الاخبار الرئيسية - AR

الاخبار الرئيسية - AR (11822)

فئات موروثة

إقامة صلاة الغائب على المغفور له أمير دولة الكويت الشقيقة بالمسجد الحرام

إقامة صلاة الغائب على المغفور له أمير دولة الكويت الشقيقة بالمسجد الحرام (0)

بتوجيه من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أقيمت صلاة الغائب على سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة – رحمه الله – بالمسجد الحرام والذي وافته المنية يوم أمس الاثنين الموافق 12/2/1442هـ .
وقد أم المصلين لصلاة الغائب معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، بحضور عدد من قيادات الرئاسة، وأوضح معالي الشيخ السديس أن إقامة صلاة الغائب على سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح في الحرمين الشريفين تعكس عمق الترابط العميق بين دولتنا المباركة -حماها الله-ودولة الكويت الشقيقة -رعاها الله-، مؤكداً معاليه أن فقيد دولة الكويت فقيد للأمة العربية والإسلامية، داعيًا الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - أيدهما الله -، ويديمهما ذخرًا للوطن والمواطنين، وأن يحفظ دول الخليج من كل سوء ومكروه , وأن يرحم سمو أمير دولة الكويت وأن يسكنه فسيح جناته.

590375A9 C487 4FC7 864D 4D5693FBACDD3E7A10AC 149C 41EE 9F31 668AE8D3A458D691A152 12E5 4987 8006 8FFA9500BE46FDDFBA82 DBE1 49A5 861B 7C50D4FF21E67F87ADAE A06E 4CD2 B079 EFD3F8E1F9E6331D9F6B 4377 4620 B552 77F94AC7097B3541C52E 6DAE 49AB 9E55 BC7DE0F17A83A7FE89C2 559A 43E3 8B02 54576F25B7F5


عرض العناصر...
السلامة في المسجد الحرام تتابع سير أعمالها

السلامة في المسجد الحرام تتابع سير أعمالها (0)


عقد سعادة مساعد مدير عام السلامة مدير إدارة السلامة بالمسجد الحرام الأستاذ حسين بن حسن العسافي اجتماعاً بسعادة وكيل الإدارة الأستاذ فيصل من محمد العبدلي، ورؤساء الورديات؛ لمناقشة واستعراض الخطة التشغيلية ومهام الإدارة.

وأوضح العسافي ضرورة مواصلة ومضاعفة الجهود وتهيئة السبل لتأدية الزوار والمعتمرين نسكهم بكل ويسر وسهولة، ومتابعة استمرارية الأعمال على أكمل وجه لتحقيق السلامة في كافة أنحاء المسجد الحرام.

ويأتي الاجتماع بإشراف ومتابعة سعادة مدير عام السلامة المهندس بسام بن سعيد العبيدي وتوجهات سعادة وكيل الرئيس العام للأمن والسلامة ومواجهة الطوارئ والمخاطر الأستاذ فايز بن عبد الرحمن الحارثي؛ المبنية على توجيهات معالي الرئيس العام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس.

عرض العناصر...
قيم الموضوع
(5 أصوات)

أتمت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي اليوم الأحد الأول من شهر محرم لعام 1446هـ مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة، بمشاركة 159 صانعًا مؤهلاً من أبناء المملكة العربية السعودية، على مدار 365 يوم لضمان خروج الكسوة بأعلى درجات الإتقان والجودة.

مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة مرت بثلاث مراحل، بدأت بالتجهيزات التحضيرية عند الكعبة المشرفة عقب صلاة عصر يوم 30/12/1445هـ وتضمنت إنزال ستارة باب الكعبة المشرفة والصمديات والقناديل والحليات، وجاءت المرحلة الثانية بعد صلاة العشاء حيث نُقلت الكسوة الجديدة من مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة إلى المسجد الحرام، واستكملت كافة المراحل بتغيير الكسوة بعد الساعة 12 صباحاً غرة محرم 1446هـ بمشاركة مسؤولي الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

وتم تغيير كسوة الكعبة برفع الكسوة الجديدة إلى سطح الكعبة ثم إنزال الكسوة السابقة تدريجياً وإزالتها، واستعملت في مراسم التغيير 8 رافعات، إلى جانب حواجز بلاستيكية بارتفاع 2.2 م، وعدد 2 شاحنة لنقل الكسوة، ونُقلت الكسوة إلى المسجد الحرام وصولاً إلى منطقة المطاف عبر مقطورة طولها 13 متراً.

