أشاد معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، بالدور الكبير الذي قدمه أصحاب المعالي والفضيلة، المشاركون، والحضور في إنجاح مخرجات ندوة (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما)، جاء ذلك خلال استقبال معاليه لهم بمكتبه وهم كل من: سمو رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الأمير الدكتور ممدوح بن سعود بن ثنيان آل سعود، ومعالي الأمين العام للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ فهد بن سعد الماجد، وعضو هيئة كبار العلماء معالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري، وعضو هيئة كبار العلماء إمام وخطيب المسجد الحرام صالح بن عبد الله بن حميد، وعدد من أعضاء هيئة كبار العلماء وعدد من أئمة الحرمين الشريفين.
وأضاف معاليه أن أصحاب المعالي والفضيلة قدموا توصيات أفادت -ولله الحمد والمنة- في إنجاح هذه الندوة المباركة وفق تطلعات القيادة الرشيدة -حفظها الله- ومواكبة لرؤية المملكة العربية السعودية (٢٠٣٠) في تقديم أرقى الخدمات لقاصدي الحرمين الشريفين.
وفي الختام رفع معاليه شكره لهم مثنيا على جهودهم ودعمهم الدائم، ودعم ولاة الأمر الميامين -حفظهم الله ورعاهم- للحرمين الشريفين وقاصديهما.
IMG 20220531 144536 377IMG 20220531 144531 354IMG 20220531 144527 572IMG 20220531 144525 065IMG 20220531 144517 863IMG 20220531 144511 525

خلال رعايته لندوة (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما)، كرم مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، القائمين على أعمال الندوة، جاء ذلك خلال ختام أعمال الندوة، التي أقامتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.

حيث أشاد سموه بالقائمين على هذه المناسبة الكريمة والتي جاءت بموافقة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ومتابعة ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - وذلك في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين من أطهر البقاع، من إفتاء وتوجيه وإرشاد قاصدي الحرمين الشريفين وفق منهج الوسطية والاعتدال . 

هذا وقد جرى تكريم القائمين بهدايا تذكارية بهذه المناسبة.

-5812449043941539074_121.jpg-5812449043941539075_121.jpg
برعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسماحة والفضيلة ,  وقع معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، والأمين العام للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ فهد الماجد، اتفاقية تعاون، وذلك في رحاب المسجد الحرام.  
وتعد هذه الاتفاقية باكورة الحراك العلمي والتوجيهي والإرشادي، في الحرمين الشريفين، بما ينعكس على قاصدي الحرمين الشريفين ودور الإفتاء للحجاج والمعتمرين، وتعزيز التوعية الدينية ومحاربة الغلو والتطرف والأفكار المنحرفة وفق الأصول الشرعية مع مراعاة اختلاف المذاهب وترسيخ قيم الدين الإسلامي الحنيف. 
وتهدف هذه المذكرة إلى تأكيد تكامل الأدوار والمهمات المشتركة وفق خطة عمل متفقة , وتتعاون الرئاسة مع هيئة كبار العلماء في استضافة زيارات مجدولة ومنظمة لمنسوبي الرئاسة محددة الموضوعات والأهداف، وتتعاون هيئة كبار العلماء في دعم الأنشطة والبرامج التي تنظمها الرئاسة في مجال اختصاصها ووظيفتها .    
وتأتي هذه الاتفاقية لترسيخ وتعزيز الشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في مجال الإفتاء وتطبيق منهج الوسطية والاعتدال.
 
-5812449043941539065_121.jpg
-5812449043941539064_121.jpg

 
 
دشن مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لغات الترجمة لروبوت إجابة السائلين، خلال رعايته لندوة: (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما)، وحضوره الحفل الختامي، والذي قدمه المستشار الإعلامي بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي سعادة الدكتور سليمان محمد العيدي، وبدأ الحفل بتلاوة عطره لفضيلة إمام المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني.
ثم ألقى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس كلمة بهذه المناسبة قال فيها: إن الرِّئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النَّبوي حريصة على تعزيز جانب الشَّراكة بينها وبين الرِّئاسة العامة للبحوث العلميَّة والإفتاء حيث يعد هذان القطاعان؛ جناحان يُحلقان في نفع المسلمين، وإنَّ الجهود المبذولة بين الرِّئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النَّبوي, والرِّئاسة العامة للبحوث العلميَّة والإفتاء يمثل أهم عوامل نجاح وتميز هذه الندوة المباركة، باعتبار أنَّها المرجعيَّة المعتمدة في تحقيق المنهج الصَّحيح للفتوى خصوصًا في الحرمين الشَّريفين، والشَّراكة بينهما قائمة في سبيل خدمة قاصدي الحرمين الشَّريفين، وتجلتْ في هذه النّدوة المباركة، التي تهدف لإرساء أسس قويمة للفتوى، بما يسهم بإذن الله في التَّيسير على القاصدين، وتعد هذه الندوة أول ندوة علميَّة كبرى، ومن أرض الحرمين الشَّريفين، المرتبطان بالعلم والفتوى على مرِّ العصُور، وعُرِفَ في جنباتِهما على مرِّ التَّأريخ أئمة وعلماء إليهم المرجع في الفتوى، ولاسيَّما في مسائل العبادات المتعلقة بهما.
لقد حظي الحرمان الشَّريفان في مراحل مختلفة من تأريخ الأمة بعناية كبرى بهذا الأمر؛ حتى كانا مقصدًا ومرجعًا معولًا عليه في الفتوى، والتي لها المنزلة الرفيعة، والمكانة العظيمة في الدين الإسلامي، فهي توجيه وإرشاد إلى مرادِ الله -عز وجل- وتوقيع عن ربِّ العزة، لذا لابدَّ أن تكون على منهاج النّبوة، بمراعاةِ مقاصد الشَّريعة وكليَّاتِها، وإلَّا كان ضررها أعظم من نفعها، واستشعارًا لأهمية الفتيا؛ جاءت دعوة الرِّئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النّبوي لعقد ندوة علميَّة مباركة حول الفتوى في الحرمين الشَّريفين، وأثرها في التَّيسير على قاصديهما، لتحقيق الأهداف المرجوة، ولجني المقاصد المأمولة، منها: تجسيد مكانة الحرمين الشَّريفين وقاصديهما وعناية ولاة الأمر-حفظهم الله- بهما- إيضاح الدَّور الرِّيادي للحرمين الشَّريفين في نشر العلوم الشَّرعيَّة- بيان أثر الحرمين في الفتوى، وسيكون لها أثر إيجابي في تيسير الفتوى لقاصدي الحرمين الشريفين- تدعيم مسارات الفتوى في الحرمين الشَّريفين، وتأكيد ارتباطها بكبار العلماء- خروج الفتوى منضبطة من الحرمين الشريفين؛ وفق منهج الفتوى الصحيح الوسطي المعتدل، وأن يسمع المسلمين الكلمة المعتدلة والرَّصينة من الحرمين الشَّريفين- الإسهام في تطوير برامج إرشاد السَّائلين في الحرمين الشَّريفين- مواكبة العصر الرَّقمي في إجابة السَّائلين، وبيان تكامل الفتوى بالتَّقنية وترابطهما، وأثر التَّقنية في تعزيزها- تفعيل وتعزيز دور الشَّراكات مع كافة الجهات المعنية- إبراز دور الجانب النِّسائي من حيث التّوجيه والإرشاد النِّسائي، وغيرها من الأهداف التي من شأنها أن تسهم في إنجاح الندوة وإيصالها إلى أكبر شريحة من المستفيدين.
ونيابة عن سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ألقى معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الأستاذ الدكتور فهد بن سعد الماجد كلمة قال فيها: فلا شك أن الفتوى في الحرمين الشريفين من أهم المهمات، ولذلك أثر عن التابعين ومن بعدهم تحديد مفت للمناسك؛ نظراً لدقتها، ونظراً لأهمية توحيد الاجتهاد فيها، حتى لا يقع الناس في الاختلاف وهم في مشعر ذكر وعبادة.
وكلما عُني بمن يتولى الإجابة عن أسئلة المستفتين في الحرمين من جهة علمه وعقله ودينه كان ذلك أدعى إلى أن تكون الفتوى إحدى الركائز الأساس لأن يؤدي الحجاج والمعتمرون والزوار عباداتهم وشعائرهم في طمأنينة وسكينة وبكل يسر وسهولة؛ فإن الله تعالى يقول ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ﴾ [المائدة: 6]، ويقول سبحانه ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185].
وإننا بهذه المناسبة نشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولحكومتهما الرشيدة، هذه الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومتنا لإنجاز كل ما فيه خدمة للحرمين الشريفين وزوارهما، فقد يسرت السبل، وأنجزت المشروعات، ولا زالت الأعمال تتابع لما فيه خدمة لهذه المشاعر، نسأل الله تعالى أن يجزي ولاة أمرنا كل خير، وأن يضاعف لهم الأجر والثواب، كما نتقدم بالشكر لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة ولسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز هذه الجهود الكبيرة التي تبذلها إمارة منطقة مكة المكرمة فسدد الله جهودكم صاحب السمو، وتقبل الله منكم أعمالكم الجليلة، وجعل ما تقدمون من خدمات لهذه البقعة المباركة الشريفة في ميزان حسناتكم، والشكر موصول لمعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الذي يبذل عبر رئاسته لهذه الرئاسة جهوداً حثيثة تسهم في خدمة زوار الحرمين الشريفين الخدمة اللائقة التي تحدث عنها الداني والقاصي.
وقال معالي عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان: وللفتوى مكانة عظيمة في الإسلام والله تولى شأنها سبحانه وتعالى مما يدل على أهميتها وماكنتها وأثرها في المجتمع الإسلامي والفتوى في الحرمين الشريفين لها أهمية كبر تختلف فيها عن أي مكان وحيث يستخدمها القاصدين من الحجاج والمعتمرين وينقلونها إلى من في بلادهم ومن هنا تجب العناية بالفتوى في الحرمين الشريفين أكثر منها من غيرها ولا شك أن في الحرمين الشريفين من العلماء الأجلال من يتولون الفتوى وتنقل عنهم إلى مختلف الجهات والبلاد الإسلامية وفي غيرها، والفتوى هي واجب شرعي من غير إلزام له وواجب على من يتولها في الحرمين الشريفين أن يستعد لها بالعلم النافع والطريقة السليمة الصحيحة حتى يعم نفعها في مشارق الأرض ومغاربها ويختلف وقع التوجيه والإرشاد والفتوى في الحرمين عن غيرهما , وكل ما يصدر من الحرمين الشريفين محل الثقة ولهذا عنيت الحكومة الرشيدة – رعاها الله – بأن وضعت من يتولون الفتوى عن جدارة وعن علم ومعرفة وحكمة، وأن الحرمين الشريفين مصدرا للتوجيه السليم والإرشاد القويم، وحتى ينتشر هذا العلم الصحيح الموثق من الكتاب والسنة يكون ذلك عن بصيرة وعلم وإخلاص لله عز وجل، وأن يجب على علماء الحرمين الشريفين ألا يصدر عنهم إلا بعد التأكد من ثبوته في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-مهتم بأمر الفتوى أشد الاهتمام وحق له ذلك، وولاة أمرنا -حفظهم الله- منذ تأسيس بلادنا يولون أمر الفتوى في الحرمين الشريفين جل اهتمامهم نظرًا لأهميتها لدى جميع المسلمين.
كما تجول سمو أمير منطقة مكة المكرمة خلال حضوره للحفل داخل المعرض المقام بحضور معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، وعدد من أصحاب المعالي والفضيلة المشاركين بالندوة.
كما تجول سمو أمير منطقة مكة المكرمة داخل المعرض الذي أقيم داخل أروقة المسجد الحرام، والذي يحتوى على عدة أركان وهي، ركن إجابة السائلين- ركن المكتبة- ركن التطويف والمطوفين- ركن هيئة المسجد الحرام- ركن المرأة والمسائل الشرعية- ركن المخطوطات- الركن الرقمي- ركن الأمن الفكري- ركن الكعبة المشرفة- ركن الروبوتات.
كما استمع سموه الكريم لشرح مفصل لعمل هذه الروبوتات، والتي تعمل على توجيه الحجاج والمعتمرين بكيفية أداء المناسك، والإفتاء والإجابة عن السائلين من قاصدي المسجد الحرام، مع إمكانية إضافة الترجمة الفورية للغات، وكذلك التواصل مع المشايخ عن بعد، ووضع عدد من التوجيهات التعريفية بأكثر من لغة، كل ذلك يتم عن طريق التحكم بالروبوت عن بعد.
ويدعم الروبوت التوجيهي (١١ )لغة وهي: اللغة العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الروسية، الفارسية، التركية، الملاوية، الأوردو، الصينية، البنغالية، الهوسا, كما يحتوي الروبوت على شاشة (٢١ بوصة ) تعمل باللمس يمكن الاستفادة منها بعمل عدد من الخدمات التي تهم قاصدي المسجد الحرام من توجيه وإرشاد وإبداء رأي.
ويحتوي الروبوت على (4) عجلات مزودة بنظام إيقاف ذكي تسمح بتحريكه بشكل سلس ومرن، مع نظام كاميرات أمامية وسفلية عالية الدقة والوضوح في نقل الصورة حيث تسمح بالتقاط تصوير محيطي للمكان، وسماعات ذات وضوح عال في الصوت، وميكروفون بجودة التقاط عالية تسمح بنقل واضح للصوت، ويعمل الروبوت على نظام الشبكة اللاسلكية واي فاي وبسرعة ٥ جيجا هرتز تمكن من انتقال سريع وعالي للبيانات.
ونوه معالي الرئيس العام أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي سخرت التقانة الحديثة في تطوير منظومة خدماتها تحقيقًا لتوجيهات القيادة الرشيدة – رعاها الله - وإبراز الدور الكبير الذي تبذله دولتنا المباركة في العناية الفائقة بالحرمين الشريفين وقاصديهما , فجزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين خير الجزاء، إنه قريب مجيب.
0C146664 137C 47D2 8525 048EDDF0B4292C10CEA3 7EB2 455D A021 370C5152078B3BE3694F 82AE 49AD 88DE FA25E7ED506000E54776 2FD3 4826 9766 357E98264AE21B063E58 F0CF 4401 85A6 149F704C6A401F6EB1C5 6856 4356 BA79 6F7EAA953DAE4BB60A44 9F8C 41FA AFAC C732253166D34FCE22C5 77A0 4671 8A41 5A3CC23813445E635EB4 89AE 4EF1 85B1 807D5A05795D6A09BC41 F7EE 4CB0 AE4A 914F76E22B866DE07D24 528E 4EDE 85AF D1DE1766BD966F03B628 9517 492D 94D6 D377456361168C5D201A 4601 4EB5 8725 8390A50B12B230B07F54 EBF1 4D6D AE22 232940CFB88445F0ABD4 2F91 437C ABD7 E8CB53DD1582452A8F65 A121 4B7E 8841 BE7645EE06BD93DB3554 FF13 4065 BF8E DE8C3DA19CD47387C113 5B03 4821 B72B 9A9AE66F03A4A3A5A49D 36AC 4C84 83CA 4F67D494432CC8C98E74 B2CC 4C16 8AFF EA370D938A37
أصدرت ندوة (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على القاصدين)، والتي أقيمت اليوم الثلاثاء ١ ذو القعدة ١٤٤٣هـ، بالمسجد الحرام، بمكة المكرمة، بعد موافقة كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – و عناية من سمو ولي عهده الأمين، الأمير الهمام محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – ورعاية نفيسة من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل – حفظه الله-، وبمتابعة من أمير منطقة المدينة المنورة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- والتي أقامتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بالشراكة مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.
وجاءت التوصيات كالتالي: تقدم المشاركون بأصدق آيات الشكر لله تعالى على جزيل النعم، رافعين شكرهم وتقديرهم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – على الدعم غير المحدود للحرمين الشريفين ومنظومة الحج والعمرة والزيارة وعلى الموافقة والرعاية الكريمة، واصلين شكرهم وثناءهم لمقام ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – على ما يقدمه من متابعة ورعاية واهتمام في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما , مثمنين تشريف وحضور ورعاية سمو أمير منطقة مكة المكرمة سمو الأمير خالد الفيصل -حفظه الله-.
هذا وقد أوصى المتحدثون بما يلي: 
أولاً: إبراز مكانة الفتوى ومنزلتها، والتزام المملكة العربية السعودية منهج الوسطية والاعتدال في شتى المجالات، وخصوصًا في الفتوى، وعنايتها ببناء المفتين، وحرصها على توعية ضيوف الرحمن لتحقيق مقاصد العبادة.
ثانياً: أهمية استثمار التقانة والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي ومواقع التواصل في ربط الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن مع الطاقات الاستيعابية مع الأحكام المتغيرة بتغيرها؛ لبيان الإجابة للسائلين عن الأحكام الشرعية في الحرمين الشريفين.
ثالثاً: العمل على إنشاء مركز معلومات يُعنى بجمع الفتاوى المتعلقة بالحرمين الشريفين في قاعدة بيانات، مع العناية بترجمتها وتحويلها رقمياً لتعم بنفعها العالم الإسلامي.
رابعاً: إعداد موسوعة تكون معلمة للفتوى، ورقية ورقمية، ذات تشجير علمي، تراعي تنوع الأحوال واختلاف المذاهب، وتفيد من الذكاء الاصطناعي في التعرف على حال المستفيد -المستفتي-، وإيصاله للسؤال وجوابه المناسب لحاله، وجمع المسائل والنوازل في الحرمين الشريفين والفتوى الصحيحة فيها.
خامساً: تفعيل الجانب التوعوي بإعداد مقاطع مرئية؛ توضح الأحكام المتعلقة بالحج والعمرة والزيارة، وتكون مترجمة بلغات متعددة تخاطب ضيوف الرحمن بلغاتهم.
سادساً: إعداد أدلة إلكترونية ترشد ضيوف الرحمن وتوعيهم بأحكام المسائل التي تعرض لهم في محطات رحلتهم، وتتفاعل بنظام الذكاء الاصطناعي معهم بحسب المكان والتوقيت وخصائصه الديموغرافية.
سابعاً: أهمية توعية وتأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن عمومًا بالأحكام المتعلقة بالخدمات التي يقدمونها، وما يطرأ عليها من أحوال.
ثامناً: الالتزام بعدم السماح بأن يفتي أو يجيب السائلين عن المسائل الشرعية إلا المؤهل بالعلم الشرعي، الوسطي في منهجه، المعتدل في فكره، وأن تيسير الفتوى وتغيرها سائغ لأسبابه المقررة عند أهل العلم لكنه يؤخذ من العلماء الراسخين، والتحذير من المواقع المجهولة أو غير الموثوقة والعناية بالفتاوى الجماعية عند النوازل العامة من الهيئات العلمية والمجامع الفقهية.  
تاسعاً: التزام من يجيب السائلين عن الأحكام الشرعية في الحرمين الشريفين بالأنظمة المرعية، حفاظًا على انتظام خطط تقديم الخدمات وإدارة الحشود، دون تحزب أو تعصب لمذهب أو طائفة.
عاشراً: الإفتاء وإجابة السائلين عن المسائل الشرعية بالفتاوى المشهورة وتجنب الفتاوى الشاذة، وتوحيد الاجتهاد في المناسك ما أمكن، ومراعاة التيسير في الفتوى، فيما لا يخالف نصًّا أو إجماعًا قطعيًا، ولا ينطوي على تتبع الرخص، ومراعاة أسلوب الخطاب في الفتوى واتصافه بالسعة والتسامح وآداب الاختلاف بين العلماء، وتجنب خطاب العنصرية والكراهية.
الحادي عشر: يراعي من يفتي ويجيب السائل إيضاح الفتوى وسهولة عرضها وفهم المستفتي لها؛ مراعاةً لتعدد ثقافات المستفتين في الحرمين الشريفين ومذاهبهم، وإفهام المستفتي أن تغير الفتوى واختلاف المذاهب هو في المسائل التي يسوغ فيها الخلاف وفق أدلة معتبرة، والإرشاد للحلول الشرعية لمن وقع في مشكل، ومراعاة التدرج خاصة مع حديثي الإسلام، والحرص على جمع الكلمة والحذر من الفرقة والخلاف.
الثاني عشر: تعزيز دور الفتوى في حفظ الأمن في المجتمعات وحقوق الأوطان والسمع والطاعة لولاة الأمر، ومكافحة التطرف والتشدد والعنف والإرهاب.
الثالث عشر: تعزيز الشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والجامعات العريقة؛ لبناء خطة استراتيجية للفتوى، وبرامج تأهيلية تجمع بين البناء العلمي والتطوير المهاري واستثمار التقانة من خلال أكاديميات متخصصة، يمولها القطاع الثالث؛ تؤهل من يمارس الفتوى وإجابة السائلين عن المسائل الشرعية ليتحصن بالعلم المؤصل مع مواكبة الوسائل واطلاع على واقع المستفتين والسائلين.
الرابع عشر: الدعوة إلى إقامة مثل هذه الندوة العلمية في المسجد النبوي الشريف، وإقامة مؤتمر علمي عالمي يزخر ببحوث وأوراق عمل، ضمن جلسات متعددة، تخدم الفتوى بالحرمين الشريفين، وتحمل فروعا في النوازل الشرعية.
الخامس عشر: تكوين فريق عمل مشترك من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء؛ لجمع الشروط والضوابط التي ذكرت في هذه الندوة، وإخراجها في لائحة تنظيمية.
السادس عشر: التعاون مع جامعاتنا العريقة واهتمامها بطرح مشروعات بحثية ورسائل علمية وإقامة كرسي بحثي للعناية بفقه الفتوى وما يتعلق به من علوم ومسائل، لا سيما ما يختص به الحرمان الشريفان وأثر الفتوى في التيسير على القاصدين.
السابع عشر: تخصيص مرشدات من عضوات هيئة التدريس بالكليات الشرعية بالجامعات بالمملكة؛ يقمن بمهمة التوجيه والإرشاد للسائلات بالحرمين الشريفين خدمةً للقاصدات في الفتاوى ولاسيما التي تخص المرأة.
الثامن عشر: الاهتمام بالفتوى في مناهج التعليم، ومن ذلك: إدراج مادتين مستقلتين بمسمى: "أصول الإفتاء" "الأحكام والنوازل المتعلقة بالحرمين الشريفين"، تدرس ضمن مقررات الكليات الشرعية بالجامعات على أن تعكف لجنة متخصصة على وضع المنهج العلمي.
التاسع عشر: استقبال المبادرات النوعية للإسهام في خدمة الفتوى في الحرمين الشريفين، من خلال بريد إلكتروني هو: (عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.)، تستقبل من خلاله الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي طلبات مبادرات كبرى في خدمة الفتوى بالحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على القاصدين، على أن تتضمن الضوابط المتبعة في طرح المبادرات النوعية.
العشرون: تكوين فريق عمل إشرافي من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء ، ينبثق عنه فريق تنفيذي لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات بعد اعتمادها.
صدر في مكة المكرمة يوم الثلاثاء بتاريخ 01/ 11/ 1443هـ بتقويم أم القرى الموافق 31/ 05/2022م
وصلى الله وسلم على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.


