خطب وأم المصلين في المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف.
وبعد أن حمد الله تعالى بدأ خطبته قائلًا: ذكر الله تعالى من أفضل القربات، وأجل الطاعات، وأعظم العبادات، ومن الباقيات الصالحات، به ترفع الدرجات وتضاعف الحسنات، وتمحى السيئات، قال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} ، وأعظم الذكر عند الله وأزكاه، كلمة التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فهي شعار الإسلام والفيصل بين أهل الشرك والإيمان، وهي مفتاح الجنة وثمنها وهي معراج العباد إلى ربهم لأجلها خلق الخلق، وأرسل الرسل، وأنزلت الكتب، قال تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}.
وأكمل فضيلته: كلمة التوحيد حصن الإسلام، بها يعصم المرء دمه وماله وعرضه، فعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ " متفق عليه، وهي أول ركن من أركان الإسلام ودعائمه الخمس، فعن عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجَ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه.
وأضاف فضيلته: أعظم شيء انعقد عليه القلب ونواه وقصده العبد وعمل بمقتضاه، وأفضل كلمة نطقت بها الشفاه، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فهي سبب السعادة والنجاة، وفوز العبد في دنياه وأخراه، وهي شرط قبول الأعمال وأزكاها عند الله، وأعظم الأعمال، وأفضل الأقوال، وأزكاها ثوابا في المال، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ كَرِيزٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ» رواه مالك، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما :قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ نُوحًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَن اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، قَصَمَتْهُنَّ لا إله إلا الله، وأوصيك بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر» رواه أحمد.
وقال فضيلته: بذكر الله ترتاح القلوب، وتنزاح المتاعب والكروب، وتمحى المعاصي والذنوب، {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
أكثروا من ذكر الله، واحرصوا على ملازمة لا إله إلا الله، فهي أزكى الأعمال عند الله، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : " مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابِ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةٌ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ، حَتَّى يُمسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذلك" رواه مسلم.
ما عمل عبد عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، ولن يخلد في النار من قال لا إله إلا الله، مخلصا بها يبتغي وجه الله، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُها عَبْدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ». "وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلَّا الله" رواه الحاكم.
واختتم فضيلته الخطبة بقوله: أوفر الناس حظًا يوم القيامة من ظفر بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فهو الشافع المشفع، وأولى الناس بتلك الشفاعة من قال لا إله إلا الله مخلصا وموقنا بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ" رواه البخاري، وبعد عباد الله فكلمة التوحيد هي خاتمة المسك، بها يختم المؤمن عمله، ويقضي أجله، ويودع أهله، ويلقنه من حوله، ليلقى الله بها، فعن أبي سعيد الخُدْرِيَّ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقِنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» رواه مسلم، وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، أو وجبت له الجنة» رواه الحاكم.
أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة خياط إمام وخطيب المسجد الحرام.
وبعد أن حمد الله تبارك في علاه استهل خطبته قائلاً: اتَّقُوا الله عباد الله، فإن التقوى سبيل الأيقاظ، ونهج أولي النُّهى، وطريق أولي الأبصار، بها الأمن من العثار، والفوز بالجنة والنجاة من النار ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَيَخشَ اللَّهَ وَيَتَّقهِ فَأُولئِكَ هُمُ الفائِزونَ﴾.