وأنتجت كسوة الكعبة المشرفة البالغ ارتفاعها 14 متراً، ووزن 1350 كجم؛ بأفخر أنواع الحرير الطبيعي، وتم تطريزها بخيوط من الذهب والفضة، وتضمنت كمية أسلاك فضية بلغت 100 كجم، بالإضافة إلى 120 كجم من أسلاك الفضة المطلية بالذهب، واستُخدم فيها 1000 كجم من الحرير، مما يبرز حجم العمل الكبير في تصنيع هذه الكسوة، وتمر الكسوة بعشرة مراحل لإنتاجها بدأً من قسم التحلية، حيث يتم ضبط درجة عذوبة الماء المستخدم في غسيل الحرير وتهيئته وفق مواصفات ومعايير معينة، وفي قسم الصباغة يتم غسل الحرير في درجة حرارة عالية لإزالة الطبقة الشمعية وصبغه باللون الأسود للثوب الخارجي للكعبة، وباللون الأخضر للكسوة الداخلية والحجرة النبوية، ثم يُجفف في مجففات مخصصة، وفي المختبر تُجرى اختبارات على عينات الحرير قبل وبعد الصباغة لضمان مقاومتها للعوامل المناخية، وقوة الشد، ومطابقتها للمواصفات والمقاييس المعتمدة، بما في ذلك أسلاك الفضة والفضة المطلية بالذهب، وفي قسم النسيج الآلي يتم تحويل خيوط الحرير إلى بكرات بواسطة مكائن اللف الآلي، ثم تُحوَّل البكرات إلى سداية تضم أكثر من 9900 خيط للمتر الواحد عن طريق آلة التسدية، وتُركب السداية في مكينة نسج الجاكارد لإنتاج الثوب الخارجي للكعبة أو في مكينة نسج السادة لإنتاج قماش الحرير وطباعة الآيات القرآنية وتطريزها بأسلاك الذهب والفضة المستخدمة في الحزام.

في قسم الطباعة تُثبت قطع الحرير السادة على قطعتي خشب تسمى (منسج)، وتُطبع الآيات القرآنية لحزام الكعبة وما تحت الحزام من آيات وقناديل وستارة باب الكعبة، أما في القسم اليدوي تُجهز خيوط القطن لحشو الآيات القرآنية والزخارف الإسلامية، وتُجهز الملفات بأسلاك الفضة والفضة المطلية بالذهب، وفي قسم الحزام تُطرز الآيات القرآنية والزخارف بأسلاك الفضة المطلية بالذهب وتُحشى بخيوط القطن لبروز الحروف، ثم تُسلم القطع المذهبة إلى قسم تجميع الثوب، في وحدة الجودة تُحدد معايير الجودة المطلوبة لجميع المدخلات والمخرجات، مع متابعة ميدانية في جميع أقسام المجمع لضمان مطابقتها للمواصفات، في قسم تجميع الثوب تُجمع قطع ثوب الكعبة وتُوصل ببعضها (كل جهة على حدة تضم 10/11 قطعة)، وتُجمع قطع ستارة باب الكعبة، وتُثبت القطع المذهبة على الثوب، وأخيراً في عملية تلبيس ثوب الكعبة المشرفة تستبدل الكسوة القديمة بالجديدة في اليوم الأول من شهر محرم، وتُسدَل على جدران الكعبة وتُثبت من الأركان وأسفل الكعبة، مع تركيب ستارة باب الكعبة.