-5812449043941538952_121.jpg

-5812449043941539039_121.jpg
 
-5812449043941539038_121.jpg-5812449043941539061_121.jpg
انطلقت الجلسة الثانية من جلسات ندوة (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما) ،  بالتعاون الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء  بعنوان:(مراعاة الخلاف في الفتوى في الحرمين الشريفين)، وترأسها المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء، عضو اللجنة الدائمة للفتوى معالي الشيخ الأستاذ الدكتور سعد بن ناصر الشثري، ومقررها مساعد الرئيس العام لشؤون المسجد النبوي الدكتور محمد بن أحمد الخضيري والتي سيتحدث فيها كل من:
- فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور سامي بن محمد الصقير عضو هيئة كبار العلماء، عن تغير الفتوى، حقيقته وأسبابه، قال فيها: أما بعد: فهذه ورقة عمل في (تغير الفتوى حقيقته وأسبابه).
المراد بـ(تغيُّر الفتوى): انتقال المفتي أو رجوعه من حكم إلى حكم شرعي آخر لمقتضى شرعي.
أنواع الفتوى من جهة تغيُّرها:
الفتوى أو الحكم الشرعي من جهة التغيُّر على نوعين:
النوع الأول: الفتاوى والأحكام الثابتة:
وهي الفتاوى والأحكام التي لا تتغير، وهي ما جاء مقررًا في الشريعة بأصول ثابتة محكمة، ومصالح مستقرة، فهذه لا تتبدل ولا تتغير بتبدل الأزمان أو الأحوال أو الأماكن أو غيرها؛ كالتوحيد وأصول الإيمان، وأصول العبادات، ومكارم الأخلاق، ونحو ذلك، وكتحريم ما كان قبيحًا ومفسدة في كل زمان ومكان وحال؛ كالكفر والشرك، ومساوئ الأخلاق ونحو ذلك؛ لأن الشريعة جاءت بمصالح العباد ورفع المفاسد عنهم.
النوع الثاني: الفتاوى المتغيرة:
وهي التي تتغير بحسب المصلحة زمانًا ومكانًا وحالًا؛ كمقادير التعازير وأجناسها وصفاتها، فإن الشارع يُنوِّع فيها بحسب المصلحة.
قال ابن القيم رحمه الله: «الأحكام نوعان: نوع لا يتغير عن حال واحدة هو عليها، لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة، ولا اجتهاد الأئمة، كوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم ونحو ذلك، فهذا لا يتطرق إليه تغيير ولا اجتهاد يخالف ما وضع له.
والنوع الثاني: ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زمانًا ومكانًا وحالًا، كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها؛ فإن الشارع ينوع فيها بحسب المصلحة».
وأوضح فضيلته أسباب تغيُّر الفتوى على النحو التالي:
1- تغيُّر الفتوى بسبب تغيُّر تحقيق مَناطها العام أو الخاص، بأن تكون العلة موجودة في الحكم في زمان أو مكان أو حال، ثم تنتفي، وحينئذٍ يتغير الحكم أو الفتوى لزوال العلة أو تغيرها.
وقد يكون سبب ذلك مراعاة الفروق بين الوقائع، فقد تحدث واقعة خاصة تستدعي حكمًا لا يطبق على نظائرها لوجود وصف مؤثِّر -يتعلق بالواقعة أو الشخص- يستدعي اختلاف الحكم، كإقامة حد الجلد على المريض الذي لا يطيق الجلد.
فعن سعيد بن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: «كان في أبياتنا رويجل ضعيف، فخبث بأَمَةٍ من إمائهم، فذَكر ذلك سعد لرسول الله ﷺ فقال: «اضربوه حدَّه». فقالوا: يا رسول الله، إنه أضعف من ذلك.
 فقال: «خذوا عثكالًا فيه مائة شمراخ، ثم اضربوه به ضربة واحدة». ففعلوا.
ومن أمثلة ذلك: قول النبي ﷺ لأبي ذر: «يا أبا ذر، إني أراك ضعيفًا وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمَّرن على اثنين، ولا تَولَّين مال يتيم».
ومن هذا الباب: أن يسلك المفتي مسلك التيسير عند قيام المقتضى ووجود السبب، كحال من أصيب بوساوس في عبادته؛ فإنه ييسر له ما لا ييسر لغيره.
2- مراعاة العُرف: وهو ما اعتاده الناس من قول أو فعل أو ترك أو تصرف.
فقد يتغير العرف في زمن أو حال، فيتغير الحكم، سواء كان ذلك في الألفاظ أم في العقود أم في غيرها، كألفاظ العقود، وما يعتبر عيبًا في البيع وما لا يعتبر، وصيغ ألفاظ الصرائح والكنايات.
قال ابن القيم رحمه الله: «من أفتى الناس بمجرد المنقول من الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم؛ فقد ضل وأضل، وكانت جنايته على الدِّين أعظم من جناية من طَبَّب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل وهذا المفتي الجاهل أضر على أديان الناس وأبدانهم» .
3- مراعاة المصلحة المرسلة المتغيرة.
والمصلحة المرسلة هي التي لم يأتِ الشرع بحكم معين لها، وتفتقر إلى دليل شرعي ينص على إلغائها أو إبقائها.
فالعمل بها رعاية للضروريات من الدِّين والنفس والمال والعِرض والعقل.
فمن الأحكام الشرعية ما تكون علته ومناطه المصلحة المؤقتة، فإذا وجدت وجد الحكم، وإذا انتفت انتفى الحكم.
ومن أمثلة ذلك: جمع الصحابة رضي الله عنهم للمصحف بعد وقعة اليمامة، وإجبار الولي على إرضاع الصغير وتربيته والقيام بشؤونه، ومقادير العقوبات التعزيرية وأجناسها وصفاتها؛ فإنها تختلف وتتنوع بحسب المصلحة.
4- مراعاة الخبرات والتقدم العلمي.
فقد يثبت الحكم في زمن من الأزمان، ثم يتغير بسبب تغير الحقائق العلمية وتغير مناط الحكم عليها.
ومن أمثلة ذلك: الباسور. كان يعد سابقًا عند الفقهاء من العيوب الموجبة لفسخ النكاح بين الزوجين، بل وحرم بعض الفقهاء قطع البواسير؛ لأن قطعها قد يكون سببًا للهلاك.
أما في زمننا ومع تقدم الطب، فإن الباسور لا يعد عيبًا موجبًا للفسخ، ولا يحرم قطعه؛ لأن إزالته وعلاجه أمر ممكن بكل يسر وسهولة -ولله الحمد- بسبب تقدم الطب.
ومما يؤيد هذا المعنى: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منع أُناسًا من نصيب المؤلفة قلوبهم، كان قد فرض لهم رسول الله ﷺ وتألفهم على الإسلام، وكان الإسلام يومئذٍ في ضعف، فلما أعز الله تعالى الإسلام وأهله ترك عمر رضي الله عنه إعطاءهم.
5- مراعاة الضرورات والحاجات.
من أسباب تغير الفتوى والحكم حدوث ضرورة أو حاجة تستدعي تغير الحكم، وقد قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام:119].
ومن أمثلة ذلك: الحكم بصحة تصرفات الغاصب إذا كثرت وحصل من الحكم ببطلانها ضرر على غيره.
ومنها: جواز المسح على الخفين من غير توقيت إذا دعت الضرورة أو الحاجة إلى ذلك.
ومنها: جواز طواف الحائض إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
6- مراعاة مقاصد الشرع، والمقاصد: هي المعاني التي راعاها الشرع عند تشريع الحكم، والتي تحقق مصالح العباد في الدارين.
قال ابن القيم رحمه الله: «الشريعة مبناها وأساسها على مراعاة الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد».
ومن أمثلة ذلك: تصحيح العقود والشروط متى أمكن إذا كان يترتب على إبطالها ضرر.
ومنها: صحة تصرف الولي والوكيل إذا تصرفوا بغير إذن، وترتب على إبطال تصرفهم ضرر لا يمكن دفعه إلا بتصحيح العقد.
7- السياسة الشرعية والنظر في المآلات والعواقب.
فإذا كان يترتب على الحكم أو الفتوى ضرر، أو كان يخشى من المفسدة، أو كان سببًا للتحايل على الأحكام الشرعية، فإن الحكم يتغير، كما في نكاح التحليل والحيل على الربا.
والأصل في هذا قول النبي ﷺ لعائشة رضي الله عنها: «يا عائشة، لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين، بابًا شرقيًّا، وبابًا غربيًّا، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر؛ فإن قريشًا اقتصرتها حين بنت الكعبة».
8- تغير الفتوى بتغير حال المفتي.
قد تتغير الفتوى أو الحكم بسبب وقوف المفتي على دليل في المسألة لم يكن يعرفه من قبل، أو لتغير اجتهاده وإعادة نظره في المسألة، قال عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «لا يمنعنك قضاء قضيتَه راجعتَ فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك؛ أن تراجع الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل» .  
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
- فضيلة الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة عضو هيئة كبار العلماء إمام وخطيب المسجد الحرام، عن الفتوى والتقنية التكامل والترابط: قال فيها: فلقد خلق اللهُ سبحانه الإنسانَ بعد العَدَم؛ كما قال سبحانه: ﴿ هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) ﴾  [الإنسان: ١ – ٣]، وجعل الجهلَ وَصفًا لصيقًا به من القِدَم؛ قال تبارك وتعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ ،  وأمدَّه بوسائلِ إدراكِ العلمِ والمعرفة؛ قال سبحانه في تتمة الآية: ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ٧٨  ]، فكانت حاجةُ الإنسانِ إلى الفتوى، والتي طريقها السؤالُ ضرورةً مُلِحَّة؛ كما قال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣].
إنَّ الله لـمَّا أنعمَ على أبناءِ هذا الزمانِ بوسائل التقنيةِ الحديثة، سمعيةً وبصريةً وغيرَ ذلك، وكانت سِمتُها التطوُّرُ والتَّرقي، وما أثْمرَتْه هذه الوسائلُ من تَيَسُّرِ الحياة، وتذليلِ شؤونِ الناسِ وتسهيلِها؛ فإن من الواجب على أهلِ الإسلامِ عُمومًا، وعلى أهلِ العلمِ وطَلَبتِه خُصوصًا: الإفادةَ منها، ومواكبةَ تطوُّراتِها، وبيانَ ما يتعلقُ بها من أحكامِ الشرعِ المطهَّر وآدابِه وتعاليمِه.
التعريف بمفردات الورقة:
موضوعُ ورقتنا هذه: "الفتوى والتَّقْنِيَة: التكامُلُ والترابُط"، وهذا الموضوعُ قائمٌ على شِقَّين أساسييَّن:
الأول: الفتوى، وهي: بيانُ المفتي لحُكمِ الشرعِ في مسألةٍ لا على سبيلِ الإلزام، وهي مأخوذةٌ من الإفتاء الذي هو البيانُ والإيضاح، وقولُنا: لا على سبيل الإلزام؛ للتفريق بين فتوى المفتي وحُكمِ القاضي.
والثاني: التقنية، وهي مشتقةٌ من كلمة (تكنولوجيا) وهي كلمةٌ يونانيةُ الأصل، مكوَّنةٌ من شِقَّين (تكنو) ومعناها: الحرفةُ أو الفنُّ أو المهارة، و(لوجيا) ومعناها: العلمُ أو الدراسة، فكأنَّ القافَ منقلبةٌ عن الكاف لقُربِ مخرجهما، وهناك من يرى أنَّ أصلَ اشتقاقها من الإتقان، والأمرُ في ذلك سهل.
وأيًّا كان أصلُ اشتقاقِ هذا أو ذاك، فالجميعُ متفقٌ على أن المقصودَ بها ما أضافه الإنسانُ بما وَهَبه اللهُ - جل وعلا- من إمكاناتٍ وقُدُراتٍ ذهنيةٍ وماديةٍ من أدواتٍ وآلات، وطُرُقٍ وأساليبَ وابتكارات، حَسَّنَت من جودة الخدمات، وارتَقَت بمستوى الحياة إلى أفضل المقامات، بدءًا بالسياراتِ والطياراتِ والباخرات، والآلاتِ الصناعية، والمعدّاتِ الطبيةِ في غيرها، إلى ما نراه الآنَ من وسائلِ التواصلِ وفضاءاتِ الشبكةِ العنكبوتية، والأجهزةِ الذكية، مما لا يدخل تحت الحصر.
وبالنظر والتأمل إلى مُحَصَّلِ ما بين التعريفِ الاصطلاحيِ للفتوى والتقنية، يتبيَّنُ لنا أن الفتوى من باب المقاصدِ والغايات، والتقنيةَ من باب الوسائلِ والآلات، فهي بمقام القلم من التَّعَلُّم؛ كما قال جل وعلا: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾ [العلق: ١ – ٥].
الصِّلةُ بين الفتوى والتَّقنية تُفيدنا في معرفةِ ما يُمكنُ أن تضيفَه هذه الأخيرةُ إلى الفتوى من أدواتٍ ووسائلَ تُحَسِّنُ الأداء، وتجوِّدُ النتائجَ والمُخْرَجات.
ولا يخفى عليكم -أيها الأكارمُ- ما للفتوى من المنزلة الكبرى في دين الإسلام؛ فهي من مَقاماتِ إعلائِه وإظهارِه، وهي توقيعٌ عن الله سبحانه، وإخبارٌ عن حكمه، والمفتي قائمٌ في الأمة مَقامَ النبيِّ ﷺ؛ كما يقول الشاطبيُّ رحمه الله في "الموافقات، وهي أيضًا مَزِلَّةُ قدم؛ ولذلك كان سلفُنا الصالحُ رحمهم اللهُ تعالى ورضي عنهم يتحامَونها ويتدافعونها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا؛ قال البراءُ بنُ عازِبٍ : (لقد رأيتُ ثلاثَ مئةٍ من أصحابِ بدر، ما فيهم مِن أحدٍ إلا وهو يحبُّ أن يَكفيه صاحبُه الفتوى).
فهي -أي الفتوى- منزلةٌ لا تنبغي إلا لعالمٍ راسخٍ في العلم، أو مجتهدٍ متمكِّن، أو طالبِ عِلمٍ حَصَّل عُلومَ الآلة، وتكوَّنَت لديه الملكةُ الفقهيةُ التي تُخَوِّلُ له البحثَ والفتوى.