أيُّها المسلَّمون: إنَّ النظر الثاقب، والفِكر الراشد، والبصيرة الواعية، والقلب السليم؛ كل أولئك ممَّا يبتغي أولو الألباب به الوسيلة إلى نيل المنى وبلوغ الآمال، والظَّفر بالمقاصد، والحظوة بالسعادة في العاجلة والعُقبى، فتراهم من أجل ذلك ساعين بكلِّ سبيل، متوسِّلين بكلِّ وسيلة، للتمييز بين الخبيث والطيب، والفصل بين الزبد الذي يذهب جُفاء، وبين ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، وتجدهم مع قوة الباعث، وشدَّة الرغب، وكمال الطلب؛ قد أوتوا حظًا من هذا الحسِّ المُرهف، والتحرجّ الطَّهور، والإشفاق الوَجِل أن يُلفوا في بنيانهم الراسخ الذي شادوه شيئًا من الفتوق، أو بعضًا من الشقوق، التي تُفضي إلى تسرُّب شيءٍ قليلٍ ممَّا ادُّخِر فيه من كنوز الأعمال، وذخائر الباقيات الصالحات، التي صُرفت في جمعها نفائس الأيام، لأنهَّم يستيقنون أنَّ ذهاب الأقل مُؤذنٌ بذهاب الأكثر، والتفريط في اليسير باعثٌ على التفريط في الخطير، والاستهانة بالصغائر مَدرجةٌ إلى الوقوع في الكبائر، خاصةً إذا اجتمع إلى ذلك استخفافٌ بالأمور، واستدامةٌ لأسبابها، واستبقاء لأصولها، وتقاعسٌ عن تدارك الفارط، وجبر الكسر، وإقامة المُعوجِّ.
عباد الله: إنَّ هذا الفريق اليَقظ الذي يدخر الباقيات الصالحات، لينهج هذا النهج الراشد، ويمضي على هذا الطريق المُستقيم، مُقتفيًا أثر هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، مترسمًا خطاه، مستمسكًا بهَديه، المبثوث في الصحيح من سُنَّته، والثابت من حديثه وسيرته، فمما صحَّ وثبت عنه صلَّى الله عليه وسلَّم هذا الحديث العظيم يُحدِّث به عليه الصلاة والسلام موردًا إيَّاه في صورةٍ استفاهميةٍ متفرِّدة، حَفِل بها الخطاب النبوي الكريم في حشدٍ وافرٍ من نصوصه الصحيحة الثابتة؛ لأنَّ فيها تنبيهًا للعقول، وشحذًا للأذهان، وتمكينًا للفَهم، وباعثًا على كمال الحفظ وتمام الضبط، فقد أخرج مسلَّم -رحمه الله- في صحيحه والترمذي في جامعه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا؛ فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه؛ أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه؛ ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ".
إنَّه -يا عباد الله- لتصويرٌ بديع، وبيانٌ رفيع، ومعالجةٌ دقيقةٌ بارعة، جمعت مقاصدها في خطابٍ جامع قلَّ عدد حروفه وألفاظه، وكثرت معانيه ومراميه، والمراد به كما قال أهل العلم: أنَّ هذه هي حقيقة المُفلس، وأمَّا من ليس له مال، ومن قلَّ ماله، فالناس يُسمُّونه مفلسًا، وليس هو حقيقة المُفلس؛ لأنَّ هذا أمرٌ يزول وينقطع بموته، وربمَّا ينقطع بيسارٍ يحصل له بعد ذلك في حياته، وإنَّما حقيقة المُفلس هذه المذكورة في الحديث فهو الهالك الهلاك التام، والمعدوم الإعدام المُفظع، فتؤخذ حسناته لغرمائه، فإذا فرغت حسناته؛ أُخذ من سيئاتهم فوضعت عليه، ثم ألقي في النار؛ فتمَّت خسارته، وهلاكه، وإفلاسه.
