبداية المعاناة في التفكّك الأسري، وضحيّتهُ همُ الأبناءُ الأبرياء، فهو معيقٌ لتربيتهم، وسببٌ لضياعهم وضياع حقوقهم، فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات

قيم الموضوع
(0 أصوات)
أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف.

وبعد أن حمد الله تبارك في علاه استهل خطبته قائلاً: إن الله تعالى قد جعل النكاح وسيلة للاستخلاف والبقاء، قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، وقد جعل الله تعالى عقد الزواج ميثاقاً غليظاً، فرتب عليه حقوقاً وواجبات، وشرع فيه أحكاماً، وأنزل آيات بينات، فجعل العلاقة الزوجية أساسها المودة والرحمة، وبهما تكون المحبة والألفة، قال تعالى (وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)، وحث سبحانه على حسن العشرة وبذل المعروف قال تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وقال (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ).
وأنصف في الحقوق والواجبات، فقال (وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ)، وجعل القوامة والولاية بيد الرجال فقال (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)،
وحذر سبحانه من الظلم والأذى والجور والبغي والعنت، فقال سبحانه (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه).

وقد قال صلى الله عليه وسلم (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ).
وأكمل فضيلته : إن الزواج مسؤوليته عظيمه، وحقوقه جسيمه، به تحصن الفروج ويحصل النسل،
وبه السعادة والاستقرار، أُبرم عقده بميثاق غليظ، ووطدت أركانه بولي ومهر وشهود.

ولقد أباح الله الطلاق لكن الأصل فيه الحظر، وإنما أبيح للحاجة ورفع الضرر، وأرشد الإسلام إلى حل المشاكل الزوجية قبل الفراق، فأذن حرصاً على البقاء في الوعظ والهجر والتأديب قال تعالى (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).

فإذا تنافرت القلوب وأصبحت غير قابلة للالتئام، وانقطع الأمل، ويئس من الوئام، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فالطلاق آخر الحلول، وأبغض الحلال، ولهذا رغّب الشرع في الرد والمراجعة، وجعل العصمة بيد الرجل، فيمتلك حق الرجعة مرتين، قال تعالى (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، وتعتد المطلقة في بيت زوجها ثلاثة قروء، لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً فيتراجعا ويصطلحا قال تعالى (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوٓاْ إِصْلَٰاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِى عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

وأكمل فضيلته: إن المسارعة والاستعجال في أمر الطلاق، بداية معاناة التفكك الأسري والافتراق، وهو أساس النفرة بين القلوب، وتشتت شمل المحبوب، وضحيته هم الأبناء الأبرياء، فالطلاق مفسد الصحبة، ومفرق الأحبة، ومخرب البيوت، وممزق الأسر، وخطوة الفشل، ونهاية الأمل، وبداية الكدر والأحزان، ومعيق لتربية الأبناء، وسبب لضياعهم وضياع الحقوق، فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات.
وأضاف: النكاح من أعظم أسباب الاعتصام، وأكبر داع إلى التعفف والتحصن من الأوزار والآثام، فاختاروا لنطفكم، واظفروا بذات الدين، وإياكم وخضراء الدمن فإن الخبيثات للخبيثين، والطيبات للطيبين.

وأكمل: فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، ألا وإن النساء أمانة في ذممكم، ووصية الله ونبيكم، لايكرمهن إلا كريم، ولا يهينهن إلا لئيم.
ونصح فضيلته الزوجات فقال : إن النكد والعناد وسوء الأدب مع الأزواج، وإفشاء أسرار البيوت، وعدم تحمل المسؤوليات، والتأثر بما يعرض في وسائل التواصل من تفاهات، فشل يخرب بيوتكن، ويشتت شمل العيال، ويؤثر سلباً في حياتكن، فاتقين الله في بيوتكن وأزواجكن.
وبين فضيلته عن حُرمة التخبيب فقال: إن التخبيب بين الأزواج وإفساد الألفة وزرع الفتنة بينهما، وتحريض أحدهما على الآخر، والتسبب في الفراق والطلاق حرام يتحمل فاعله التبعات، قال صلى الله عليه وسلم (ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده).
وحث فضيلته على الصبر فقال: الصبر من أعظم الفضائل، وأفضل القربات، وأجل الطاعات، فاصبروا واعفوا عمن أساء، فالصبر مفتاح الفرج، وبه يرفع الله الدرجات، فالصبر الصبر أيها الناس، قال تعالى (وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
قراءة 655 مرات آخر تعديل في الجمعة, 25 تشرين2/نوفمبر 2022 14:09