شارك معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس في الجلسة الثانية من الملتقى العلمي الثاني والعشرين لأبحاث الحج والعمرة والزيارة والذي يقام برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- بجامعة أم القرى. وجاءت مشاركة معاليه بعنوان (تحقيق تجربة متميزة لضيوف الرحمن في الحرمين الشريفين) إلى جوار كوكبة من أصحاب المعالي المتحدثين في الملتقى.
وبدا معاليه كلمته قائلا الحمدُ لله الذي جعل بيته الحرام للنَّاس أمنًا ومثابة، وأشهد أنْ لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له زاد حرمَه تكريمًا وتعظيمًا ومهابة، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والإصابة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فبمشاعر التَّقدير والسُّرور وبالغ البهجة والحبور لَكَم يطيب لي الإسهام في هذا الملتقى المبارك: الموسوم: بـــ "الملتقى العلمي الثاني والعشرون لأبحاث الحج والعمرة والزيارة"، في جلسته الثانية، بالحديث عن: "تحقيق تجربة متميزة لضيوف الرحمن في الحرمين الشريفين"، من خلال عنصرين أساسيين، نستنبطها من عنوان هذه الجلسة المباركة: أولها: ضيف الرحمن، وهو محور العناية، وثانيها: الحرمان الشريفان، وهما منبع الهداية.
وقال معاليه سيكون حديثي في محاور خمسة: أولها: التفويج والتنقل:
حيث راعت الرئاسة في استقبال ضيف الرحمن في الحرمين الشريفين سلامته وسلامة تأديته للشعائر، وتكامل الخدمات للضيف.
فمنذ يدخل المعتمر أو الزائر أو الحاج المسجد الحرام أو المسجد النبوي، فهو يسير وفق خطط تنظيمية متكاملة مترابطة قد لا يعلم عنها، ولكن يشعر بها في سلامته وخدمته وتوفير الجو المتميز لعبادته.
وهذه الخطط ترافقه إلى خروجه، وتتمثل في مجالات متعددة، منها: (إدارة الحشود بطريقة احترافية -بالتعاون مع الجهات الأمنية- عبر خطط تنظيميَّة تراعي تكامل الخدمات، وسلامة القاصدين، وصحة تأدية العبادة، وتنظيم حركة القاصدين بممرات المشاة بما يضمن انسيابية الحركة والتنقل دخولًا وخروجًا من وإلى ساحات الحرمين، وبصحن المطــاف والمسعى بالمسجد الحرام، وبالروضة الشريفة بالمسجد النبوي، وبالصلاة بحجر إسماعيل، وبلغت إحصائية التفويج من بداية عام 1444 حتى الان أكثر من 100 مليون مصلي دخولا وخروجا إلى المسجد الحرام بتكرر مرات الدخول والخروج، وبلغ عدد من تم تمكينهم من الصلاة بحجر إسماعيل 1,193,000 منذ بداية العام، وكذلك في خدمات التنقل بالعربات، فقد تمت خدمة أكثر من 1.500.000 ضيف خلال عام واحد، وفي المسجد النبوي وضمن مشروع تحسين تجربة كبار السن وذوي الإعاقة، وبالشراكة مع الهيئة العامة للأوقاف وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، تم تدشين أكثر من 50 عربة كهربائية لنقل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وتستهدف الرئاسة خلال العام المالي 2023 عددًا من المشاريع لتطوير هذه الخدمات، وأبرزها: (توريد 2000 عربة كهربائية إضافية، و6500 عربة يدوية، وتهيئة وتدريب 7000 آلاف دافع عربة، وتوثيق الشراكة من خلال زيادة المتطوعين بالحرمين الشريفين، وتمكين طالب خدمة العربات من الطلب المسبق الكترونيا قبل وصوله للمسجد الحرام، وتوفير خدمة (التطويف) الكترونيا من خلال الإدارة العامة للتطويف.