263fc478 58a7 4e08 8ae2 5d5b2ded96fb566d8d27 053c 41e0 a62a dbd02d86ba646782feb9 0407 4618 838d 809ac230d58e9ce74385 e863 47d8 aafe 3d5b56d5bb0f3b6be5ac 2e5d 4bbf 9c8c 5c6825f835f72da695cb 3063 4c22 b4e9 9e7883723c0105c04fcf 8611 4885 a93e 1441db171f6d9b2614fc 261e 4f19 b573 eda73eefb2c3144595e5 b448 40d1 b95c 7432d9954ee697df08a9 40d2 4efe 8ce3 891f455a7fa0a874d6c3 67e2 4017 aaf0 5b16297f4e67cb6c70b4 6370 49d3 8320 06136c5f9834e534c340 7ef3 4903 90d5 fa18be282c184b8157a1 5470 4033 8100 9b45e057c63b6ce544be 1cde 46d4 9729 2fe1a1cf8550450d9989 7c25 41cc 8ff6 58f5e1db2cdab21da89e 8ab1 4bca 88cc f5436a82de76b501c1c5 62bd 4887 9984 a4d6dffa9ca8bc09e165 2cb0 49e9 87ba 64b01f87ca71d378dea6 6f8f 458e 9370 52879424bf47609c0920 612f 416d b195 48b76d0e435a6281d9ed 15bf 4af9 af51 c366f392c03f3c4af08d eea4 4ebb 907b 89a7b7a05f7f24b92501 bf1a 4a78 8328 c9f0f4c5fcd17e5776b9 8978 4ed3 bc8b c33e321feb359fe2d8ac 6e7f 4207 998f 60aeb36b4a1a5b3e4321 f254 477a 8fa1 1178eab9e8965b4225ad 0c9b 48c2 968e c37f266e971522e114f1 2794 4025 9f39 1572b34274b577cd31cf 7958 4184 a7a3 3f2d01f767dd8471ab83 0ffb 4ac4 8c71 42a0b1f29de5777777777777hfjybf06d943 32ed 4fff 8faa 9549a45b60182af803cb f817 4ab8 bd8c b6c4b208119e5f84ade3 3c21 460b a004 ed1a8eb45d2c9a77a0d8 14c0 4ca6 8481 bc2f297002139b04c8d0 5ee1 4da2 9bad af0f2b6249545f84ade3 3c21 460b a004 ed1a8eb45d2c10cf9d80 7307 495d ae1c 1b627cbe08c9719d2170 5f61 4c28 85a6 7ceac012dafc1515facf 1817 42a7 ad0d 0c5a4538c683c031fa27 91a9 4ac0 8376 a3fb293126e1c8ebf71d 4476 4024 9750 da4ad521d853d759ac43 b928 4438 9024 5dbb3371396c

قيم الموضوع
(2 أصوات)


خطب وأم المصلين لصلاة الجمعة بالمسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي واستهل خطبته قائلا: أمة الإسلام: إن كلام الإنسان من عمله، الذي يحاسب عليه، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر، فللكلمة أهمية عظيمة، يدخل بها المرء الإسلام، ويفرَّق بها بين الحلال والحرام، وبها يُرفع المرء لأعلى الدرجات، أو يهوي بها لأسفل الدركات، ففي صحيح البخاري، أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ))، وبين سبحانه فضل الكلمة الطيبة، فقال: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾، ولا يصعد إلى الله تعالى إلا ما يحب ويرضى، فلذا جاءت نصوص الكتاب والسنة بحث المؤمن على مراقبة ما يتكلم به، فمن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت، فابتغوا يا عباد الله، بكلامكم رضا الله، فبالكلمة الطيبة، يزحزح المرء عن النيران، ويفوز بالجنان، ((فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ))، وفي الصحيحين: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ؛ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ؛ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ، فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ؛ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ؛ فَمَن لَم يَجِد فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ)).

إخوة الإيمان: إن كفّ اللسان عن المحرمات، طريق موصل إلى السلامة، وإلى رضوان الله والجنة، ففي سنن الترمذي: قال معاذ رضي الله عنه يا رسول الله: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ، فذكر له صلى الله عليه وسلم أبواب الخير، ثم قال: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلَاْكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، قَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ))، فكم من إنسان تكلم بكلمة دون تفكر، أو إمعان نظر، فكانت سببًا للخسران والبوار، هوى بسببها في النار، أبعد مما بين المشرق والمغرب، فالعاقل اللبيب، من جعل على لسانه رقيباً، يكفه عن شهادة الزور والنميمة، والبهتان والغيبة، والكذب والازدراء، والسخرية والاستهزاء، وفي غزوة تبوك، خرج أناس مع النبي صلى الله عليه وسلم، فتكلَّموا بكلمات زلّت بها ألسنتهم، فقالوا: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونا، وأكذب ألسنا، وأجبن عند اللقاء"، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاء الوحي من السماء، بخبر تلك المقالة السيئة، فقال سبحانه: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ))، فجاء القوم يعتذرون، ويقولون يا رسول الله: إنما هي كلمات، نقطع بها عناء ومَشَقَّة الطرقات، ورسول صلى الله عليه وسلم، لا يلتفت إليهم، ولا يزيد عليهم، إلا أن يقول: ﴿أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.