ولما كان الأمرُ كما أسلفنا، ورأينا أنَّ وسائلَ التقنية ليست قَصرًا على أحد من الناس، وربما اتخذها للفتوى وإبانةِ أحكامِ الشرعِ مَن ليس كُفؤًا لها ولا أهلا، فإنَّ من الضروريِّ الالتفاتَ إلى هذا الجانب، وذلك ببذل جهودٍ وسُلُوكِ سُبُلٍ لتكون التَّقْنِيةُ من أعظمِ وسائلِ إيصالِ الفتوى الصحيحة، التي تجمعُ بين الأمانِ والمصداقيةِ والسُّرعة.
فمما يُمكنُ أن يُسهِمَ في تعزيز الترابُطِ والتكامُلِ بين الفتوى والتقنية، مع استحضارنا ما سبقت الإشارةُ إليه من كونِ الفتوى غاية، والتقنيةِ وسيلةً أنْ نقول:
أولًا: إنَّ ضبطَ الفتوى من صلاحياتِ وليِّ الأمر، فهو ومَن خوَّلهم مِن أهل العلم والفضل لهم ترشيحُ مَن تحقَّقت أَهْلِيَّتُه لذلك، قال الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ رحمه اللهُ تعالى في كتابه "الفقيهِ والمتفقه": " ينبغي ‌لإمام ‌المسلمين أن يتصفحَ أحوالَ المُفتين، فمَن كان يصلُحُ للفتوى أقَرَّه عليها، ومن لم يكُن من أهلها منعه منها".
ثانيًا: أنه لم يَعُدْ من الممكنِ الاقتصارُ على الفتاوى المباشرةِ عبر الاتصالِ الهاتفيِّ والبرامجِ التلفازيةِ فحسْب، بل صار من الضروريِّ فتحُ قنواتٍ ومواقعَ وتطبيقاتٍ تُسهِمُ في سهولةِ وُصولِ الفتوى إلى المستفتينَ وسرعتِه.
ثالثًا: أنَّ من المهمِّ استحداثَ وسائلَ تواصلٍ جديدةٍ عن طريقِ أجهزةٍ ذكية في الأماكن التي هي من مظان الحاجة إلى الفتوى، كالحرمينِ الشريفين، والمواقيتِ والمطاراتِ وغيرِها.
رابعًا: أنَّ من المهمِّ استحداث تطبيقٍ خاصٍّ بالفتاوى على مدار الساعة، وبخاصة في الحرمين الشريفين؛ للإجابة عن أسئلةِ المستفتينَ بالصوت والصورة، يَنبري له ثُلَّةٌ من أهل العلم والفضل من طلبة العلم المتمكنين، وتَصِلُ الفتوى المستفتيَ باتصال مباشر وهو في مكانه؛ درءًا للازدحام الذي قد ينشأ بسبب التوارُدِ على المواضعِ المخصَّصة لذلك، من المكاتب والأجهزةِ الآليةِ المتحركة، وبخاصة أيامَ المواسم.
خامسًا: أنَّ من المُستحسَنِ إنشاءَ خدمةِ رسائلَ هاتفيةٍ نصية؛ للإجابة عن أسئلة المستفتين، تَتسِمُ بالسرعة والمصداقية، وتكونُ في نطاقٍ محدودٍ من الأسئلة، بعيدةٍ عما لا حاجة للمستفتي به من نوادرِ المسائلِ ومُشكِلِها.
سادسًا: أن من المقترحات إنشاءَ تطبيقٍ يعمل على توجيه المستفتينَ إلى أقربِ مكاتبِ الإفتاء، عن طريقِ الخرائط، ليَسهُل الوصولُ إلى المفتين، وبخاصةٍّ في المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النبوي.
سابعًا: أنه لابد من دعم الترجمةِ الآليةِ أو السريعةِ للأسئلة الواردةِ والأجوبةِ عليها، وذلك بتفريغ ثُلَّةٍ من طلبةِ العلمِ الوافدينَ الثقاتِ من أهل الجنسيات الأكثرِ شُيُوعا، وبخاصةٍ في المواسم، لاستيعابِ أكبرِ عددٍ ممكنٍ من السائلين، ولا يكون الأمرُ مقصورًا على من يتحدث اللغةَ العربيةَ فقط.
ثامنًا: أنَّ من المهمِّ نشرَ الجهاتِ المختصةِ فتاوى كبارِ العلماءِ وبثَّها عبرَ وسائلِ التواصل، وفي مواقعها الشبكية، ونوافذها الالكترونية؛ ليعُم النفعُ بها؛ سيَّما واللهُ تعالى قد جعل هذه البلادَ المباركةَ مأرِزَ الإسلام، ومهوى أفئدةِ العالمين، والمؤمنون في أرجاء المعمورةِ قد وضعوها موضعَ الثقةَ في الفتوى؛ لما يعلمونه من منزلةِ علمائها وفضلِهِم دينًا وأمانةً وتقوى؛ وصُدورهم وورُودهم عن الكتاب والسنة، وأقوالِ سلفِ الأمةِ الصالحِ رحمهم اللهُ تعالى، نحسبُهم واللهُ حسيبُهم ولا نزكي على الله أحدا.
تاسعًا: أنَّ من الضروري تعزيزَ الأمنِ المعلوماتيِّ الذي يحمي هذه المواقعَ والتطبيقاتِ المختصةِ بالفتاوى الشرعيةِ من الاختراقِ والتعطيل؛ بغرض إفسادِها أو تزويرِها وتزييفِها، وغير ذلك من الأغراض الدنيئة.
وكذلك من الجانب الآخر حجبُ المواقعِ والتطبيقاتِ المشبوهةِ والمضلِّلة، التي تنشُرُ الفتاوى الشاذةِ المخالفةِ للدين والأخلاق.
تلكُم مَناراتٍ في هذا الموضوع المهم، ولا يزال الميدانُ رَحْبا خِصْبًا لابتكار الأفكارِ المُثمِرةِ التي يمكن أن تخدِمَ فيه التَّقْنِيَةُ الحديثةُ ميدانَ الفتوى.
أسألُ اللهَ أن يأخذَ بأيدينا إلى ما يحب ويرضى، وأن يمُن علينا جميعًا بالهدى والسداد، وأن يُديمَ سبحانه على هذه البلادِ المباركةِ الأمنَ والأمانَ والرخاءَ والاستقرار، ويوفِّقَ وُلاةَ أمرهَا لكل خير وبِرٍّ وفلاح؛ إنه جواد كريم.
فيما تحدث معالي الشيخ الأستاذ الدكتور غالب بن محمد الحامظي عضو هيئة كبار العلماء، عن الفتوى في العصر الرقمي، وأثر التقنية في تعزيزها، قال فيها: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله..
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71] أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
لدى المختصين من أهل العلم والفتوى عناية بالتطور الرقمي والتقنية المتنامية في هذا العصر؛ ورعاية التطور الحادث فيه لاستخدامه في باب الفتوى.
 فالعزوف عن هذه التقنية الرقمية تجاف فاضح، والعناية به يعين في رعاية المصالح واستغلال للوقت.. ومسايرة هذه التقنية فيه رقي.. وفيه رشاد في نشر العلم والفتوى بأسلوب تعايشه الأمة في واقعها. فلا غرابة في إقامة الندوات لدراسة هذه المهمة العصرية بل هي دليل اهتمام ومزيد اعتناء.
 فالاهتمام بهذا الأمر يُذهب حالة الجمود أو الضمور تبعا للبعد عن استخدام التقنية هذه؛ فلا ينبغي التفريق بين باب الفتوى وغيرها من الاحتياجات البشرية في العصر الرقمي.
فالأمل يحدونا أن تعزز الدراسات -في هذا الباب- الحرص على استخدام التقنية المنضبطة لا سيما وأن التقنية توفر متابعة كل جديد من البحوث من مصادرها بأكبر كمّ من المعلومات في أقصر وقت؛ حتى جعل العالمَ كله في غرفة واحدة، يعيش فيها المتابع مع عالمه بضغطة زر.. ولولاة أمرنا في هذه البلاد المباركة الذين يسوسون أحوال الناس ودنياهم بالدين والشرع القويم اهتمام بالغ بالتقنية الخادمة للفتوى-وغيرها- مما يُسهّل على المفتي أداء مهمته التي وكلت إليه من الشارع الحكيم.
والانضباط في العصر الرقمي في استخدام الوسائل التقنية يحقق الأثر الإيجابي دون معاناة في مفاسد محققة!  فعلى كون العصر الرقمي يزيل حواجز المكان والمسافة وقيود الزمان بين مستخدميه؛ إلا أنه تعوزه الضوابط التي تراعي الفتوى المستخدمة للتقنية قائمة بصورة مهنية أمينة.
 ومع معرفة العوائق والضوابط المهنية سيأتي تعزيز الفتوى في العصر الرقمي.
وبالوقوف على المشاكل والتحديات يمكن أن تُعرف الحلول والسبل الكفيلة لتجاوز تلك العوائق والمشاكل والتحديات؛ ومن هنا يمكن ضمان الفتوى في العصر الرقمي وتعزيزها بالتقنية المعاصرة.
فالفُتيا مَقامُها عظيمٌ، وخطرُها جسيمٌ، لذا اعتنى أئمَّة السلف وعلماؤهم من أصوليين وفقهاء بشأن الفتيا، حيث وضعوا لها القواعدَ، وبيَّنوا الشروط التي يلزم تحقُّقُها في المفتي والمستفتي. قال الإمام النووي رحمه اللَّـه تعالى في كتابه آداب الفتوى:" قال العلماء: فإن المفتي موقع عن اللَّـه". وقال الإمام ابن القيم رحمه اللَّـه في كتابه إعلام الموقعين: "والمفتي هو المبلغ عن اللَّـه تعالى، والواسطة بين اللَّـه وخلقه في بيان الحلال والحرام لمن استفتاه، ومقامه عظيم، خصوصًا فيما يتعلَّق بالصدع بالحق، وبيان الحلال والحرام في المسائل التي تحتاجها الأمة ويكثر فيها الالتباس والخفاء، أو تكثر فيها الأهواء والباطل".
التعريف بمفردات الموضوع: الفتوى والمصطلح الرقمي والتقنية:
.  تعريف الفتوى لغة: اسم مصدر بمعنى الإفتاء، والجمع: الفتاوى والفتاوي، يقال: أفتيته فَتْوى وفُتْيا: إذا أجبته عن مسألته. والفتيا: تبيين المشكل من الأحكام، وتفاتَوْا إلى فلان: تحاكموا إليه وارتفعوا إليه في الفُتيا.
تعريف الفتوى:
في الاصطلاح: أما تعريفُ الفتوى في الاصطلاح، فقد عرَّفها العلماء بتعريفات عديدة منها:
قال القَرافي: "الفتوى إخبارٌ عن حكم الله تعالى في إلزام أو إباحة". • وقال الجرجاني: "الإفتاء: بيان حكم المسألة".
 وقال ابن الصلاح: "قيل في الفتيا: إنها توقيع عن الله تبارك وتعالى".
 وعرفها ابن حمدان الحراني الحنبلي بقوله: "تبيين الحكم الشرعي عن دليل لمن سأل عنه". ومن خلال التعريفات السابقة وغيرها يمكن تعريف الفتوى بأنها: بيان الحكم الشرعي لمن سأل عنه على غير وجه الإلزام.
المقصود بالمصطلح الرقمي : يستخدم هذا المصطلح للدلالة على عدد من التطبيقات التي تبنى على جهاز الحاسوب، وقد تستخدم هذه التقنية في عملية الاتصال، أو استرجاع المعلومات كعدد من النشاطات، ومن أمثلتها البريد الإلكتروني، والشبكة العنكبوتية وغرف التواصل والدردشة، وأجهزة الحاسوب المحمولة والمنزلية، وآلات المسح الرقمية ووسائل التصوير المختلفة.
المقصود بالتقنية: تعد التقنية مهمة لكونها تُستخدم بجميع مجالات الحياة خاصة العملية، فعندما نتأمل روتين حياتنا اليومية ونحاول أن نحصي أدوات التقنية وأثرها البالغ في حياتنا حينها ندرك أهمية التقنية في حياتنا، مثل: استخدامنا للسيارات، والحاسوب، والشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، والهاتف النقال (التلفون)، والتلفاز، والآلات الكهربائية وغيرها الكثير.
فيمكن تعريف التقنية على أنها كل ما يقوم به الإنسان من تغييرات أو تعديلات أضافها إلى الأشياء المتواجدة في الطبيعة، بالإضافة للأدوات بمختلف أنواعها والتي قام بصناعتها لتسهيل الأعمال التي يقوم بها، حيث إنّ التقنية تشمل مناحيَ كثيرة في الحياة مثل: الغذاء، والدواء، والسكن، واللباس، والاتصالات، والمواصلات، والرياضة، والعلم وغيرها الكثير.
استعمالات التقنية: تستخدم التقنية في مجالات حياتنا بشكل كبير، ومن تلك الاستخدامات تقنية الاتصالات: تتضمن هذه التقنية تسهيل التخاطب والتواصل الإنساني مثل: الاتصالات المرئية، والهواتف الخلوية، وأجهزة النداء الآلي.
ومنها أيضا: تقنية المعلومات: وتتضمن هذه التقنية جميع التطبيقات التي تعتمد على الحاسوب، مثل: البريد الإلكتروني، والإنترنت، والحواسيب المنزلية والمحمولّة، وآلات المسح الرقمي، وأدوات التصوير. ومن تطبيقاتها: إيجاد إجابات فورية لكل شيء: حيث يمكن البحث عن أي شيء عن طريق استخدام محركات البحث الموجودة على الإنترنت.
وعن أهمية الفتوى:
الفتـوى وظيفـة عظيمـة الشأن، شديدة الخطورة، فالمفتي موقع عـن الله تعالى ، وعن النبي ﷺ، وحاجة الناس إلى المفتـي أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب ؛ إذ أنه في كل زمان ومكان يكون في الناس العالم والجاهل ، والجاهل لا يعـرف كل تفاصيل الفقـه وفروعه لذا وجب عليه أن يسأل العالم ليدله ويرشده لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء : 7 ].
ووجب على العالم أن يتحمل الأمانة ويؤديها باقتدار ومسؤولية: لقوله جل شأنه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ۱۸۷].
وقال ﷺ: ((من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)) رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه.
وللحاجـة الشديدة للفتيا جعلها الفقهاء من فروض الكفاية في الناس، وجعلوا تحصيل المجتهد في الأمة من فروض الكفاية، فلا بد مـن وجود المفتي في كل جماعة يبين لهم أحكام الدين، ويفتيهم فيما ينزل بهم من نوازل.
يقـول ابن تيميـة عن منصب الفتوى: ((وهذا العمل مـن المصالح العامة التي يكون القيام بها فرضاً إما على الأعيان وإما على الكفاية)).
طرق التواصل مع المفتي قديما وحديثا:
لقد ظهرت الفتوى منذ ظهور الإسلام، وكان أول من مارس هذا المنصب هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعـد موته اشتهر كثير من الصحابة بالإفتاء ،وكـان منهم المقل والمتوسط والمكثر ، وتفرقوا في البلدان المختلفة لتعليم الناس ، وكذلك التابعون ومن بعدهم إلى عصرنا هذا.
ومن طرق نشر الفتوى قديما :