أما المحور الثاني فتحدث معاليه عن تعزيز التحول الرقمي وقال: بلغ عدد الخدمات الالكترونية التي توفرها الرئاسة (٦٢) خدمة إلكترونية، وأطلقت الرئاسة خلال الجائحة وبتوجيه كريم منصة منارة الحرمين الشريفين، لنقل خطب ودروس وتلاوات الحرمين، وبلغ عدد المستفيدين من هذه المنصة في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي أكثر من 300.000.000 مستفيد بفضل الله جل وعلا وأطلقنا بفضل الله مقرأة الحرمين الشريفين الالكترونية، لإقراء المسلمين في أنحاء العالم كتاب الله من الحرم المكي الشريف مهبط الوحي، وبمشاركة أئمة الحرمين، وبلغ عدد المستفيدين في العام الماضي أكثر من 153.000 مستفيد، من 239 دولة، ونستهدف في العام المالي الحالي إلى زيادة أعداد المقرئين إلى 55 مقرئًا ومقرئةً بالشراكة مع الهيئة العامة للأوقاف، وأطلقت الرئاسة عددا من الروبوتات والشاشات التفاعلية، واللوحات الإرشادية الالكترونية، ونسعى -بحول الله- إلى إتمام مشروع الحرم الذكي، والذي سيشمل في بدايته 48 نظاما وخدمة، منها 29 نظاما ضمن إدارة المرافق، و19 خدمة ضمن نظام خدمات المستفيدين، وأهم الأنظمة فيه على سبيل المثال: نظام الاتصالات الموحد، ونظام إدارة المرافق الذكي، ونظام إدارة الإنذارات والحالات، ونظام إدارة الحشود، وغير ذلك؛ وهذا المشروع هو من المشاريع الاستراتيجية في الرئاسة، لما له من عوائد مميزة على تنمية الاقتصاد الرقمي، ومن تسهيل ممارسة الأعمال، وتصميم هيكل حكومي أكثر مرونة وفاعلية، وتعزيز ودعم ثقافة الابتكار، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة، وتطوير مسار الحكومة الالكترونية، وضمان تجاوب الجهات الحكومية مع ملاحظات الضيوف والعملاء، بما يحقق عددا من المستهدفات المتوافقة مع رؤية المملكة 2030.
وقال معاليه في المحور الثالث والذي كان عن إثراء التجربة الدينية والثقافية عزَّزت الرئاسة جهودها في تحقيق هذه الركيزة الأساسية في برنامج خدمة ضيوف الرحمن، من خلال عدد من المنجزات والمبادرات (كثفت الرِّئاسة ووكالتها بالمدينة أعمال إرشاد ضيوف الرَّحمن ومساعدتهم وتوجيههم بتوافر المرشدين والمترجمين ب(20) لغة على مدار السَّاعة، وترجمة خطب ودروس الحرمين الشريفين باللغات عبر منصة منارة الحرمين الشريفين، بالإضافة إلى خطبة عرفة.
ولمعرفة التطور الهائل الذي يجري في تقديم الخدمات في الحرمين بدعم القيادة الرشيدة، فلننظر إلى إحصائية ترجمة خطبة عرفة حيث بدأ المشروع عام 1435 ب4 لغات، كانت الإحصائية 3 مليون مستفيد، حتى بلغنا بفضل الله عام 1443 (274) مليون مستفيد وب 14 لغة عالمية.
وقال من المبادرات إطلاق الروبوت التوجيهي، والذي يعمل على توجيه الحجاج والمعتمرين بكيفية أداء المناسك، والإجابة عن الأسئلة الشرعية بالتواصل مع المشايخ صوتا وصورة، مع إمكانية إضافة الترجمة الفورية للغات، وتخصيص أكثر من (19) موقعا في المسجد الحرام و(9) مواقع في المسجد النبوي للإجابة على أسئلة وفتاوى المعتمرين؛ تعمل على مدار الساعة، مع وجود مترجمين إلى أكثر من (14) لغة عالمية، وإقامة ندوة الفتوى في الحرمين الشريفين، وما نتج عنها من عدد كبير من المبادرات والتوصيات، وبدءًا من 1/1/1444هـ أطلقت الرئاسة وبالشراكة مع الهيئة العامة للأوقاف خدمة الحلقات القرانية وتصحيح التلاوة على مدار 24 ساعة، وفي جميع أيام العام بلا انقطاع، بحيث يجد كل زائر للمسجد الحرام في أي ساعة من ليل أو نهار مقرئًا متمكنًا يعلمه القرآن ويصحح له التلاوة، وتقديم المراكز التوعوية والإرشادية بالحرمين برامجها التوعوية عبر شاشاتها التفاعلية، وتقنية QR للهواتف الذكية، مع تحديث وتطوير المحتوى الرقمي على الشاشات والباركودات باستمرار وبما يناسب تنوع فئات القاصدين، وأقامت الرئاسة في سبيل إثراء التجربة (25) معرضا متنقلا خلال عام 1443 بلغ زوارها أكثر من 1.100.000، و(6) معارض افتراضية بلغ عدد زوارها 3.000.000 زائر، و(6) معارض داخل المسجد الحرام خلال موسمي رمضان والحج، و(10) معارض أقيمت في موسم الحج، تضمنت المسجد الحرام والمشاعر المقدسة ومعرض منى، بإجمالي 30.000 زائر يوميًا.