وذكر فضيلته في خطبته الثانية: إن كل كلمة يتلفظ بها المرء، مكتوبة عليه، ويكون لسانه يوم القيامة، إما شاهداً له أو عليه: ((يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))، ولما كان اللسان بهذه المنزلة، عُدّ حبسه من أسباب النجاة يوم القيامة، ففي سنن الترمذي: قال عقبة بن عامر رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: ((أمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ))، ودعانا صلى الله عليه وسلم إلى عفة اللسان، والبعد عن السباب واللعان، فأفضل المسلمين، من سلم المسلمون من لسانه ويده، وضمن صلى الله عليه وسلم الجنة، لمن حفظ لسانه وفرجه، بل عَدَّ صلى الله عليه وسلم، الكلمة الطيبة صدقة، ومن الكلمات الطيبات، ذكر رب البريات، فالحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله، تملآن أو تملأ ما بين الأرض والسموات، وفي الصحيحين: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ))، قال ابن القيم رحمه الله: "وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به".
IMG 20240705 132330 808IMG 20240705 132330 558IMG 20240705 132330 335
قيم الموضوع
(4 أصوات)
وُلد الخطاط المكي عبدالرحيم أمين بخاري –رحمه الله- عام 1335هـ-1917م في مكة المكرمة، ومارس هواية الخط والرسم منذ صغره، وهو الذي وضع خطوط كتابات باب الكعبة وكسوتها بخط الثلث، وأقدم عامل اشترك في صنع كسوة الكعبة المشرفة منذ عهد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود –طيب الله ثراه-.

وقد التحق –رحمه الله- بدار الكسوة والصناعة بأجياد وعمل كعامل، وبعد ذلك عُيّن رئيسًا فنيًّا للعمال الفنيين بدار الكسوة والصناعة في أجياد عام 1350هـ، وقد نفذ خطوط وزخارف باب الكعبة الذي أمر بصنعه جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –رحمه الله- عام 1363هـ، بالإضافة إلى خطوط وزخارف الأعلام السعودية.

كما عُيّن وكيلًا لمصنع كسوة الكعبة المشرّفة في أم الجود عام 1382هـ، ونفذ خطوط وزخارف باب الكعبة الذي صنع بأمر الملك خالد آل سعود عام 1399هـ، وتوفي عام 1418هـ -رحمه الله-.

الكتابة بالتباشير والفحم

وقد نفذ عبدالرحيم أمين -رحمه الله - طريقة الكتابة والخطوط على الكسوة، حيث تكتب الخطوط على الورق حسب المقاس المطلوب بالتباشير باللون الأبيض وتحبر على الكتابة ثم تخرم الكتابة بالدبوس وتوضع على اللوحة المراد نقلها إليه، ومن ثم بقطن مدهون بالفحم الناعم وتمسح بها الورقة الأولى-المخرمة- فتظهر الكتابة على اللوحة الجديدة ثم يقوم باشتغالها بعمل اللف من أجل بروز الخيط بعدها يتم إعدادها ولفها بالقصب أو السلك الفضي.

و قد شارك -رحمه الله- بكتابة وتخطيط الخط الثلث على أول باب للكعبة في عام 1363هـ ، ثم الباب الثاني إضافة إلى الباب الذي أهداه الملك خالد بن عبدالعزيز -طيب الله ثراه- للكعبة المشرفة.

(21) كسوة بيده

كما قام الخطاط عبدالرحيم أمين بخاري -رحمه الله- بكتابة وخط جميع الخطوط المكتوبة على كسوة الكعبة وستارة الباب والروضة في حجر المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعمل ما يقارب (21) كسوة للكعبة المشرفة قبل التشغيل الآلي للمصنع آنذاك.