مقابلة المفتي ومشافهته؛ وذلك بأن يأتي المستفتي للمفتي ويسأله عن مشكلته فيبين له حكمها.
-ومنها: إرسـال الثقة ليسأل ويستفتـي وذلك إما لوجود عذر عند صاحـب المسألة، كأن يستحي أن يسأل بنفسه، وإما لكون المسافة بعيدة بينه وبين المفتي أو لأي عذر آخر.
-ويدل على جواز الاستنابة في الاستفتاء إذا استحيا المستفتي أن يسال بنفسه حديث على -رضي الله عنه- المتفق على صحته: قال: كنت رجلاً مذَّاء فاستحييت أن أسأل النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمكان ابنته, فأمرت المقداد فسأله؟ فقال: يغسل ذكره ويتوضأ. الحديث.
ومما يدل على الاستنابة في الاستفتاء - أيضاً - حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية فأمرتني أن أستفتي لها رسـول الله - ﷺ - فاستفتيتـه فقال: لتمش ولتركـب"، متفق عليه أيضا. ووجه الدلالة ظاهرة من الحديثين، والأمثلة على ذلك كثيرة.
-ومنها مكاتبـة المفتي وذلك أن يكتب المستفتي سؤاله في ورقة ويرد عليه المفتي في ورقته نفسها.
-وسائل نشر الفتوى كثيرة منها:
- نقل التلاميذ للفتوى فكل عالم له طلابه وتلاميذه يكتبون عنه فتاواه وعلمه.
-الرحلة سواء من المفتي أو المستفتي.
-المسجد فهو وسيلة مهمة من وسائل نشر الفتوى.
-المواسم التي يجتمع فيها الناس من مختلف البلدان كموسم الحج والعمرة.
طرق نشر الفتوى في العصر الحاضر: مع الانفتاح الهائل في شتى مجالات الحياة ظهرت وسائل جديدة ومختلفة للتواصل بين الناس، ومع التقدم الملحوظ في تكنولوجيا الاتصـال ظهرت أشكال جديدة للتواصل بين المفتي والمستفتي، وظهرت طرق جديدة لنقل الفتيا تبعا لعالمنا الرقمي الحديث وما يستجد فيه من تطور هائل وتحديث فاعل، ومن أبرز هذه الوسائل:
1- : القنـوات الفضائيـة والإذاعات التي تهتم بتقديم البرامـج الدينية، وتختلف البرامج التي تقدمها هذه القنوات فمنها ما يتم تسجيله مسبقا ثم يبث في وقت لاحق، ومنها ما يتم بثه على الهواء مباشرة. وتختلف البرامـج في هذه القنوات من ناحية موضوع الفتـوى، فمنها البرامج التي تخصص للاستفتاء في موضوع معين، ومنها ما يجيب فيه المفتي عن كل الأسئلة التي
تقدم إليه في كل المجالات.
ويتم التواصل مع المفتي إما عن طريق الهاتف والجوال أو الفاكس والبريد الإلكتروني الخاص بالبرنامج.
٢-الهاتف والجوال: وهذه الطريقة ظهرت مع ظهور الاتصالات السلكية ثم تطورت مع وجود شركات الاتصالات اللاسلكية، ويتم الاستفتاء فيها عن طريق الاتصال المباشر بالمفتي، فبعض العلماء يخصص وقتا للرد عن أسئلة المستفتين عبر الهاتف، إلا أن هذا الوقت في الغالب لا يكون كافياً للرد عن كل الأسئلة.
3-وفي الآونة الأخيرة ظهرت خدمة الفتوى عبر الرسائل النصية ، حيث يتم استقبال رسالة من المستفتي ويرد عليها ،إلا أن هذه الطريقة لا تعرف فيها شخصية المفتي -أحياناً- ،وبعض شركات الاتصال تفرض رسوما إضافية على الرسائل الخاصة بالاستفتاء.
4- قرارات مجامع البحوث والمجامع الفقهية ، وبيانات دور الإفتاء ومجالسه التـي تنعقد بشكل دوري أو استثنائي، ويصدر في نهاية كل لقاء بيان ختامي أو قرارات تتضمن الرد عن بعض الأسئلة أو بيان الأحكام الفقهية المتعلقة ببعض القضايا.
ويتـم نشـر فتـاوى هذه الهيئات في مواقعها الإلكترونية وفي مجـلات دورية تابعة لها.
5- الفتـوى عـن طريق شبكة الإنترنت: فمع التطور الحاصل في وسائل الاتصال أصبحـت الشبكة العنكبوتية أحد أهم وسائل نقل الفتوى في عالمنا المفتوح، ويتم من خلال هذه الشبكة التواصل بين المستفتين والمفتين مع اختلاف بلدانهم، وبعد أماكنهم.
ونشر الفتوى في هذه الشبكة له عدة صور، منها:
أ- المدونات الإلكترونية الدينية.
ب- مواقع بث تسجيلات الفيديو، كاليوتيوب.
ج- مواقع الشبكة الاجتماعية والتواصل الاجتماعي كتويتر والفيس بوك والواتس وغيرها.
د- منتديات المحادثة الإلكترونية.
ه - المواقع المتخصصة في تقديم الفتاوى: سواء كانت هذه الفتاوى قديمة أو معاصرة، والإقبال على هذه المواقع كبير جدا؛ لسهولة البحث فيها، إما بالموضوع أو باسم الشيخ، ويتم الحصول مباشرة على الفتوى الخاصة بأي قضية من القضايا.
ميزات الفتوى عبر وسائل التقنية الحديثة وعيوبها:
الميزات للفتوى عبر وسائل التقنية الحديثة، ميزات كثيرة نذكر منها:
1. الإسهام في إقامة الحجة على الناس في كثير من المسائل التي يحتاجونها، وسد حاجـة الناس للإفتاء، والعمل على نشر الثقافة الدينية في صفوف المسلمين مـن تفقيههم بدينهم،وتبيين الحكم الشرعي في الواقعات والنوازل التي تواجه الناس ، وإشاعـة الأحكام الفقهية الشرعية بين الناس ، فيمكن لأي إنسان أن يستمع إلى الفتوى في التلفاز أو يبحث عنها في أي موقع إلكتروني من غير تعب ولا نصب .
۲. تبصير الناس وتعريفهم بعلم الخلاف ومقارنة المذاهـب، وذلك أن كثيراً من الناس بحكم عدم اتصالهم بمذاهب وتيارات مخالفة لما ألفوه تنقصهم معرفة المذاهـب الأخرى المنتشرة في بقـاع العالم الإسلامي فمـن خلال نشر فتاوی العلماء المعتدلين مـن الجانبين تذوب الفجوة بين أتباع هـذه المذاهب، ويتضح أن الخلاف الفقهي في الفروع سائغ ومقبول لا ينبغي أن يؤدي إلى التخاصم والاختلاف.
 3. تعريف الناس بالعلماء وطلاب العلم من كل المعمـورة، وذلك عن طريق ظهورهم في القنوات الفضائية، أو نشر فتاواهم ومقالاتهم في المدونات أو المواقع المختصة بالقضايا الدينية.
4- قلـة التكاليف، وسهولة التواصل مع المفتين، فيمكن للمستفتي أن يتصل في أي وقـت كمـا يستطيع إرسال أي قدر من الأسئلة، واستقبـال ما يشاء من الإجابات عبر أي موقع بتكلفة قليلة.
5. توفير مجموعة من العلماء المتخصصين في معظم فروع الشريعة وكل فروع الفقه، وتشمل هذه الشبكة رقعة كبيرة من العالم العربي والإسلامي وشتى المذاهب الفقهية المعتبرة ، وبإمكان السائل أن يختار المفتي الذي يريد أن يتوجه إليه بالسؤال ، كما يستطيع أن يتعرف على أكثر من رأي في الفتوى الواحدة.
6- في القنوات الفضائية والبرامج الإذاعية يتم استضافة أكابر العلماء المشهورين، ويمكن لأي شخص سؤالهم بيسر شديد وسهولة بالغة.
 عيوب ومخاطر الفتوى عبر وسائل التقنية الحديثة:
1- جهالة المفتي والمستفتي: فأحياناً يكون المفتي غير معروف عند السائل، وبمجرد اطلاعه على موقع متخصص في الفتوى أو مشاهدته لبرنامج تلفزيوني أو حلقة إذاعية يقـوم بعرض سؤاله مع غير معرفته المسبقة بالمفتي، ولا يعلم أنه لا يصح أن يستفتى إلا مـن كان أهلا للفتـوى، وفي بعض المواقع يرسل المستفتي سؤالـه ويتلقى جوابا ولا يعرف من الذي أفتاه.
ومن ناحية أخرى فإن المفتي لا يعرف المستفتي فربما يقع في خطأ عظيم، وذلك أن حال المستفتي معتبرة في الفتوى، فربما تغيرت الفتوى من شخص لآخر ويدل على ذلك
القصـة المشهورة عـن ابن عباس -رضي الله عنهما - أنه سئـل عن توبة القاتل فقال: ((لا توبـة له))، وسألـه آخر فقال: ((له توبة))، ثم قال: ((أمـا الأول فرأيت في عينه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني فجاء مستكيناً قد قتل فلم أقنطه)).
٢- كثرة المتصدريـن للفتـوى، وتسابـق المفتين علـى القنـوات الفضائيـة والمواقع الإلكترونيـة، وبعض هؤلاء بضاعته قليلة في الشريعة، وهو غير مستجمع لشروط المفتي، ونشر فتاواهم يؤدي إلى فوضى عارمة، مما ينتج عنه كثرة الخطأ في الفتيا ، وحصول الاضطراب الشديد والتباين الكبير بين الفتاوى، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج سلبية على المستفتي ، وعلى المفتي نفسه، ولربما كانت الفتاوى في أمر يتعلق بالنوازل وأمر العامة وأنظمة الدول فيكون الضرر أعظم والفتنة أطمّ!!
3- بعض المستفتين يرسل الفتوى لأكثر من مفت، أو يتصل بأكثر من قناة ويحصل على فتاوى متعددة، وربما تكون مختلفة، وهذا الأمر يورث عدة مفاسد منها:
أ-قـد يستخدمها المستفتي لاتباع الرخص واختيار الأسهل مع ما يتناسب مع هواه، ويتماشى مع رغبته من غير ضابط، وأصبح الناس ينظرون إلى الفتوى نظر استهتار ولسان حال البعض إذا لم تعجبك فتوى فلان فهناك غيره.
ب- كثرة الفتاوى والاضطراب فيما بينها يوقع السائل في حيرة من أمره واضطراب، وتورث عنده الشك والريب في صحة الفتوى أو أهلية المفتي.
ج- الاضطراب الحاصل في الفتاوى والاختلاف بينها أدى إلى استهتار بعض الناس بالمفتين والطعن في العلماء ولمزهم ولربما تعدى ذلك إلى غمز الدين الحنيف.
4- تعميـم الفتـوى، فليست كل فتوى تصلح أن تقال-فضلاً على أن تنشر في وسائل الإعـلام-
فقـد يطلـع السائل على فتوى في وسيلة إعلامية، أو يبحث عنهـا فيما يسمى بنك الفتـوى في مواقع الإفتاء، وتكون عنده حالـة شبيهة للواقعة التي صدرت فيها الفتوى، فيقيس الواقعتين – مع وجود الفارق بينهما- من غير اعتبـار لعرفه أو ظرفه. وهذا لا يستقيم لأن حال الشخص وعرفه معتبرة في إصدار الأحكام.
ضوابط وآداب خاصة بالمفتي :
الفتوى ركـن عظيم في الشريعة لا ينكره منكر ، وعليه عول الصحابة بعد أن استأثر الله برسوله ، وتابعهم عليه التابعون إلى زماننا هذا ، ولا يستقل به كل أحد ، فالأصل في الفتاوى أن توضح مشكلاً، وتفتح مقفلاً، والبركة التي لدولتنا الرشيدة ولولاة أمرها في النصيب الوافر في ضبط الفتوى وأهلية القائمين بها، حتى صارت لفتاوى كبار علمائها انتشارا واسعا في أرجاء المعمورة وتؤخذ أخذ الثقة بأهلها لما فيها من انضباط وتحرير... ومع التسارع الرقمي انتشرت كثير من الفتاوى تأتي عليها العيوب في الحال والمخاطر في المآل؛ وقد تقدم أبرز ما يمكن رصده على تلك الفتاوى:
فلا بد من أوصاف وشرائط يتصف بها من يتصدى لإفتاء الناس ومنها:
من الضوابط التي لابد من توفرها في المفتي:
1- ألا يتصدر للفتوى إلا إذا كان من أهلها، وأن يكون قد زكاه أهل العلم المعروفين.
2- أن يكون حسن الهيئة، والمظهر وأن يبتعد عن الألفاظ النابية والعبارات الجارحة، وأن يجعل لمجلس الإفتاء قدرا وهيبة عند المشاهد والمستمع.
3- عـدم التعصـب لمذهب ولا لرأي ولا لشخص، وتحـري العدل والإنصاف في كل أقواله، وليعلم أن كل واحد يؤخذ من قوله ويرد إلا المعصوم ﷺ ، أما غيره فلا بد أن تعرض أقوالهم على الكتاب والسنة فما وافقهـا أخذناه ، وما خالفها تركناه ، ولذا ينبغـي لـه أن لا يشنع على مـن خالفه بقول أو رأي مادام في إطار المشروع ، وهذا شأن الراسخين في العلم.
4- عدم التسرع في الفتوى حتى تأخذ حقها من التفكير العميق والتأني لأنه؛ قد يخطئ ويسمعه ملايين الناس وقد تكتب فتاواه فتنشر وتطير في الآفاق ويرجع بإثمها.
من الضوابط التي لا بد من توافرها في المستفتي:
1-التأكد من المفتي ومعرفته قبل الاستفتاء فلا يستفتي إلا من كان أهلا للفتوى فليس كل من ظهر على قناة فضائية أو أنشأ مدونة إلكترونية أو حسابًا شخصيًا على أحد مواقع التواصل الاجتماعي صح سؤاله واستفتاؤه.
فلا يصح لأي مستفتي أن يتصل بأي قناة إلا إذا عرف أن المفتي فيها من أهل العلم وأنه أهل للفتوى بشهادة أهل العلم له.
2- عدم اتخاذ الفتوى لاتباع الرخص واختيار الأسهل حسب الهوى يقول ابن عبد البر: لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعا.
إن الأمور المحفوفة بمفاسد الفتاوى تعيق الوصول للمفتي الأهل، وتحرم الفتوى الحق من أحقية نشرها.
ومواجهة مثل هذا يأتي بتضافر الجهود على إزالة هذه المفاسد أو تقليلها ما أمكن.. والتوازر والتضافر قد جاء مؤتلفا في دولتنا المباركة بين ولاتها - حفظهم الله- ومؤسساتها، ومن أبرزها رئاسة شؤون الحرمين الشريفين، حيث اتجهت بمواكبةٍ من غير تقصير في مزامنة التطور التقني في عدة وسائل رفيعة: عامة النفع.
 جسيمة العوائد.. للحاضر والباد، والخاص والعام على السواء.. فمن تلك التوجهات إنشاء:
١-الروبوت التوجيهي.
٢-المنصة الرقمية التوجيهية.
٣-منصة منارة الحرمين الإلكترونية.
٤-الكتيبات الرقمية.
٥-نقل الدروس العلمية عبر المنصات الرقمية وحسابات التواصل: يوتيوب- تويتر- تليجرام.

