أمّ المسلمين اليوم الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ فتحدث فضيلته في خطبته الأولى عن مسالك الشيطان التي تؤذي الإنسان التي لا رحمة فيها فقال: من آخطر المسالك على الإنسان آذية الخلق والتسبب في ذلك بغير حق ، فتلك مسالك شيطانية
تنطلق من الخلافات العدوانية والصراعات التناحرية فاقدة مبادئ الرحمة والرفق وقيم العطف والرأفة.
إن أذية العباد خلق مذموم يجمع في طياته صفات شتى من الموبقات والجرائم، إن إطلاق العنان للنفس بأن تؤذي الأخرين بالمقال أو الفعال لا يصدر إلا من ضعيف الإيمان منقاد للهوى ، يقوده الباطل والنفس الأمارة بالسوء والفحشاء فكف نفسك أيها المسلم عن الأذى وازجر هواك عن الردى ، تسلم وتغنم دنيا وأخرى.
وأكمل فضيلته عن نصح المسلمين بحفظ الحسنات وكف الأذى عن الأخرين فقال: أيها المسلم أحفظ حسناتك وصن دينك ، وكف آذيتك عن غيرك ، وكن كما قال الفضيل بن عياض
"لا يحل لك أن تؤذي كلبا أو خنزير بغير حق فكيف بمن هو أكرم مخلوق".
لقد اشتد نهي النبي عن أذية المسلمين فقال:( يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان
إلى قلبه ، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم و لا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة آخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله) رواه الترمذي.
قال قتادة : "إياكم وأذى المؤمن فإن الله يحوطه فيغضب له".
واختتم فضيلته خطبته الأولى بتحذير المسلمين من استخدام وسائل التواصل الحديث في أذية المسلمين فقال: وفي عالم اليوم ما يسمى بقنوات التواصل الاجتماعي ، والتي يسخرها بعض لأذية المسلمين والتعرض لحكامهم وعلمائهم وأفرادهم ومجتمعاتهم وكل أقوال فاجرة وإشاعات مغرضة
فليتذكر هؤلاء أن الله لهم بالمرصاد وأن الميزان حسنات وسيئات فليحذروا أن يلاقوا ربهم وهم
في حالة الإفلاس والإبلاس نسأل الله العفو والعافية.
أن تحريم أذية المسلمين لا يقتصر على أذية الافراد بل ويشمل أذية المسلمين في مصالحهم العامة
ومنافعهم المشتركة كالممتلكات العامة فمن أصول الإسلام قوله صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار) .
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا اللعانين: الذي يتخلى في طريق الناس، أو ظلهم ) رواه مسلم.
وقد أخرج الطبراني بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم :( قال من آذى المسلمين في طريقهم وجبت عليه لعنتهم ) .
ونصح فضيلته في خطبته الثانية المسلمين بتعويد أنفسهم على كف الأذى فقال: عود نفسك على سلامتها من أذية الخلق ونزهها ظاهرا أو باطنا عن كل ظلم بالأخرين وأعلم أن سلامة القلب من الشرك والبدع ومن الغل والحسد والاحقاد والقبح والظلم للمسلمين من أسباب النجاة وصفة من صفات أهل الجنة قال تعالى عن عبده وخليله إبراهيم أنه دعا ربه بما ذكر سبحانه بقوله : {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}.
وقد صحت الأحاديث الكثيرة في إيضاح فضل سلامة القلب للمسلمين من الشحناء والبغضاء
وتعمد الأذية ومنها قصة الرجل الذي من الانصار وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وقد تتبع عبدالله بن عمرو بن العاص هذا الرجل حتى بات عنده ثلاث ليال وقد وجد من صالح عمل أنه لم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر ولم
يقل إلا خيرا ، ثم أخبره عبدالله بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم قصته فقال : له الرجل عن عمله ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين شيئا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه فقال عبدالله "هذه هي التي بلغت بك وهي التي لا نطيق".