الجدير بالذكر أنه وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- أمر بأن يكتب اسم الخطاط عبدالرحيم أمين على كسوة الكعبة المشرفة بناءً على طلبه، وما زال اسم عبدالرحيم أمين -رحمه الله - يكتب على كسوة الكعبة المشرفة حتى اليوم.
قيم الموضوع
(3 أصوات)

خطب وأمّ المصلين لصلاة الجمعة في المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل غزاوي، حيث تناول في خطبته موضوع "الرشد والإرشاد" مشددًا على أهمية الهداية والابتعاد عن الغواية.

واستهل الشيخ غزاوي خطبته قائلاً: "الحمد لله المنفرد بالخلق والإيجاد، عمّ برحمته جميع العباد، وخص أهل طاعته بالهداية إلى سبيل الرشاد، أحمده سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، هَدى به من الضلالة وأرشد به من الغواية، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك طريق الهدى والسداد. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فمن اتقى الله تعالى جعل له هدى يتبصر به من العمى والجهالة".

وذكر أن من توفيق الله لعبده أن يجعله سالكًا سبيل الرشاد، ومسدّدًا في قوله وعمله، داعيًا إلى الخير ودالًا عليه، وهذا فضل كبير ومقام رفيع، وضِدُّ ذلك؛ أن يضِلَّ المرء عن سبيل النجاة والهداية ويَسْلُكَ مسالك الغواية، وشتان بين الحالين، قال الله تعالى: "قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ".

وأشار إلى أن الرشد له أسباب في مقدمتها الاستجابة لدعوة الإيمان والطاعة، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من يطع الله ورسوله فقد رشد". كما ذكر أهمية اتباع القرآن الكريم كما قال ابن تيميه رحمه الله: "من تدبر القرآن طالبًا الهدى فيه تبين له طريق الحق".

وأوضح أن طلب العلم النافع وسؤال الله الرشد من سبل تحقيق الرشاد، مستدلاً بقول الله تعالى على لسان موسى للخضر عليهما السلام: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾. ومن طرق اكتساب الرشد: سؤالُ الله سبحانه تلك المنزلةَ؛ فقد سألها الفتيةُ المؤمنة حين أووا إلى كهفهم؛ ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾، وأَمَر اللهُ تعالى نبيَّه عليه الصلاة والسلام بذلك السؤال إذ يقول: ﴿وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾، وامتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر ربه؛ فكان يسأل ربه الرشد ويقول: (اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي).

واختتم خطبته الأولى بتوجيه المصلين إلى التأمل في حالهم، متسائلًا: "هل أنت على سبيل الرشاد وجادة الحق؟"، داعيًا الجميع إلى الثبات على الطاعات، وتجنب المعاصي، والإرشاد إلى الخير.

بدأ الشيخ غزاوي خطبته الثانية بالحمد والثناء على الله، قائلاً: "الحمد لله الذي أرشدنا إلى طريق الحق والهداية، وأنجانا بفضله من سبل الباطل والغواية، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه".

وأوضح أن من علامة الرشاد أن يُحبب الله الإيمان إلى عبده، ويزيّن الإيمان في قلبه، ويُبغض إليه الكفر والفسوق والعصيان، مستشهداً بقول الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.

واختتم بالدعاء قائلاً: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، اللَّهُمَّ انصر الْمُسْتَضْعَفِينَ والمجاهدين في سبيلك والمرابطين على الثغور وحماة الحدود، واجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا رخاء وسعة وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى من الأقوال والأفعال، يا حي يا قيوم، اللهم وفقه وولي عهده لهداك وتقواك، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين في فِلَسْطين وفي كل مكان، اللهم اشف مرضاهم وعاف مبتلاهم واحقن دماءهم وارحم موتاهم وتقبل في الشهداء قتلاهم، اللهم أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، اللهم فرج همهم واكشف كربهم وارحم ضعفهم واجبر كسرهم، واربط على قلوبهم وأنزل السكينة عليهم، اللهم انصرهم ومكن لهم، واجعل دائرة السوء على من بغى عليهم، واشدد وطأتك على من آذاهم وتسلط عليهم يا سميع الدعاء، ﴿ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من أمرنا رشدا﴾، اللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا من شر أنفسنا، والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه أجمعين".
IMG 20240628 WA0006IMG 20240628 WA0007
قيم الموضوع
(2 أصوات)
خطب وأمّ المسلمين فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، وبعد أن حمد الله بدأ الخطبة بقوله: أيها المسلمون ذكر الله سبحانه هو أفضل الطاعات وأشرف القربات، ولبّ العبادات، وهو الذي من أجله شرعت الشعائر، كما قال سبحانه: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) ، وقال جل شأنه: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ) ، وقال عليه الصلاة والسلام «إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله»، أي ليذكر العباد ربهم، بقلوبهم عكوفاً على تعظيمه ومحبته وخوفه ورجائه، وبألسنتهم لهجاً بحمده وتكبيره وتهليله وتسبيحه، وبجوارحهم عملاً بطاعته وسعياً في مراضيه، فلذلك كان ذكره جل جلاله أكبر من كل شيء، كما قال جل ثناؤه: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ).