-5812449043941538988_121.jpg
-5812449043941538979_121.jpg-5812449043941538992_121_1.jpg



ضمن فعاليات ندوة ( الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما ) ، انطلقت أولى جلسات هذه الندوة المباركة، بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء حيث ترأس الجلسة الأولى معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء إمام وخطيب المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، شكر فيها ولاة أمرنا -حفظهم الله- على إقامة هذه الندوة المباركة والقائمين عليها، وأثر هذه الندوة على قاصدي الحرمين الشريفين، وأتت الجلسة الأولى بعنوان (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها ) ومقررها فضيلة مساعد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الدكتور سعد بن محمد المحيميد ، وسيتحدث كل من :
معالي الشيخ الأستاذ الدكتور سعد بن ناصر الشثري المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء ، عضو اللجنة الدائمة للفتوى، عن أثر الفتوى في الحرمين الشريفين في التيسير على قاصديهما ، تطبيقات على مسائل مستجدة في الحرمين تحدث فيها: عن أثر الفتوى في الحرمين الشريفين في التَّيسير على قاصديه، وسأوردُ تطبيقاتٍ على مسائلَ مستجدةٍ في الحرمين الشريفين.
حيثُ سأوردُ الآن عدداً من القواعدِ الشرعية المتعلقة بالتَّيسير، والتي يستخدمُها الفقهاءُ فيما يتعلق بأمور المناسكِ، وزيارة الحرمين الشريفين، ولها تطبيقاتٌ مستجدةٌ عديدةٌ، ولعلي أشير إليها عند الحديث في ذات الندوة.
القاعدةُ الأولى: تعليقُ التكاليفِ بالاستطاعة.
كما قال تعالى ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾[آل عمران:97]
وكما قال تعالى ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ ﴾[التغابن:16] وكما قال جل وعلا ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾[البقرة:286]
القاعدةُ الثانية: المشقة تجلبُ التَّيسير، والعسر سببٌ من أسباب اليسر.
لقوله سبحانه ﴿فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا (5) إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرا ﴾[الشَّرح:5-6]
وقوله جل وعلا ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَج ﴾[الحج:78]
القاعدةُ الثالثة: استحبابُ عملِ الرُّخَصِ الشَّرعية.
كما قال النَّبي-صلى الله عليه وسلم- "إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه".
القاعدةُ الرابعة: أن الأفعال النَّبوية العاديَّة لا يُشرع الاقتداءُ بالنَّبي-صلى الله عليه وسلم- فيها.
فإن أفعال النَّبي-صلى الله عليه وسلم- قد تكون من الأفعال الخاصة به، وبالتالي لا يشرع للناس الاقتداء به.
كما في قوله جل وعلا ﴿ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[الأحزاب:50]
وهناك أفعالٌ فَعَلها النَّبي-صلى الله عليه وسلم- على مقتضى الِجبلَّة والعادة والمجاراة لأهلِ زمانه، فهذه لا يقال بأنها سنة، أو يستحب للناس أن يفعلوها.
ومن أمثلة ذلك كونُ النَّبي-صلى الله عليه وسلم- حجَّ على ناقته. فإن الحجَّ على النَّاقة من الأفعال النَّبوية العادية، ولذلك لا يقالُ بأنَّه يُشرع الاقتداء بالنَّبي-صلى الله عليه وسلم- فيها.
القاعدةُ الخامسة: الموازنة بين الأعمال بحسب فضلها لا بحسب مشقتها ولا بحسب ندرتها.
فمثلاً: لو جاءنا من يريدُ أن يوازنَ بين أداء عمرةٍ أخرى، وبين أداء صلواتِ النَّوافل قِيل له: بأنَّ الصلاةَ أفضل ولو كانت العمرةُ أشقُّ ولو كانت العمرة أندر؛ وذلك لما ورد في الحديث أن النَّبي-صلى الله عليه وسلم- سُئل أي الأعمال أفضل؟ فأجاب بالصلاة.
القاعدةُ السادسة: للوسائل أحكام الغايات.
فإن الشريعة كما أمرت بالأفعالِ التي هي غايةٌ تَقصِدُها للتقربِ إلى الله تعالى، فإن ما كان وسيلةً لتحقيق تلكَ الغايات فإنَّه يأخذُ حُكمَ تلك الغاياتِ سواءً فيما يتعلقُ بالأجر والثواب، ولهذا قواعدُ متعددة منها قولُهم:
ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ما لا يتم ترك الحرام إلا بتركه فهو حرام.
القاعدةُ السابعة: الاشتغال بغير المقصود إعراضٌ عن المقصود.
ومثاله: لما قَدِمَ النَّاسُ في هذه المواطن لأداءِ النُّسك، فإن اشتغالَهم بما لم يقصدوه من الإتيانِ لهذا البيتِ يُعتبر إعراضاً عن المقصودِ.
من أمثلة ذلك: الاشتغالُ بالتَّصوير خصوصاً في الممرات وفي الذهاب والإياب.