فليس عجبًا إذًا أن يعي أولو الألباب من هذا البيان النبوي الكريم أنَّ ما يرصده المرء من أعماله في دنياه، وما يدَّخره منها لأُخراه؛ موقوفٌ على شفا خطرٍ داهم، وهو الانتقاص منه شيئًا بعد شيء؛ حتى تذوي زهرته، وينضب معينه، ويجف أخضره، وينفد مخزونه في رُكامٍ مجموعٍ، وتحت أحمالٍ ثِقالٍ من حقوق العباد، الذين بغى عليهم في الحياة الدنيا بغير الحق، واستطال عليهم بغير القِسط، فقامت عنده للظلم سوق رائجة، وارتفعت بساحته للبغي رايات شاهدة، فكانت العاقبة عند ذلك إفلاسًا هو الإفلاس حقًا؛ لأنَّه لا ملجأ ولا منجى منه إلا بالإنفاق من العملة التي بدد، والرصيد الذي بعثر وسحب، والحساب الجاري الذي أغلق وأوقف، وأنَّى لمثل هذا المُفلس أن يستعيد شيئًا ممَّا فقد، وقد نفدت عُملة الحسنات، وفني رصيد الأعمال، ونضب معين الحساب الجاري من ذخائر الباقيات الصَّالحات.
فاحرصوا رحمكم الله على الحفاظ على أرصدتكم من الباقيات الصالحات، وحذارِ من البغي في الأرض بغير الحقِّ، والاستطالة على الخلق، بأي لون من ألوان الظلم، وفي أي صورة من صور العدوان، مهما كان الباعث عليه، وأياً ما كانت الذريعة الموصلة إليه، فبذلك تصان الأرصدة، وتحرس الذخائر، لتكون العدة في يوم الشدة، يوم اللقاء، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
ثم بين فضيلة الدكتور أسامة خياط في خطبته الثانية: عباد الله، إنه لا تعارض بين هذا الحديث الصحيح المبين لحقيقة المفلس، وبين قوله سبحانه: ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى﴾، فإنَّ المُفلس كما قال أهل العلم: "إنَّما عوقب بفعله، ووزره وظلمه، فتوجَّهت عليه حقوقٌ لغرمائه؛ فدُفعت إليهم من حسناته، فلمَّا فرغت الحسنات، وبقيت بقيَّة من حقوق الغرماء، قوبلت على حسب ما اقتضته حكمة الله تعالى في خلقه، وعدله في عباده؛ فأُخذ قدر هذه الحقوق من سيئات خصومه، فوضع عليه، فعوقب به في النار، فحقيقة العقوبة هي إذًا بسبب ظلمه، ولم يعاقب بغير جنايةٍ وظُلمٍ منه". وبهذا تجتمع الآية والحديث ولا يتعارضان.
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وأن أفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، فاستمسكوا أيها المسلمون بهدي الوحيين، واعملوا بهذين النورين، تكن لكم العقبى في العاجلة والأخرى.
أكدت وكالة الشؤون الفنية والتشغيلية والصيانة جاهزيتها لاستقبال القادمين لأداء صلاة الجمعة بالمسجد الحرام عبر حزم من الأعمال و الخدمات الفنية والتشغيلية ونخبة من القوى البشرية المتخصصة في أعمال الصيانة والتشغيل والمعدات التقنية المزودة بمميزات الذكاء الاصطناعي التي وفرتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بدعم سخي ولا محدود من القيادة الرشيدة -حفظها الله- للرقي الشامل بمنظومة خدمات الحرمين الشريفين.
وأوضح وكيل الرئيس العام للشؤون الفنية والتشغيلية والصيانة المهندس فارس بن مفوز الصاعدي أن الوكالة رفعت الكفاءة والطاقة التشغيلية لأصول المسجد الحرام ومرافقه شاملة العناصر الكهربائية والميكانيكية والإلكترونية وهيأت المساحات المخصصة للصلاة وللطواف وللسعي لخلق بيئة تعبدية آمنة لقاصدي بيت الله الحرام، إضافة إلى متابعة تنفيذ أوامر العمل لتشغيل وصيانة الأنظمة الإلكترونية والكهربائية والميكانيكية بالمسجد الحرام ومرافقه من خلال فريق عمل هندسي ميداني على مدار الساعة مدعوم بكوادر فنية وإدارية لضمان تقديم العمل بجودة عالية وتغطية كافة أعمال الصيانة بالمسجد الحرام من خلال وضع خطط ودراسات لتنفيذ الأعمال على أرض الواقع بأعلى درجات التميز والدقة.
