ألقى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ عبدالله بن عواد الجهني خطبة صلاة الجمعة في رحاب البيت العتيق في أجواء مفعمة بالروحانية والسكينة وضمن إجراءات احترازية وقائية نفذتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي .
ابتدأها فضيلته بحمد لله، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنو اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيماً.
وأضاف فضيلته قائلا:إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أيها المسلمون / أرسل الله الرسل , وأنزل معهم الكتب لدعوة الناس إلى توحيده وحده لا شريك له , ولإخراجهم من الظلمات إلى النور , ولهدايتهم بغد غوايتهم , وقد كان من رحمته تبارك وتعالى أن بعث إلى هذه الأمة وهي آخر الأمم خير الرسل و أفضل الأنبياء , رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي اختاره واصطفاه من بين الرسل , كما اختار أمته واصطفاهم على كل الأمم , ولا سبيل ولا سعادة إلا بتصديقه فيما أخبر ,واجتناب ما نهى عنه وزجر , وألا يعبد الله إلا بما شرع، أيها المسلمون / كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما وشفيقا وناصحا ومحبا للخير لأمته قال تعالى ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) .
وبين فضيلته أن القرآن العظيم نور لمن وفقه الله سبحانه وتعالى يرفع به أقواما ويضع به آخرين , فمن أخذ به وعمل كان من السعداء عند الله , ومن هجره وأعرض خاب وخسر في دنياه وأخراه , وكان من أشقى الأشقياء , أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل القرآن فهم أهل الله وخاصته , وأن يجعلنا ممن حفظوه وتلوه حق تلاوته وعملوا به واهتدوا بهديه . فنعمت الوصية ونعم الموصي، يقول جل جلاله ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )، ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم فقال عز من قائل : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) وقال صلى الله عليه وسلم : من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى علي فليقل عبد من ذلك أو ليكثر .
و قال الوصايا يا رعاكم الله , وصيته صلى الله عليه وسلم بكتاب الله تبارك وتعالى , وتلاوته والعمل به , قال أبو ذر رضي الله عنه : قلت يا رسول الله أوصني ؟ قال : عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء . رواه ابن حبان , فقد نظم هذا الكتاب العظيم حياة البشر في منهج قويم من جميع الجوانب , فمن جانب علاقته بربه أوضح له العقائد الإلهية وما يتبعها من الغيبيات في أركان الإيمان الستة , وفصل له في العبادات , ثم نظم قواعد المعاملات التي يرتبط بها البشر بعضهم ببعض , فوحد بينهم بالأخوة في الإسلام , قال تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ) وأقام بناء الأسرة على قواعد المحبة والحقوق والرحمة والواجبات المتبادلة , قال تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم ) , ونظم طريق الكسب والمعيشة في خصوص المال عصب الحياة ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) , ونظم ميزان العدل في الأرض قال تعالى ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ) ووضع السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية في هذه الآية الواحدة , وأكثر من ذلك , كلها معان سامية وتوجيهات حكيمة ومناهج قويمة , وصدق الله إذ يقول ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا )
وختم فضيلته قائلا: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم , ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم , أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة , فاستغفروه ثم توبوا إليه , إنه هو الغفور الرحيم .