القاعدةُ الثامنة: مشروعيَّةُ العمل بالبدائلِ الشرعيَّة.
سواء كانت هذه البدائل على جهة التخيير كما قي قوله تعالى ﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾[البقرة:196] ويُلاحظ هنا أنه قد عطف بينها بحرف (أو) وفي بعض المواطن (بواو) مما يعني تساوي هذه الواجبات، وليس بعضُها بأفضلَ من بعضها الآخر.
أو كانت على سبيلِ التَّرتيب كما في قوله تعالى ﴿ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ ﴾[البقرة:196]

القاعدةُ التاسعة: التخيير في التقديم والتأخير في أفعال النسك.
كما ورد في الحديث أن النَّبي-صلى الله عليه وسلم- ما سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِن أفعالِ يومِ النَّحْرِ قُدِّمَ وَلا أُخِّرَ إلاَّ قَالَ: افْعَلْ وَلا حَرَجَ.
القاعدةُ العاشرة: النيابة في الأعمال غير المقصودة لذاتها، أو التوكيل فيها.
ومن أمثلة ذلك: النيابةُ في ذبح الهدي، والنيابة في التقاط حصى الجمار، هكذا من القواعد التي يستعملها أهلُ الفقه والفَتوى في هذا الباب: التفريقُ بين مكان العبادة المقصود والمكان غير المقصود.
ومن هنا نفرق بين ما وردَ في الأحاديثِ تخصيصُه بمكان كما في قوله تعالى ﴿وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ ٢٩﴾[الحج:29].
وما لم يتم تخصيصه بمكان كقوله النَّبي-صلى الله عليه وسلم- "وقَفْتُ ها هنا بعَرفةَ، وعرَفةُ كلُّها مَوقِفٌ"
وكما قال -صلى الله عليه وسلم-كلُّ منى وفِجَاجُ مَكَّة مَنْحَر.
أيضاً من القواعد في هذا الباب: اجتناب توهم التيسير.
فإنَّه في بعض المراتِ قد يَظن بعضُ النَّاس أن التيسير في شيء ويكون التيسير في مقابله،
ومن أمثلة ذلك ما يتعلق بمسألة أداء المرأةِ للنُّسك بدون مَحرَم، وقد قدمتْ من بلادٍ بعيدة، فإن بعض النَّاس يتوهَّمُ أن التَّيسير في الإذن للمرأةِ أن تأتي للنُّسك بدون محرم، وبينما التيسير أن يقال لها: إن عجزت عن اصطحاب المحرَم كُتِبَ لك أجر الحجِّ كاملاً، أو أجر العمرة بدون أن يكونَ هناكَ تكلفةٌ وتعبٌ أو نفقات.

هكذا أيضاً من القواعدِ المتعلقة بهذا: نفيُ الخرافات أو البدع.
خصوصاً المتعلقة ببعض المواطنِ أو بعض الأمكنة التي تُزار بدونِ أن يكون لزيارتها الفضيلةُ الثابتة.
ومن القواعدِ التي تتعلق بهذا أيضاً: اجتناب توهم السنة.
يعني مثلاً في بعضِ الأفعال التي فعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعتقد بعضُ الناس أنها مقصودةٌ لذاتها، وبالتالي يظن أنه يُرغِّب فيها مثل: ذهاب النَّبي-صلى الله وسلم- للمحصَّب ومثل: كونهِ بَالَ لما ذَهَبَ من عرفة إلى المزدلفة.
أيضاً من القواعدِ الشَّرعيَّة المتعلقة بهذا: مراعاةُ الازدحام واختيارُ الأوقات المناسبة لأداء العبادات.
ليكون ذلك بهداوة نفس وطمأنينة، وبالتَّالي يكونُ لها من تحقيق المقصودِ الشَّرعي ما يتناسب مع تلك التَّكاليفِ الشَّرعية.
باركَ الله فيكم، ووفقكم لكلِّ خير، وجعلني الله وإياكم هداة مهتدين، هذا والله أعلم.
وتحدث معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالسلام بن عبدالله السليمان عضو هيئة كبار العلماء ، وعضو اللجنة الدائمة للفتوى، وسيتحدث عن ضوابط تغير الفتوى ، تطبيقات على مسائل مستجدة في الحرمين الشريفين، قال فيها:

فهذه ورقة عمل بعنوان ضوابط تغير الفتوى، تطبيقات على مسائل مستجدة في الحرمين الشريفين، مقدمة لندوة الفتوى في الحرمين الشريفين، وأثرها في التيسير على قاصديهما المقامة في الحرم المكي بمكة المكرمة بتأريخ 1/11/1443هـ بالشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.

فإنه من نعم الله على هذه الأمة بأن أكمل لهم الدين وحفظه لهم، قالَ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، وهذا يدل على كمال الشريعة، وأنها ثابتة لا تتبدل ولا تتغير مع تغير الزمان والأحوال، والأصل في الأحكام الشرعية أنها ثابتة ولا تتغير، والأحكام الشرعية التي تضمنتها تلك الشريعة الخاتمة شاملة وثابتة لا يشوبها نقص أو قصور، ولا يعتريها تبديل أو تغيير.

الفرق بين الحكم الشرعي والفتوى:
الحكم الشرعي: هو خطاب الله – تعالى – المتعلق بأفعال المكلفين؛ طلبا أو اقتضاء أو تخييرا .

الفتوى: هي الإخبار عن حكم الله في أمر مسؤول عنه شرعا، وتوضيحه للسائل، على غير وجه الإلزام، فهي إنزال الحكم الشرعي على واقع المستفتي.
وعرفه مجمع الفقه الإسلامي للفتوى:

(بيان الحكم الشرعي عند السؤال عنه، وقد يكون بغير سؤال ببيان حكم النازلة لتصحيح أوضاع الناس وتصرفاتهم).

وقالوا في المجمع : إن المقصود من الفتوى في عملنا هو: (ما يصدر من آراء فيما يشغل بال الأمة الإسلامية من مشاكل العصر وعرضها على المجمع ليبت فيها).

فالغالب أن الحكم الشرعي متعلق بأفعال العباد على وجه العموم، فلا ينظر فيه إلى واقع أفراد الناس، والغالب أن الفتوى هي ما كانت مرتبطة بواقع ما، ومسألة خاصة لفرد من الناس يستثنى فيه من حكم شرعي، فالفتوى تطبيق الحكم الشرعي على نازلة أو واقعة ما، أو على واقع الأفراد.

وعليه فإن الفتوى قد ترتبط بها عدة عوامل تتغير بسببها الفتوى وتترتب عليها، ومثال ذلك: أن يُسأل المفتي في مسألة معينة قد اجتمعت لها كل عواملها، فيفتي بالحكم الشرعي الذي ينطبق عليها، ثم تأتي مسألة ثانية مشابهة لها، لكن بينهما فرق مؤثر متعلق ببعض العوامل الأخرى في هذه المسألة؛ فيفتي بخلاف ما أفتى به في المسألة الأولى.

الفرق بين الضابط والسبب:
اختلف العلماء في تعريف الضابط وبيان مفهومه إلى قولين:

الأول: أن الضابط مرادف للقاعدة دون فرقٍ بينهما.

الثاني: عرف الضابط الفقهي بتعريف خاص عن القاعدة، ومن هذه التعريفات:

أنه ما انتظمَ صورًا متشابهة، في موضوع واحد من أبواب الفقه، يكشف عن حكم الجزئيات التي تدخل تحت موضوعه، مثاله: (الأصل في الماء الطهارة).

تعريف السبب: الوصف الظاهر المنضبط الذي دلَّ الدليل السمعي على كونه مُعرِّفًا لحكمٍ شرعي، كزوال الشمس عن وسط السماء سبب للحكم التكليفي الشرعي:

وجوب صلاة الظهر، فإنه وصف ظاهر منضبط.

أما ضوابط تغير الفتوى:

الضابط الأول: أن تصدر الفتوى المتغيرة من أهل الاختصاص، كالعلماء والمجامع والهيئات العلمية، بشرطهما المعروف في الاجتهاد عند أهل العلم، فلا يصلح أن تتغير بحسب الهوى والتشهي، واستحسان الناس واستقباحهم، وبالتالي لا يكون مجرد تغير الزمان والأحوال سببا لتغير الفتوى، وإنما يكون هذا سببا يدعو المفتي للنظر في المصلحة المعتبرة شرعا التي تراعي الحال والزمان معتمدا على الدليل من الكتاب والسنة، ولعِظم مكانتها قال الإمام الشاطبي: (المفتي قائم في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وسلم).

الضابط الثاني: عدم مخالفة الفتوى للكتاب والسنة، فالمقصود هو أن لا تكون الفتوى المنظور فيها ثبت فيها نص من الكتاب والسنة، فالفتوى التي تتغير لا بد لها من أصول شرعية، وعلل ومصالح مرعية موافقة لما في الكتاب والسنة، فلا يغير ما عارض النص من القرآن أو السنة الصريحة أو المتواترة أو القطعية الدلالة.
الضابط الثالث: أن لا تعارض مسألة مجمع عليها، وهو أن لا تعارض الفتوى المراد النظر فيها إجماعا متيقنا، لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، فالإجماع حجة شرعية، قال الإمام الشافعي : (وأمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلزوم جماعة المسلمين مما يحتج به في أن إجماع المسلمين - إن شاء الله – لازم).

وعليه فتكون المسائل المتعلقة بتغير الفتوى هي المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، مثاله: (قاعدة: مراعاة الخلاف)، قال الشاطبي: (لذلك نجد المسائل المتفق عليها لا يُراعى فيها غير دليلها، فإن كانت مختلفًا فيها، رُوعي فيها قول المخالف، وإن كان على خلاف الدليل الراجح عند المالكي، فلم يعامل المسائل المختلف فيها معاملة المتفق عليها...).

الضابط الرابع: القياس الصحيح، وهذا يعني أن تكون الفتوى المنظور فيها تعتمد على قياس صحيح، وعليه لا تكون الفتوى منضبطة إذا كان القياس على غير أصل شرعي، أو أن يكون هناك فارق معتبر في القياس بين الأصل والفرع، أو أن تكون العلة مضطربة غير منضبطة ولا صحيحة، أو أن يكون المقيس عليه واقعة عين أو حال لا عموم لها.

وربما يترك القياس ويأخذ بالاستحسان، فإن من استحسن لم يرجع إلى مجرد ذوقه وتَشَهِّيه، وإنما رجع إلى ما علم من قصد الشارع في الجملة من أمثال تلك الأشياء المفروضة.

الضابط الخامس: النظر إلى المآلات، وهو ملاحظة ما يرجع إليه الفعل بعد وقوعه، وما يترتب عليه، وآثاره الناتجة منه، فيأخذ الفعل بهذا النظر حكمًا يتفق مع ما يرجع إليه ويؤول إليه ذلك الفعل، سواء قصده الفاعل أم لا ؛ فعلى المفتي قبل الإجابة على السؤال النظر في المآلات المتعلقة بالفتوى وتغيرها، مع ما يستوجبه من معرفة أحوال الناس وعاداتهم ونحو ذلك، وتحقيق المناط الشخصي الخاص أيضًا.

الضابط السادس: أن لا تصادم مقاصد الشريعة، العمل بالمقاصد في تغير الفتوى أساس مهم لتنزيل الأحكام الشرعية لمقاصدها، ولا يصلح أن يؤدي تغير الفتوى إلى مصادمة لمقاصد الشريعة، فلا بد لكل مُفْتٍ ومجتهد أن يكون على دراية بها، فـ(ـإنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتَّصف بوصفين: أحدهما فهم مقاصد الشريعة على كمالها، والثاني التمكُّن من الاستنباط بناءً على فَهْمه فيها)، ولابد من الدقة والتحري، فمن المحتمل أن يكون المقصد ظنيا غير قطعي، أو مرجوحا غير راجح، أو متوهما غير حقيقي، أو تكون الوسيلة لتحقيق المقصد لا يمكن تحقيقها.

الضابط السابع: أن تراعي الفتوى تغير الزمان والمكان والحال والعرف، وهنا يجب أن تنضبط المسألة فــي الفتوى الجديدة بعدة أمور:

أولا: أن الفتوى هي التي تتغير وليس الحكم الشرعي.

ثانيا: أن الفتوى التي تتغير يكون حكمها الشرعي مرتباً على المكان والزمان والعوائد والأعراف المتغيرة.

ثالثا: أن الفتوى التي تتغير يوازن فيها بين المصالح والمفاسد.

رابعا: أن تكـون المصلحة معتبـرة، أو مرسلة شهد الشرع لجنسها بالاعتبار.

خامسا: أن يكون العرف مطردا أو غالبا، ومقارنا للتصرف أو سابقا له، وكما هو معلوم بأن تغير الزمان والمكان يترتب عليهما تغير الحال والعرف في كل بلد.

مسائل مستجدة في الحرمين الشريفين
تنقسم المسائل المتعلقة بالحرمين الشريفين إلى خمسة أقسام:

القسم الأول: مسائل تصدر بقرارات من ولي الأمر، مما يتعلق بالتنظيمات العامة للحرمين الشريفين من عمارتها وتنظيم الحج والعمرة والزيارة، كالقرارات الموفَّقة التي صدرت خلال جائحة كورونا بالاحترازات في الحرمين الشريفين وتوقف العمرة والحد من عدد الحجاج والاقتصار على حجاج الداخل وقت انتشار المرض، وهذه القرارات تنعكس على الفتوى، حيث تتغير الفتوى بناء على هذه القرارات.

القسم الثاني: مسائل متعلقة بالفتوى العامة والنوازل والتي تصدر من هيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة للفتوى والتي تتعلق بالحرمين، وقد صدر من هيئة كبار العلماء قرار بتوقف صلاة الجمعة والجماعة في المساجد واستثناء الحرمين الشريفين في أزمة كورونا، وهذا الاستثناء جاء لمراعاة ما للحرمين من أهمية في العالم الإسلامي، مع قصرها على عدد محدود.


القسم الثالث: مسائل متعلقة برئاسة شؤون الحرمين،
وهذه المسائل في غالبها متعلقة بالأمور التنظيمية في الحرمين، وتصدر من لجنة علمية خاصة بالرئاسة مع استشارة للعلماء في هيئة كبار العلماء والمختصين، وهي في غالبها مبنية على قاعدة (سد الذرائع) وقاعدة (المشقة تجلب التيسير) وقاعدة (الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف) وغيرها من القواعد الشرعية، والتي تقوم على المقاصد والمصالح، لأن الشارع ما شرع أحكامه إلا لتحقيق مقاصدها من جلب المصالح ودرء المفاسد، ولذلك نجد أن المسائل الخاصة برئاسة شؤون الحرمين في أغلبها مسائل أصلها الإباحة أو مأمور بها على سبيل الاستحباب أو الوجوب ولكن يترتب على العمل بها فعل محظور أو تحقق مفسدة أو ترك مصلحة راجحة، وبالتالي الوسيلة إذا أفضت إلى مفسدة فلا يعمل بها، فوجب قطع الذريعة لما ينجم عنها من مفاسد.

ومن هذه المسائل:

1- صلاة الإمام في المسجد النبوي في محراب الروضة الشريفة بدل المحراب السابق.
وهو ما تم العمل به في المسجد النبوي بالصلاة خلف محراب الروضة الشريفة والتأخر في الصفوف عن المحراب السابق، وهذه المسألة تم العمل بها لتحقيق المصالح ودفع المفاسد، وفيها التيسير على ذوي الموتى عند الصلاة على الجنائز وكذلك لتنظيم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وتجنب الزحام الذي يحصل بين المصلين في الصفوف الأولى وبين من يريد السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ولمصالح أخرى يحققها هذا القرار.


2- تأخر الإمام عند الصلاة على الجنائز وتقدم بعض المصلين في المسجد الحرام.

هذه المسألة مبنية على تحقيق المصالح، ودفع المفاسد التي كان العمل عليه سابقا من نقل الجنازة إلى صحن الحرم ووضعها في الحجر، واعتراضها عند الحمل للطائفين وللمصلين، مما يترتب على ذلك مشقة كبيرة على من يحمل الجنازة ويتبعها، وكذلك ما يحصل من مضايقة للطائفين والمصلين، وقد أخذت الرئاسة في هذه المسألة بأقوال بعض أهل العلم في جواز تقدم المصلي في صلاة الجنازة على الإمام عند الحاجة.

3- مسألة تأخر الإمام عن المأمومين عند الصلاة في المسجد الحرام في موسم الحج.

المعمول به في غير موسم الحج إبعاد المصلين عن قبلة الإمام تجاه الكعبة، أما في أيام موسم الحج يصعب تحقيق ذلك لوجود صعوبة ومشقة في إبعاد المصلين عن قبلة الإمام، فيصلي المأمومون أمام الإمام في صحن المطاف، وهذه المسألة مبنية على قاعدة (المشقة تجلب التيسير)، ومن المعلوم أن رفع الحرج عن المكلف والتيسير له من مقاصد الشريعة، فالتيسير ورفع الحرج مؤداهما واحد أو هما شيء واحد. لقوله تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ﴾[ سورة المائدة: 6]. وقوله تعالى: ﴿ ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾[ سورة البقرة: 185]. ومن تعسر عليه فعل شيء من الواجبات سقط عنه بدليل قوله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [سورة البقرة: 286]، وكذلك يسند هذا المسألة أقول لأهل العلم في جواز تقدم المأموم على إمامه عند عدم تمكنه من الصلاة خلفه أو بمحاذاته.

4- إقامة الصلاة مباشرة بعد الأذان وعدم الانتظار لصلاة السنة بين الأذانين.
في موسم الحج ومع الزحام الشديد في المسجد الحرام وصحن المطاف خاصة، تقام الصلاة مباشرة بعد الأذان مراعاة لحال الحجاج ، فتم ترك السنة من أجل تحقيق مصلحة ودفع مفسدة.

ملحوظة: يجدر التنبيه هنا على مسألة مهمة متعلقة بإقامة الصلاة مباشرة بعد الأذان، وهي لمن يسكن الأبراج العالية عند الحرم وهو يصلي مع الإمام في سكنه، فتقام الصلاة وهو يرى الشمس في سكنه المرتفع، فهل يصلي مع الإمام أم ينتظر حتى غياب الشمس، وكذلك إفطاره إذا كان صائما، فالصحيح أنه لا يصلي مع الإمام ولا يفطر حتى يتحقق من غياب الشمس.

5- منع غير المعتمرين من الطواف والصلاة في صحن المطاف.
وهذه المسألة متعلقة بدفع الضرر المترتب على الزحام في صحن المطاف وأهمية الاحترازات التي تحافظ على سلامة المعتمرين والمصلين.

6- وضع الحواجز حول الكعبة ومنع الطائفين من استلام الركن اليماني، وتقبيل الحجر الأسود، والوقوف عند الملتزم.

وهذه المسألة متعلقة بالاحترازات التي تحافظ على سلامة الطائفين عند تقبيل الحجر الأسود، أو استلام الركن اليماني، أو الوقوف عند الملتزم، واحتمال انتقال العدوى بسبب ذلك، إضافة إلى دفع الضرر المترتب على الزحام عندها، ولأهمية الاحترازات التي تحافظ على سلامة المعتمرين والطائفين والمصلين.
7- تخصيص أماكن للمعتكفين.

خصصت الرئاسة أماكن خاصة للمعتكفين في المسجد الحرام والمسجد النبوي مع توفير ما يحتاجه المعتكف خلال اعتكافه، وعمل الاحترازات التي تحافظ على سلامتهم، وتم منع الاعتكاف في غير الأماكن المخصصة للاعتكاف.
8- تخصيص أماكن خارج المسجد للموظفات صاحبات الأعذار.

مع وجود الحاجة الملحة لعمل النساء داخل الحرمين الشريفين للإشراف على مصليات النساء وغيرها من المهام، خصصت الرئاسة أماكن للموظفات صاحبات الأعذار للعمل فيها أثناء فترة العذر، وهذه المسألة متعلقة بعدم جواز مكث المرأة الحائض في المسجد.

9- تباعد الصفوف.
وضعت الرئاسة أماكن مفتوحة داخل المسجد الحرام من أجل استخدامها عند الحاجة لها أو عند الضرورة في المهمات الخاصة، ويحصل بسببها تباعد الصفوف، ويمنع الصلاة في هذه الأماكن، وهذا الأمر مبني على قاعدة سد الذرائع ودفع المفاسد، من أجل سلامة المعتمرين والمصلين.

10- قطع صلاة من يصلي في الممرات أو يصلي في أماكن غير مخصصة للصلاة.
وهي مسألة مهمة متعلقة بتعدي بعض المصلين والصلاة في مكان تم حجزه في المسجد لحاجة الناس ومصالحهم والمحافظة على سلامتهم، فيقوم البعض بالتعدي والصلاة في هذه الأماكن، مع وجود علامات تدل على منع الصلاة في هذه الأماكن، فيضطر رجال الأمن قطع صلاتهم لتعديهم على هذه الأماكن.
11- تخصيص مكاتب للإرشاد ولإجابة السائلين، وللموظفين.

ومن المعلوم بأن المسجد الحرام موقوف للصلاة وللطواف والسعي، والمسجد النبوي وما يدخل في بنائه موقوف للصلاة، وبالتالي لا يجوز استخدامهما إلا لما فيه مصلحة للموقوف عليه، وقد رأت الرئاسة أهمية وجود هذه المكاتب لخدمة المصلين والمعتمرين والزائرين، ولتسهل مهمة الموظفين لمتابعة العمل.

وأكد فضيلته أن هنالك مسائل مستجدة
كما أن هناك مسائل مستجدة تحتاج لمزيد بحث، كالمصليات في الأبراج القريبة هل تتبع للمسجد الحرام عند وقفها، وهل تأخذ أحكام المسجد الحرام والمسجد النبوي بعد توقيفها، وحكم الاعتكاف فيها، ومسألة من يرى الكعبة ولا يرى الصفوف هل يصلي مع الإمام، والاعتكاف في المسعى أو في الساحات الخارجية، واستخدام كهرباء المسجد لشحن الجوالات، وما يتعلق بحجز سفر الإفطار، وبيعها.

القسم الرابع: مسائل متعلقة بإجابة السائلين للمعتمرين والحجاج والزائرين.
من الأمور المهمة التي توليها رئاسة شؤون الحرمين إجابة السائلين من الحجاج والمعتمرين والزوار والمصلين، وهي أسئلة فردية، فوفرت أماكن خاصة في الحرمين لاستقبالهم والإجابة عن أسئلتهم.

الأمور التي ينبغي للمجيب عن السائلين مراعاتها.

• أن يراعي تنوع جنسيات السائلين وأحوالهم وعاداتهم والمذاهب الفقهية في بلدانهم.
• أن لا يستعجل في الإنكار على من فعل أمرا يخالف العرف في البلد، فربما يكون في بلده عرفا، أو الإنكار عليه في مسألة فقهية يسوغ فيها الخلاف.

• إذا لاحظ المجيب على السائل أي مخالفة عقدية في لباسه أو في كلامه فعليه أن ينبهه على مخالفته باللين والموعظة الحسنة حتى يقبل منه.
• أن يتحقق من بلد السائل ومعرفة عاداته قبل الإجابة.

• أن تكون الإجابات في الحرمين موحدة وعلى نسق واحد حسب القواعد والأصول الفقهية حتى لا يتشتت السائل.

• أن يكون المجيب على السائلين في الحرمين متابعا للمسائل المستجدة خاصة في النوازل التي تخص الحرمين والحج والعمرة.

• أن لا يتردد بقول لا أعلم عن السؤال الذي لا يعرفه أو يشك في إجابته.
• الصبر على السائلين ومراعاة أحوالهم وطبائعهم، وضعف فهم بعضهم.

أمثلة لمسائل يحتاجها المجيب على السائلين:

1- الوضوء بماء زمزم المعد للشرب مع وجود الزحام.

2- استخدام أكواب البلاستيك لغير ما وضعت له مثل شرب القهوة.

3- أخذ الأكواب البلاستيكية واستخدامها خارج المسجد.

4- أخذ الكراسي والمصاحف واستخدامها خارج المسجد وإرجاعها.

5- إجراء العقود في المسجد، مثل استئجار العربات، والطوافة.

6- البيع والشراء عن طريق الجوال في المسجد لغير المعتكف.

7- البيع والشراء للمعتكف.

8- تسديد الفواتير في المسجد.

9- شراء منفعة متعلقة بالعبادة: شراء الكرسي، أو العربية، شراء السجادة.

10- التعاقد لتسميع القرآن والتعليم.

11- التعاقد لخدمته في المسجد.

12- حجز المكان بالمال.

13- الدخول بالنعال للمسجد والصلاة والطواف بها.

14- سجود الشخص على ظهر الذي أمامه عند الزحام.

15- البول في المسجد في كأس أو في علبه للحاجة.

16- حكم مرور الرجل والمرأة بين يدي المصلي.

17- الانحراف عن عين الكعبة في الصلاة داخل المسجد الحرام.

18- الطواف بغير طهارة.

19- الطواف والإمام يصلي لمن لم يجد مكانا للصلاة.

20- صلاة الرجال خلف النساء.

القسم الخامس: مسائل تعرض من خلال الدروس والمحاضرات في الحرمين.

وتكون الإجابة عنها أمام الحضور للدرس أو عبر النقل المباشر والتسجيل، وبالتالي فإن على الملقي للدرس أو المحاضرة أن ينتقي الأسئلة المناسب عرضها على الحضور ولا يترتب عليها إشكال، والأسئلة إما مسائل متعلقة بالدرس أو المحاضرة، وهذه يجيب عليها المحاضر حسب معرفته واجتهاده، أو مسائل يسأل عنها الحضور وهي قريبة من الأسئلة التي يسأل عنها في إجابة السائلين، إلا أنه يسمع الإجابة عليها جميع الحضور، فيراعى مثل هذا الأمر، فينطبق عليها ما ذكرناه في القسم الرابع من الأمور التي ينبغي مراعاتها.

كما تحدث معالي الشيخ الأستاذ الدكتور فهد بن سعد الماجد الأمين العام لهيئة كبار العلماء ، عن منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- وتطبيقه في الحرمين الشريفين.
قال فيها: أما بعد: فلأجل استيضاح هذا المنهج قرأت ما جمعه ابن القيم -رحمه الله- في كتابه " أعلام الموقعين" حيث جمع جملة من فتاوى النبي -صلى الله عليه وسلم- وصنفها على الأبواب ، ثم قمتُ بتسجيل ما ظهر لي من نقاط توضح شيئاً من منهجه عليه الصلاة والسلام في الفتوى، ومن ثم يجدر بمن يتولى الإفتاء العناية بها؛ لا سيما في الحرمين الشريفين لتنوع المستفتين، ولخصوصية مسائل الحج والعمرة والزيارة .

وزاد فضيلته أن ابن تيمية -رحمه الله-: قال " وعلم المناسك أدق ما في العبادات " ، ولذلك قد تشتبه بعض المسائل على السائل، فيسأل عن موضوع وهو يريد آخر، وقد تشتبه على المفتي فيظن السائل يسأل عن نقطة وهو يريد أخرى .

وأوضح أنه من هنا نشأت الحاجة إلى العناية بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم في الفتوى؛ لأنه يضبط للمفتي طريقة الفتوى، قال تعالى ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].

وذكر فضيلته عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: " أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " [ أخرجه مسلم 867 ] .

وأضاف قد سجَّلتُ قرابة ثلاثين نقطة كلّها تبين جوانب من منهجه عليه الصلاة والسلام في الفتوى؛ إلا أنني في هذه الورقة سأختار عدداً منها، مما أراه تمس الحاجة إليه في إفتاء السائلين في الحرمين الشريفين:
1/ فمن أوائل هذه النقاط التي ينبغي للمفتي أن يرشد إليها السائل: الحرص على إقامة العبادة كما شرعها الله .
قال عليه الصلاة والسلام: " صلوا كما رأيتموني أصلي " [أخرجه البخاري من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه برقم 631 ] .

فهذا في شأن الصلاة، وفي شأن الحج يقول جابر رضي الله عنه كما في صحيح مسلم: (1297): رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: " لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه "
وفي ضوء ذلك: ينبغي للمفتي أن يوضح للسائل ما هو واجب وما هو مستحب؛ لأنه ليس كل ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام ــ سواء كان ذلك في شأن الصلاة أو في شأن الحج أو غيرهما من العبادات ــ هو من الواجبات؛ كالاستفتاح ورفع اليدين مع التكبير هذا في الصلاة، وكاستلام الحجر الأسود، والاضطباع والرمل في الطواف وغير ذلك .

2/ ومن منهج النبيِّ ــ عليه الصلاة والسلام ــ في الفتوى: البيان .

بمعنى أن تكون الفتوى واضحة لا إشكال فيها، وهذا يدخل في أصل عام هو: بلاغ النبي صلى الله عليه وسلم للرسالة البلاغ المبين، كما قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67].

قال ابن سعدي -رحمه الله-: "ويدخل في هذا كل أمر تلقته الأمة عنه صلى الله عليه وسلم: من العقائد والأعمال والأقوال والأحكام الشرعية والمطالب الإلهية، فبلَّغ أكمل تبليغ، ودعا وأنذر وبشر ويسَّر، وعلَّم الجهال الأميين حتى صاروا من العلماء الربانيين" [تفسير السعدي ص239].

ومن حرص النبي عليه الصلاة والسلام على بيان الفتوى أنه ربما سلك طريقة البيان الفعلي المؤيد بالبيان القولي كما في حديث بُريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- عندما سُئل النبي عليه الصلاة والسلام عن أوقات الصلوات، فقال النبي ــ عليه الصلاة والسلام ــ للسائل " صلِّ معنا هذين " يعني اليومين . فصلى في اليوم الأول الصلوات في أول وقتها، ثم صلى في اليوم الثاني الصلوات في آخر وقتها، ثم قال: " أين السائل عن وقت الصلاة ؟ " فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال: " وقت صلاتكم بين ما رأيتم " [والحديث بتمامه في صحيح مسلم 1391] .

قال النووي -رحمه الله-: وفيه ــ يعني الحديث ــ البيان بالفعل فإنه أبلغ في الإيضاح، والفعل تعم فائدته السائل وغيره [شرح صحيح مسلم 5/184 ] .
لذلك: ينبغي للمفتي أن يسلك كل الطرق التي تؤدي إلى إيضاح فتواه، ومن ذلك: أن يتأنى في حديثه، وأن يعيد عند الحاجة إلى الإعادة، وأن يتأكد من فهم المستفتي لفتواه؛ لا سيما ومسائل الحج والعمرة يقع فيها الإشكال والاشتباه، ومن ذلك ما تعنى به رئاسة شؤون الحرمين من توفير الفتوى بلغات مختلفة، فإن هذا يدخل في هذا الأصل من البلاغ والبيان والإيضاح .

3/ ومن منهج النبيِّ ــ عليه الصلاة والسلام ــ في الفتوى: أن يُصدِّر الجواب بأهمية السؤال إذا كان كذلك .
روى معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قلتُ: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: " لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت " [ الحديث رواه الترمذي 2621 وابن ماجه 3973].
وتصدير الجواب بإيضاح أهمية السؤال يحفز السائل لمعرفة الجواب، ويجعله ــ فيما بعد ــ أكثر اهتمامًا بتطبيقه إن كان فعلاً، والابتعاد عنه إن كان تركًا .

مثاله: لو سأل السائل عن عمل مخل لا يتناسب وقدسية المكان، فلا شك أن المعصية محرمة في كل مكان، ولكنها في الحرم أشنع،ولذلك قال تعالى ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25] فهنا يناسب أن يصدِّر جوابه بتفخيم هذا الأمر وتعظيمه حتى تنشأ الرهبة من فعل المسؤول عنه .

4/ ومن منهج النبيِّ ــ صلى الله عليه وسلم ــ في الفتوى: " التنبيه على المقصد الشرعي " وهذه نقطة مهمة جداً؛ لأن إعمالها في الفتوى تدل المستفتي على تعبد الله تعالى بهذه الشرائع، وتذكيره بذلك .

فإن المقصد الشرعي العام من وضع الشريعة، إخراج المكلَّف عن داعية هواه، حتى يكون عبداً لله اختياراً كما هو عبدٌ لله اضطراراً .[الموافقات: 318] .

مثال ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله " [أخرجه الإمام أحمد 24557 وأبو داود 1888] .

وعكس ذلك: إذا لم يكن المسؤول عنه يحقق مقصداً شرعياً .

مثاله: ما رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، إنَّ أختي نذرت أن تمشي إلى البيت حافية غير مختمرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً فلتركب ولتختمر " [الحديث عند الترمذي (1544) والنسائي: (3846) وهو عند ابي داود بلفظ مقارب: (3303) وأصله في الصحيحين بلفظ: " لتمشي ولتركب " البخاري (1866) ومسلم: (4250)] .

فهذا النذر لا يحقق مقصداً شرعياً، بل إنه يتعارض مع المقاصد الشرعية، فهو أولاً: يتعارض مع المقصد العام الذي هو تحقيق العبادة، فإن هذا العمل ــ في حقيقته ــ ليس عبادة، فالمشي حافياً لم يأذن الله تعالى بالتعبد به، وترك الخمار من المرأة معصية .

وهو ثانياً: يتعارض مع رفع الحرج الذي هو من مقاصد هذه الشريعة، فإن الله وضع هذه الشريعة حنيفية سمحة سهلة، والشارع لم يقصد إلى التكليف بالشاق والإعنات فيه، قال تعالى ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6] قال تعالى ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286] وإلى ذلك نبَّه النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه لهذا العمل بـ: " الشقاء " .

5/ ومما لاحظته في منهج النبيِّ ــ صلى الله عليه وسلم ــ في الفتوى: أنه لتقريب حكم المسألة للسائل، وقناعته به، فإنه يذكر النظائر التي تماثل المسؤول عنه في الحكم، والتي هي متقررة عند السائل، ليبين له أن الحكم متماثل، وهذا مما نعدُّه من محاسن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في الفتوى ، مثال ذلك: ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: هششتُ فقبَّلت وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمراً عظيمًا، قبَّلت وأنا صائم، قال: " أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم ؟ " قلت: لا بأس به. قال: " فمه " [أبو داود: 2385] .

فهنا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ نسبة القبلة التي هي وسيلة إلى الوطء، كنسبة وضع الماء في الفم الذي هو وسيلة إلى شربه، فكما أنَّ هذا الأمر لا يضر فكذلك الآخر . [أعلام الموقعين: 1/16] .

6/ ومن منهج النبيِّ ــ عليه الصلاة والسلام ــ في الفتوى: أنه يقرن الحكم بعلته، أو يشير إليها إذا وجد لذلك مناسبة، وذلك ــ والله أعلم ــ أن المقصود لم يكن ــ فقط ــ بيان حكم المسألة المسؤول عنها فحسب، بل تفهيم الناس لهذا الدين، وتعليمهم إياه، والقياس على المسألة المنصوص عليها .

مثال ذلك: أنَّ سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- سئل عن البيضاء بالسُّلت، فقال سعد للسائل: أيهما أفضل ؟ قال: البيضاء . قال: فنهاه عن ذلك، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أينقص الرطب إذا يبس ؟ " قالوا: نعم . فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك . [أبو داود 3359 والترمذي 1225 والنسائي 4549 وابن ماجه 2264 ] .

والبيضاء: الشعير كما في رواية، والسُّلت: ضرب من الشعير لا قشر له يكون في الحجاز [تحفه الاحوذي: 4/349 – 350].

وبيان علة الحكم يختلف بحسب السائلين وأحوالهم، والمفتي بفهمه وعقله ومعرفته لأحوال السائلين يقدِّر المناسب في ذلك.
7/ ومن المنهج النبوي في الفتوى: مراعاة سد الذرائع .

والمقصود بالذريعة هنا: التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة . [إعلام الموقعين 4/379 ] .

ولذلك على المفتي أن يكون حاذقاً بما تؤدي إليه فتواه علق ابن القيم -رحمه الله- على قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه " قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال: يسبُّ الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه [البخاري 5973 ومسلم 263 ].

فقال: هو صريح في اعتبار الذرائع، وطلب الشرع لسدِّها . [إعلام الموقعين: 3764 ] .

8/ كذلك من طريقة النبيِّ ــ عليه الصلاة والسلام ــ في الفتوى أن يدل المستفتي على المخرج من مسألته، وذلك مثل ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء بلال بتمر برني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أين هذا ؟ " فقال بلال: تمر كان عندنا ردي، فبعت منه صاعين بصاع، لِنُطْعِم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله عند ذلك: " أوّه ! عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر، ثم اشتر به " [البخاري 2312 ومسلم 4083].

وإيجاد المخرج الصحيح، أو البديل الصحيح، هو من تمام الفتوى ومن محاسنها، لا سيما في مسائل المناسك، فقد يواجه الناسك بعض الإشكالات التي يحتاج فيها إلى الفقه الذي ييسر عليه أداء شعائره وفق ما شرعه الله .

9/ قرن الفتوى بالترغيب أو الترهيب .

والنبي عليه الصلاة والسلام يستعمل ذلك عند وجود مناسبته .
مثال الترغيب:
عن ثوبان رضي الله عنه، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أحبِّ الأعمال إلى الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك خطيئة [مسلم 1093].
مثال الترهيب:

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أيُّ الظلم أعظم ؟ قال: " ذراع من الأرض ينتقصه من حق أخيه، فليست حصاة من الأرض أخذها إلا طُوِّقها يوم القيامة إلى قعر الأرض، ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها " ( أحمد 3767 ) .

واشتمال الفتوى على الترغيب أو الترهيب المبني على دليل صحيح؛ مما يعين المستفتي على الامتثال في جانب الفعل أو الترك.

ويقرب من ذلك أن يُذكر الحجاج والمعتمرون بالحرص على أداء المناسك كما سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وعدم التهاون بذلك؛ وأن يستشعروا أن ذلك من تعظيم حرمات الله، قال تعالى ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30].

قال مجاهد: الحرمة: مكة والحج والعمرة، وما نهى الله عنه من معاصيه كلها .

10/ وفي بعض فتاوى النبيِّ ــ عليه الصلاة والسلام ــ تجده يدعو للمستفتي، وفي ذلك إدخال الطمأنينة على قلب المستفتي، وتسكين روعه .

فعن ابن عباس رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، قد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله، إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفِّر فقال: " ما حملك على ذلك يرحمك الله " قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال: " فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله " [أبو داود 2221].

والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
IMG 20220531 104732 795IMG 20220531 104730 818IMG 20220531 104725 641IMG 20220531 104723 281IMG 20220531 104708 436IMG 20220531 104706 237IMG 20220531 104652 289IMG 20220531 104646 550
أبانت مساعد الرئيس العام للشؤون التطويرية النسائية بالمسجد الحرام الدكتورة العنود بنت خالد العبود وقوفها على تمام جاهزية المصليات النسائية المخصصة لاستقبال صاحبات السعادة الفاضلات في ندوة ( الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما) وقد كان برفقتها عددًا من القيادات النسائية بالوكالة؛ لما لهذا الحدث من بالغ الأهمية على مستوى المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي العريق.

وأكدت  العبود حرص الكوادر النسائية المعنية بالوكالة على العمل الجماعي الدؤوب لاستكمال جميع التجهيزات والخدمات المقدمة للحاضرات في الندوة؛  وفقًا لما تم الاتفاق عليه بالخطط المعتمدة.

تجدر الإشارة إلى أن الندوة جاءت بعد موافقة كريمة من قبل ولاة الأمر- رعاهم الله-  كما أن كافة التجهيزات والخدمات تأتي بتوجيهات معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس-حفظه الله-  لإبراز الجهود الجليلة المبذولة لضيوف الرحمن بالحرمين الشريفين.


بعد صدور الموافقة الكريمة من المقام السامي، وبرعاية كريمة من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، تعلن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء عن انطلاق ندوة (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما) يوم غد الثلاثاء بالمسجد الحرام.
وسيشارك في الندوة أعضاء هيئة كبار العلماء وأئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي، وبحضور عددٍ من الشخصيات البارزة من مختلف القطاعات بدولتنا المباركة، ويأتي ذلك تنفيذا لتوجيهات وتطلعات قيادتنا الحكيمة -أيدها الله - وبمتابعة مستمرة من قبل معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، لإنجاح مخرجات هذه الندوة المباركة التي تخدم الحرمين الشريفين وقاصديهما والعالم أجمع.

أشاد معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، بموافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على إقامة ندوة (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما).

وأكد معاليه أن الندوة تعكس اهتمام القيادة -أعزها الله- بقاصدي الحرمين الشريفين وإثراء تجاربهم وعلومهم ومعارفهم، وأنها امتداد لما يقدم فيهما من جهود وخدمات مباركة تبذلها الدولة -رعاها الله- لإيصال الرسالة السامية للحرمين على أكمل وجه.

وفي الختام دعا معاليه الله -عز وجل- بأن يبارك في جهود قادة هذه البلاد المبارك ويلبسهم لباس الصحة والعافية، وأن يجعل ما يقدمونه من خدمات جليلة للحرمين الشريفين وقاصديهما في موازين أعمالهم الصالحة.
الصفحة 1 من 20