وقال معاليه تستهدف الرئاسة خلال العام الحالي عددًا من المشاريع لتطوير هذه الخدمات، وأبرزها (ترجمة خطبة عرفة ب (20) لغة للموسم القادم، وبعدد مستفيدين يتجاوز 300 مليون مستفيد، وإنشاء مركز الاتصال الموحد لإجابة السائلين، وتطوير منظومة المقابلة المباشرة لإجابة السائلين بعدد 38 موقعا ميدانيا إضافيا، ومشروع تطوير معرض عمارة الحرمين إلى متحف لإثراء تجربة الزوار المعرفية عن تاريخ الحرمين، ومشروع تطوير مكتبة المسجد الحرام داخل توسعة الملك فهد، وإعادة تهيئتها بتصميم معماري حديث، واستغلال للفراغات، وتنويع للخدمات، وقاعة محاضرات سمعية ورقمية، ومكتبة رقمية بقاعدة معلومات متكاملة عن الحرمين الشريفين، ومعرض مصاحب مصغّر؛ لتحسين تجربة الزائرين وإثراءها، كل ذلك بمراعاة جميع اللغات والفئات بحول الله، وكذلك إطلاق مشروع إثراء الدروس والدورات العلمية بالمسجد الحرام بما يعزز رسالة المسجد الحرام العالمية.، وإطلاق مشروع الأدلة الإرشادية في المناسك وما يتصل بالحرمين الشريفين، ونستهدف إعداد 6 أدلة محكَّمة، مترجمة باللغات المتعددة، وتُطبع وتوزع سنويا، وتتاح عبر المنصات الرقمية.
أما المحور الرابع والذي كان عنوانه الجانب الخدمي والتطهيري والتطوعي قال معاليه توظيف الذَّكاء الاصطناعي مثل: روبوت توزيع المصاحف, وروبوت توزيع الهدايا، وروبوت قياس الأداء والجودة، وروبوت توزيع ماء زمزم، وجهاز تعقيم السُّجّاد بالأشعة فوق البنفسجية، وروبوت التَّطهير والتَّعقيم بتقنية الأوزون، وجنَّدت الرئاسة أكثر من (4000) عامل وعاملة على مدار الساعة، وبإشراف مباشر من أكثر من (200) موظف سعودي، للعمل على (10) غسلات يوميا، كما يُستخدم (130.000) ألف لتر من المنظفات والمطهرات على مدار الساعة لغسيل المسجد الحرام وساحاته ومرافقه، وهي ذات جودة عالية وصديقة للبيئة، ويشارك في عملية التطهير أكثر من (500) معدة غسيل حديثة ذات تقنية عالية تعمل على مدار الساعة، ويتم تطييب المسجد الحرام ب (2500) لتر من أجود أنواع المعطرات وذلك بشكل يومي، وتوفير أكثر من (38) ألف عبوة ماء زمزم يوميا لضيوف الرحمن من عمّار ومصلين، وتنظيم وتمكين الجهات التطوعية بالحرمين لتقديم الخدمات التطوعية المتنوعة، وبلغ عدد المستفيدين من الخدمات التطوعية بالحرمين أكثر من (4) مليون مستفيد خلال النصف الأول من عام 1444هـ.
وعن دور المبادرات النوعية في الحرمين في تحقيق التجربة المتميزة والتي جاءت في المحور الخامس قال معاليه عندما نتحدث عن المبادرات النوعية، فنحن نتحدث عن مبادرات تمثل نقلة نوعية في مسار خدمة ضيوف الرحمن، ومن أمثلة ذلك في الحرمين (مشروع حضانة الأطفال في محيط المسجد النبوي وما سيحققه من نقلة نوعية في تحسين تجربة الحجاج والمعتمرين، وتسهيل زيارة العائلات من خلال توفير الرعاية اللازمة لأطفالهم، ومشروع مراكز الخدمات الشاملة بساحات المسجد النبوي، وما يحققه من تسهيل معرفة الحجاج والمعتمرين للوصول للخدمات المتنوعة فيه، ورفع مستوى التعاون بين الجهات، وما سينفذ على غراره بالمسجد الحرام، ومشروع الترميز الجغرافي بالمسجد الحرام وساحاته، ويهدف هذا المشروع إلى تقسيم المسجد الحرام إلى مواقع بلغة وصفية مشتركة، بما يخدم جميع العاملين والزوار، ويطور من منظومة الاسترشاد والاستدلال المكاني.
وتُوِّجت بعض هذه الجهود بحصول الرئاسة بجائزتين عزيزتين هذا العام، وهي (جائزة الملك عبدالعزيز للجودة -المستوى الفضي-.، والجائزة الوطنية للعمل التطوعي بالمركز الثاني.
وفي ختام كلمته أوصى معاليه بالتالي:
1.التَّتابع في إبراز جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.
2.إقامة مؤتمر عالمي برعاية المملكة العربية السعودية للحديث عن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.
3. تعزيز الشراكة بين الجهات الحكومية وجامعة أم القرى؛ لتحقيق تكامل الجهود في خدمة الحرمين.
4.تكثيف الشراكات بين الجهات الحكومية لتكوين أنماط جديدة لخدمة المستفيدين.
5.إعداد موسوعة شاملة رقمية وورقية عن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.
6.إعداد مشروع إعلامي معرفي يعنى بالأفلام الوثائقية، واستثمار وسائل التواصل المتنوعة لإبراز جهود الدولة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما وترجمتها بعدة لغات.