وأضاف: يجري خلال يوم الجمعة فحص (7750) سماعة وعمل الاختبارات اللازمة لها و(120000) وحدة إضاءة و (220) سلم كهربائي و (259) صندوق إطفاء حريق كما يتم فحص خزانات مياه بسعة (1500م3) و(3400) دورة مياه وأنظمة تعقيم وتبريد مياه زمزم كذلك استمرارية عمل الاختبارات اللازمة للتأكد من جاهزية الأنظمة كالنظام الصوتي بالمسجد الحرام ومايتعلق بحلقات الدروس الصوتية وأنظمة الطاقة الغير منقطعة وأنظمة إنذار الحريق والتي بها (2353) حساس حريق.
واستطرد بقوله: يتم اختبار المصاعد الكهربائية ومحطة توليد الطاقة الاحتياطية بكدي والمولدات الكهربائية لدورات المياه، للتأكد من سلامتها ومعالجة ما قد يحدث من خلل لا سمح الله، وصيانة المولدات الكهربائية والمحولات المختلفة ولوحات التحكم ولوحة الاحمال ووحدات الأنارة ونظام التأريض على مدار الساعة تحت إشراف فريق عمل ميداني متخصص، واختبار نظام الصوت بالمسجد الحرام وصيانة بشكل يومي ودوري لضمان جودة الصوت ونقائه ومتابعة جميع السماعات الموجودة داخل البيت الحرام وساحاته الخارجية
وفي جانب آخر تقوم الوكالة بمتابعة دائمة وعمل الصيانة اللازمة للشاشات واللوحات الرقمية ليتمكن مقدم الخدمة من تحقيق الهدف المنشود منها، والمتابعة المستمرة الدائمة للأعمال الميكانيكية في المسجد الحرام ومرافقة الخارجية كالسلالم ومضخات الحريق ومضخات نقل الماء ومضخات نقل الوقود وخزان الضغط ووحدات مناولة الهواء ومكيفات الاسبليت وغيرها من الأعمال الميكانيكية بالبيت العتيق لكي يتمكن قاصديه من أداء نسكهم بكل يسرٍ وسهولة.
وذكر الصاعدي ان الأعمال المدنية بالوكالة له دور رقابي فني على مباني المسجد الحرام والساحات والدورات المحيطة به إضافة إلى المباني الملحقة الخارجية حيث يقوم الجهاز الإشرافي بالمتابعة المستمرة لأعمال الصيانة الوقائية والتصحيحية المجدولة والمقرر إنجازها بشكل أسبوعي وشهري وربع سنوي ونصف سنوي وسنوي من خلال أوامر العمل الخاصة بصيانة الفواصل الانشائية للمبنى والتكسيات المعمارية من رخام بأنواعه وحجر صناعي للارضيات والحوائط والاعمدة بالاضافة الى الفحص المستمر لبناء الكعبة المشرفة وذلك لضمان خلو المسجد الحرام وساحاته والمباني الملحقة به من أي ملاحظات قدر الإمكان وهذا الأمر لا يتأتى إلا من خلال خطة للصيانة شامله (Master plan) يتم اعتمادها سنويا بشكل مسبق من خلال برامج الصيانة الحاسوبية المعتمدة من قبل الوكالة واستشاري الرئاسة والسير بموجبها طوال العام.
واختتم "الصاعدي " حديثه بأن هذه الأعمال تأتي إنفاذاً لتوجيهات معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس وبمتابعة مستمرة من سعادة مساعد الرئيس العام لشؤون مجمع الملك عبدالعزيز لصناعة كسوة الكعبة المشرفة والشؤون الهندسية والفنية والتشغيلية المهندس سلطان بن عاطي القرشي وفقا لتطلعات قيادتنا الرشيدة -حفظها الله - ومواكبة لرؤية المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما .