أعلن معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، مضامين خطة رئاسة الحرمين التشغيلية لموسم حج هذا العام ١٤٤4 هجرية، وتعد أكبر خطة تشغيلية للرئاسة، والتي تركزت على عدة محاور رئيسية ترتبط بأهداف الرئاسة الاستراتيجية 2024 المنطلقة من رؤية (٢٠٣٠) المباركة، والتي تعنى بتمكين القاصدين وتهيئة البيئة الإيمانية الخاشعة في الحرمين الشريفين بحضور معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة.
وتحدث معالي الرئيس العام في كلمته الافتتاحية في الملتقى الإعلامي قائلاً: نشكره -سبحانه- على ما أفاء على هذه البلاد المباركة وقيادتها الرشيدة من شرف خدمة بيته العتيق ومسجد رسوله المصطفى -صلى الله عليه وسلم- والعمل على راحة قاصديه، وتذليل كافة العقبات لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين ومصلين وزائرين، وتسخير جميع الخدمات حتى يتمكنوا من أداء مناسكهم في يسر وسهولة، وأمن وطمأنينة.
وأضاف في هذا اليوم المبارك، الثاني عشر من شهر ذي القعدة لعام ١٤٤٤هـ يسرنا في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، أن نعلن عن خطتنا التشغيلية لموسم الحج التي تعد الأكبر في تاريخ الرئاسة ووكالتها لشؤون المسجد النبوي، بعد انقشاع جائحة كورونا والإعلان عن عودة الحج بالأعداد المليونية، وفق منظومة متكاملة من الخدمات التي هيأتها القيادة الرشيدة أيدها الله.
وبين معاليه أن هذه الخطة امتداد للنجاحات العظيمة، والإنجازات المديدة، التي سطرتها التوجيهات السديدة من قيادتنا الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود -حفظه الله- اللذين يتابعان عن كثب كل الخدمات التي تقدم لضيوف الرحمن في الحرمين الشريفين، تسهيلا لهم وتمكيناً، وتهيئة للبيئة الإيمانية الخاشعة، لتنجم عن هذا الدعم وهذه العناية والرعاية قصص نجاح كبرى تسطر بحروف من نور في جبين التاريخ.
كما تجلت هذه العناية الكريمة والرعاية الفائقة، في القفزات النوعية التي شهدتها الخدمات المقدمة في الحرمين الشريفين، من تفعيل لأحدث التقنيات، وإدخال لآليات الذكاء الاصطناعي، وتسخير للروبوتات الذكية، والتطبيقات الإلكترونية، التي أسهمت -بفضل الله- في إثراء تجربة ضيوف الرحمن وتمكينهم من أداء المناسك في الحرمين الشريفين بيسر وسهولة.
وأشار الشيخ السديس إلى أن هذه الخطة تعد الأكبر في تاريخ الرئاسة العامة لشؤون المجسد الحرام والمسجد النبوي؛ وهي نتاج عمل عام كامل من الإعداد والتخطيط والدراسات الدؤوبة عطفاً على ما تحقق من إنجازات في المواسم الماضية، في تناغم وتكامل مع مختلف الجهات العاملة في الحرمين الشريفين، وعلى رأسها إمارة منطقة مكة المكرمة، وإمارة المدينة المنورة، وغيرها من الجهات، التي تتكاتف وتتعاضد مع الرئاسة، وتعمل ليل نهار لخدمة ضيوف الرحمن.
وأوضح الرئيس العام أن خطة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لهذا العام تتواكب مع الإعلان عن استقبال أعداد مليونية من الحجاج، بعد فضل الله -سبحانه وتعالى- بانقشاع جائحة كورونا، لذا حرصت الرئاسة على أن تنفذ خطتها بكامل الطاقة الاستيعابية للحرمين الشريفين وساحاتهما ومرافقهما, مبيناً أن الخطة التشغيلية ترتكز على عدة مرتكزات، أهمها وأولها ومحورها ضيف الرحمن، حيث تهدف خطط الرئاسة وبرامجها ومبادراتها إلى أن تكون تجربة الضيف الكريم حافلة بالمحطات الإثرائية، وزاخرة بكل ما يعينه على أداء المناسك بيسر وسهولة، فأنت أيها القاصد مصب اهتمامنا، ونحرص على راحتك، ويهمنا تلمس احتياجاتك، وتسهيل أداء نُسكك، في بيئة تعبدية تراعي أقصى معايير الجودة والتميز.
وثاني مرتكزات الخطة تطبيق أعلى معايير الجودة والتميز والإتقان، تحقيقاً لما جاءت به شريعتنا الغراء وما حثنا عليه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"، لذلك تخضع جميع المبادرات والبرامج والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن في جميع النقاط إلى أعلى معايير الجودة والحوكمة والمراقبة والتقييم والتقويم.
كما حرصت الرئاسة في خطتها على التكامل والتنسيق مع مختلف الجهات ذات العلاقة، خصوصا العاملة في الحرمين الشريفين، لمضاعفة الجهود وتأصيل مبدأ التعاون والتآلف وروح الفريق الواحد مع كافة الجهات.
وأكد الدكتور السديس أن الرئاسة العامة تحرص في خطتها لهذا العام على تكريس العمل التطوعي والإنساني، حيث يعد الحرمان الشريفان بيئتان جاذبتان للعمل التطوعي، انطلاقا من قيمنا الدينية والسعودية، التي تؤكد على معاني الكرم والحفاوة والترحيب، لذا فإننا نستهدف -بإذن الله- أن يكون الحرمان الشريفان أكبر مجتمعين تطوعيين في العالم، إيماناً في قدرات شباب المملكة وشاباتها في خدمة ضيوف الرحمن، انطلاقاً من قيمنا الدينية والوطنية في إظهار الكرم والحفاوة والبشاشة بالأضياف، فكيف بخير الضيوف ضيوف الرحمن.
وعملت الرئاسة على توفير منظومة خدمات متكاملة تشمل جميع المواقع التي يمر عليها القاصد الكريم، لتتوزع على ست مناطق رئيسية هي: (الساحات الخارجية، المصليات، صحن المطاف، والرواق السعودي، والمسعى، والروضة الشريفة في المسجد النبوي)، بالإضافة إلى مرافق الرئاسة التي تشمل المعارض الثابتة والمتنقلة ومجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، والمكتبات وغيرها من مرافق الرئاسة التي نسعى من خلالها إلى إثراء تجربة ضيوف الرحمن وتعميق الأثر الروحاني في نفوسهم.
وحرصاً على انسيابية الحركة وتسهيلها على حجاج بيت الله الحرام، منذ لحظة وصولهم إلى ساحات المسجد الحرام، من خلال تهيئة الأبواب والمداخل والمخارج، وفق تنظيم دقيق يضمن سهولة وصول الحاج إلى صحن المطاف وأدواره المتعددة بالرواق السعودي، حيث ستستخدم كامل الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف وتخصيصه بالكامل للطائفين من الحجاج، وكذلك كامل الطاقة الاستيعابية لأدوار الطواف في الرواق السعودي والمسعى بحول الله وقوته.
وبين معاليه أن الرئاسة تحرص في خطتها على تنويع المبادرات والبرامج والخدمات لتحقيق أقصى درجات الراحة للقاصد الكريم تيسيراً وتخفيفاً له، فيسرنا الإعلان عن (١٨٥) برنامجا ومبادرة نوعية، سيتم تقديمها في موسم حج هذا العام بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، تشمل استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي ورقمنة البرامج وتسخير التطبيقات الإلكترونية في مختلف المجالات خدمةً للقاصدين، ومخاطبتهم باللغات العالمية لتسهيل نُسكهم وإثراء تجربتهم. كما أعلن عن إطلاق حملة خدمة الحاج والزائر وسام فخر لنا في موسمها الحادي عشر تحت شعار من الوصول إلى الحصول.
كما استعدت الرئاسة لحج هذا العام بكادر وظيفي هو الأعلى والأكبر في تاريخها حيث يصل مجموع القوى العاملة في الحرمين الشريفين إلى ١٤ ألف موظف وموظفة، وعامل وعاملة، من المؤهلين تأهيلاً كاملاً، يشرف عليهم كادر متكامل من الكفاءات الوطنية المؤهلة، يتم توزيع هذه القوى العاملة إلى ٤ ورديات رئيسية، مع مراعاة الأوقات ذات الكثافة العالية، وأيضاً المناطق التي تحتاج لتواجد أكبر قدر من الموظفين، لا سيما صحن المطاف والرواق السعودي والمسعى والساحات.
وفي مجال التطوع والأعمال الإنسانية أفاد الرئيس العام أن الرئاسة أتاحت أكثر من ٨٠٠٠ آلاف فرصة تطوعية في الحرمين الشريفين في ١٠ مجالات تطوعية، وتحقيق أكثر من ٢٠٠ ألف ساعة تطوعية خلال موسم الحج -بفضل الله ومنته- وحرصاً على خدمة كبار السن وذوي الإعاقة، هذه الفئة الغالية على قلوبنا، فقد عززت الرئاسة من خدمة العربات وقمنا بزيادة عدد العربات لتصل إلى ٩٠٠٠ الآف عربة تعمل على مدار الساعة، ويمكن حجزها مسبقاً عبر تطبيق تنقل، حيث يصل القاصد الكريم، ويجد العربة في انتظاره.