وأضاف فضيلته: وقد أعد الله للذاكرين الله كثيراً والذاكرات مغفرةً وأجراً عظيماً، ووعدهم بالنصر والفلاح والحفظ، ورتب على كثرة ذكره سبحانه من حط الأوزار والخطيئات، ورفعة الدرجات وتكفير السيئات ما نطقت به آي الكتاب المبين وزخرت به سنة سيد المرسلين؛ ولذلك دأب عليه سادة العارفين بربهم من الأنبياء والمرسلين والصديقين وأولي الألباب الصالحين.

من ذكر الله خالياً من الناس ففاضت عيناه شوقاً إليه أو خوفاً منه، أومنهما معاً، فاز بظل العرش والنجاة يوم البعث قال عليه الصلاة والسلام "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر رجلاً ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" وهذا في ذكر القلب، أو في ذكر القلب واللسان معاً، قال الصحابي الجليل سيد القراء أبي بن كعب رضي الله عنه: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما على الأرض عبد على سبيل وسنة، ذكر الرحمن خالياً ففاضت عيناه من خشية الله، فتمسه النار.

واختتم فضيلته الخطبة : ليس للقلوب طمأنينة ولا سكينة ولا راحةٌ ولا قرار إلا بكثرة ذكر الله في الغيب والشهادة، والسر والجهر، فالقلوب إنما خلقت لذكر الله فلا تحيا إلا به، ولا تثبت على الإيمان إلا به فهو الفرقان بين أهل النفاق وأهل الإيمان، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُم وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) ، وقال عليه الصلاة والسلام : "تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلا" أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.

قيم الموضوع
(2 أصوات)
خطب وأمّ المصلين لصلاة الجمعة في المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري، واستهل خطبته قائلًا: الحمدُ للهِ الذي سهَّلَ بفضلِهِ سُبلَ الخيرِ ويسَّرَ، وبلَّغَ عبادَهُ سبيلَ بيتِهِ المُطهرِ، فقضَى الحاجُّ تفثَهُ، ووفَّى مَا نَذرْ، وأمَّلَ مِنْ ربِّهِ مغفرةَ مَا سَلفَ وسطَّرَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله، الَّذِي خَلَقَ وشَرَعَ ودبَّر، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ خيرِ البشرِ، ومَنْ تبعهُمْ بإحسانٍ إلى يومِ المَحشرِ، أمَّا بعد:
 
فأُوصيكُم أيَّها الناسُ، ونفسي بتقوَى اللهِ، فإنَّ تقواهُ أفضلُ زادٍ، وأحسنُ عاقبةٍ ليومِ المَعادِ، فاتَّقوا اللهَ في كلِّ حينٍ، وتذكَّرُوا قولَ الحقِّ في كتابِهِ المبينِ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ}. معاشرَ المسلمين: لقدِ انقضَى موسمٌ مِنْ أشرفِ مواسمِ أهلِ الإسلامِ، وانتهتْ أيامُ الحجِّ وشعائرِهِ العظامِ، وعاشَ الحجاجُ معَهَا أفضلَ الأيامِ، فوقفُوا في المشاعرِ بخضوعٍ واستسلامٍ، ورفعُوا الأكفَّ سائلينَ ربَّ الأنامِ، وتَطَهَّروا مِنَ الذنوبِ والآثامِ، فَهَنِيئًا لهُمْ علَى التمامِ، وهَنِيئًا لهُمْ مَا آتاهُمُ اللهُ مِنَ الفضلِ والإنعامِ، {قُل بِفَضلِ اللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَليَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مّمَّا يَجمَعُونَ}. فلتشكُرُوا للهِ نعمَهُ وإمدادَهُ، فالشكرُ لهُ مؤذنٌ بالزيادةِ، وبذلكَ تحققُونَ مقصَداً مِنْ مقاصدِ الحجِّ والعبادةِ، قالَ تعالَى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
حجّاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ، ظُنُّوا بربِّكُم كلَّ جميلٍ، وأمِّلُوا كلَّ خيرٍ جَزيلٍ، وقوُّوا رجاءَكُم باللهِ في قَبولِ حجِّكُم، ومَحوِ مَا سلفَ مِنْ ذنوبِكُم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي». متفق عليه. واعلمُوا - رحِمَكُم اللهُ - أن من حَجَّ للهِ مُخْلِصاً، وَلنبيِّهِ مُتَّبِعًا، وَسَلِمَ مِنَ الرَّفثِ والفُسُوقِ والجِدالِ، فقدْ رجعَ مِنْ ذُنُوبِهِ خَالِيًا، وَمِنْ خطايَاهُ خَاوِيًا، فعنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «مَنْ حَجَّ للَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». رواهُ البخاريُّ.
فهَا أنتُم – يا حجاجَ بيتِ اللهِ - قدِ استفتَحتُمْ حياتَكُم بصفحةٍ بيضاء، ورجعتُم بعدَ حَجِّكُم بثيابِ الطُّهرِ والنقَاءِ، فأَرُوا اللهَ مِنْ أنفسِكُم خَيراً، وَاعزِمُوا على المُحافظةِ على الطاعاتِ مَا بَقِيتُم، والبعدِ عنِ المعاصِي مَا حَيِيتُم؛ وحافِظُوا على مَا اكتسبْتُم وَجنيْتُم، وإياكُم مِنْ هَدْمِ مَا شَيَّدْتُم وبَنيْتُم، {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}. وإنَّ أمارةَ الحجِّ المبرورِ ومنارةَ قَبولِهِ، إيقاعُ الحسنةِ بعدَ الحسنةِ، والمداومةُ على ذلكَ، قالَ تعالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}، وهكذَا حالُ المؤمنِ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ عبادةٍ أعقبَها بعبادةٍ أخرَى، فللهِ دَرُّ أقوَامٍ أعيادُهُم قَبُولُ الأعمالِ، ومُرَادُهُم أشرفُ الآمالِ، وأحوالُهُم تَجْرِي على كَمَالٍ.
 
أيها المسلمون: إنَّ الطاعاتِ والعباداتِ ليستْ مرتبطةً بفريضةٍ دونَ غيرِهَا، أو موسمٍ دونَ غيرِهِ، بلْ إنَّ العُمرَ كلَّهُ محلٌّ للخيراتِ، ومغنمٌ للحسناتِ، فالمؤمنُ ليسَ لهُ مُنتَهى مِنْ صالحِ العمَلِ إلا بحلولِ الأجَلِ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}، وعَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، قُلْتُ: هَلْ كَانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ قَالَتْ: «لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً». متفقٌ عليهِ.
 
أيها المؤمنون: إنَّ مَنْ لبَّى في الحجِّ للرحمنِ فليلبِي بالطاعاتِ في كلِّ مكانٍ وزمانٍ؛ ومَنِ امتنعَ في حَجِّهِ عنْ محظوراتِ الإحرامِ، فليعلمْ أنَّ هناكَ محظوراتٍ على الدوامِ، فليحذرْ مِنْ خطواتِ الشيطانِ، ولا يقتربْ مِنْ حِمَى الرَّحمنِ، قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ». متفقٌ عليه.
عبادَ الله: بَارَكَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ والسنةِ، ونفعَنِي وإياكُم بِمَا فيهِما مِنَ الآياتِ والحكمةِ، أَقُولُ مَا سمعتُم، وأستَغفِرُ اللَهَ لي ولكُمْ ولسائرِ المسلمينَ منْ كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستَغْفِرُوهُ، إنَّهُ هو الغفورُ الرحيمُ.