كما حرصت الرئاسة على تزويد الحرمين الشريفين بما يصل إلى (٣٠٠.٠٠٠) مصحف موزعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي، حتى يتسنى للقاصد الكريم تلاوته وقراءته، مع إتاحة عدد من حلقات تعليم وتحفيظ القرآن الكريم، يقوم عليها كوكبة من المدرسين والمحفظين من ذوي المهارة والقدرة، نستهدف من خلالها -بمشيئة الله- تحقيق أكثر من ٣٥ ألف ساعة لتعليم القرآن الكريم وتصحيح التلاوة.
وتعزيزاً للدور التوجيهي والإرشادي للحرمين الشريفين أكد معاليه أن الرئاسة تقيم سلسلة من المحاضرات التوعوية والدروس العلمية بالتعاون مع الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء يشارك فيها كوكبة من أصحاب المعالي والفضيلة من هيئة كبار العلماء وأئمة وخطباء الحرمين الشريفين. بواقع ٣٠٠ ساعة للدروس والمحاضرات العلمية والتوجيهية، وسيتم بث هذه الدروس والمحاضرات على مدار الساعة عبر منصة منارة الحرمين، بمستهدف يصل إلى أكثر من ١٠٠٠ساعة بث رقمي بعشر لغات عالمية، كما تقدم الرئاسة خدمات الترجمة والإرشاد المكاني وإجابة السائلين بإحدى وخمسين (٥١) لغة عالمية -ولله الحمد والمنة- من خلال ٤٩ نقطة موزعة في صحن المطاف والرواق السعودي وتوسعة الملك فهد بالمسجد الحرام، و٢٣ نقطة لإجابة السائلين في المسجد النبوي.
وفيما يتعلق بسقيا ماء زمزم المبارك، أشار السديس إلى أن الرئاسة تستهدف توزيع ٤٠ مليون لتر من ماء زمزم المبارك في الحرمين الشريفين، عبر أكثر من ٣٠ ألف نقطة توزيع في الحافظات والصنابير الموزعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وأكثر من مليوني عبوة ماء زمزم توزع يومياً بإذن الله سبحانه وتعالى, وتسيير حافلات زمزم لضيوف الرحمن في عرفة ومزدلفة ومنى.
وضمن جهود الرقمنة وتعزيز التطبيقات الحديثة وأثرها الملموس في تحسين تجربة ضيوف الرحمن أشار الرئيس العام إلى أن الرئاسة هيأت أكثر من ١٤ خدمة إلكترونية، منها تطبيق تنقل، وتطبيق لوامع الأذكار، والمصحف الشريف، وغيرها من التطبيقات والروبوتات الذكية التي تعمل على تهيئة البيئة الإيمانية الخاشعة لضيوف الرحمن, وحرصت الرئاسة على تسخير مواقع التواصل الاجتماعي للإطلال على ضيوف الرحمن والتواصل الفاعل معهم، وتعريفهم بالخدمات والبرامج والمبادرات المعدة لهم، من خلال حساباتها الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومد جسور التواصل مع مختلف الوسائل الإعلامية، الأمر الذي نتج عنه سلسلة من الأفلام الوثائقية، والبرامج التلفزيونية والإذاعية، التي تستعرض جهود الدولة -رعاها الله- في الحرمين الشريفين، وتسهم في توعية القاصد الكريم بما يجب عليه وما يجب علينا تقديمه له خلال فترة زيارته للحرمين الشريفين، وكذلك سلسلة من المعارض المتنقلة والثابتة والافتراضية التي نسعى من خلالها لإثراء تجربة القاصدين، وتعميق الأثر الروحي لهم خلال رحلتهم التعبدية.
وأشاد معاليه بشركاء النجاح قائلاً: إننا في الرئاسة العامة، نعمل وسط منظومة متكاملة من الجهات الحكومية العاملة في الحرمين الشريفين، الذين يعملون معنا على مدار الساعة، لتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة في تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن، مقدماً الشكر والتقدير لوزارة الداخلية، ووزارتي الإعلام والحج والعمرة والهيئة الملكية، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، على تعاونهم الكبير في إحداث النقلات النوعية والخطط التطويرية، التي تسهم في الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة بالحرمين الشريفين.
وفي الختام رفع الرئيس العام أسمى آيات الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-، على ما يلقاه الحرمان الشريفان وقاصديهما من جليل الرعاية والعناية والاهتمام.
من جانبه تحدث معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة خلال إطلاق خطة الرئاسة التشغيلية عن التكامل والتنسيق بين وزارة الحج والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في خدمة ضيوف الرحمن خصوصاَ مع عودة الأعداد المليونية, وتقديم أفضل الخدمات حتى يؤدوا عباداتهم بكل راحة وطمأنينة, سائلاً الله عز وجل أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال وأن يردهم إلى أهاليهم سالمين غانمين.