وقال في خطبته الثانية: الحمدُ للهِ يُجزلُ العطاءَ لعبادِهِ المتقينَ، المُتفضِّلِ عليهِم بالنعماءِ في كلِّ حينٍ، أحمدُهُ حمْدَ الشاكرينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ إمامُ المتقينَ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أما بعد:
 
ضيوفَ الرحمن: إنَّ مِنْ توفيقِ اللهِ تعالَى أنْ يعودَ الحاجُّ بعدَ الحجِّ بالتوحيدِ الخالصِ، وقدْ صَلَحَ قَلبُهُ، وازدادَ إيمانُهُ، واستقامَ حالُهُ، وحسُنُ خُلُقه، وقَوِيَ يقينُهُ، وزادَ وَرَعُه، سُئِل الحسنُ البصريُّ رحمَهُ اللهُ تعالَى: ما الحجُّ المبرورُ؟ قالَ: أنْ تعودَ زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرةِ.
فيَا مَنْ تقلَّبتُم في أنواعِ العبادةِ، الزَموا طريقَ الاستقامةِ؛ فلستمْ بدارِ إقامةٍ - واعلمُوا - أنَّهُ بهذا العُمُرِ اليسيرِ يُشترَى الخلودُ في الجِنانِ، والبقاءُ الذي لا ينقطعُ بوعدِ الرَّحمنِ، ومَنْ فرَّطَ في حياتهِ وَقَعَ في الخُسرانِ، فعلى العاقلِ أن يعرفَ قدْرَ عُمرِهِ، وأنْ ينظرَ لنفسهِ في أمرِهِ، فيغتنمَ مَا يفوتُ استدراكُهُ، فربَّما حَصَلَ بتضييعِهِ هلاكُهُ.
 
حجاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ: تقبَّلَ اللهُ حجَّكُم وسعيَكُم، وأعادَ اللهُ علينَا وعليكُم هذهِ المواسمَ المباركةَ أعواماً عديدةً وأزمنةً مديدةً، وجزى اللهُ ولاةَ أَمرِنَا في هذهِ الدولةِ المباركةِ على جهودِهِم العظيمةِ المعهودةِ، وأعمالِهِم الجليلةِ المشهودةِ؛ والتي أثمرتْ بتوفيقِ اللهِ نجاحاً عظيماً لموسمِ الحجِّ في هذا العامِ وفي كلِّ عامٍ، وإنَّ خدمةَ الحرمينِ الشريفينِ وقاصديهِمَا مِنَ الحُجاجِ والمعتمرينَ والزوّارِ ممَّا امتازتْ بهِ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ منذُ تأسيسِهَا، فجزاهُم اللهُ عنَّا وعنكُم وعنِ الإسلامِ والمسلمينَ مِنَ الأجرِ أعظمهُ ومِنَ الثوابِ أجزلهُ، وجعلَ ذلكَ في ميزانِ حسناتِهِم.
 
عبادَ الله: هذا وصلُّوا وسلِّمُوا على خيرِ البريةِ، وخيرِ البشريةِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ، فقدْ أمركُم اللهُ بذلكَ في كتابِهِ فقالَ: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
 
فاللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ على الرسولِ الأمينِ، وعلى آلِهِ الطيبينَ الطاهرينَ، وعلى أزواجِهِ أمهاتِ المؤمنينَ، وارضَ اللهمَّ عنِ الخلفاءِ الأربعةِ الراشدينَ، وعنِ الصحابةِ أجمعين، والتابعين، ومَنْ تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، وعنَّا معهُم بعفوِكَ وجُودِكَ وإحسانِكَ يا أكرمَ الأكرمينَ.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وانصرْ عِبادَكَ الموحدينَ، واحمِ حَوزةَ الدِّينِ، واجعلْ هذا البلدَ آمناً مطمئناً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمينَ، يا ربَّ العالمين. اللهمَّ تقبَّلْ مِنَ الحجاجِ حجَّهُم وسعيهُم، واجعلْ حجَّهُم مبروراً، وسعيَهُم مشكوراً، وذنبَهُم مغفوراً. اللهمَّ اجعلْ سفرَهُم سعيداً، وعودَهُم إلى بلادِهِم حميداً، واجعلْ دَربَهُم دربَ السلامةِ والأمانِ. اللهمَّ وفِّقْ إمامَنَا ووليَّ أمرِنَا خادمَ الحرمين الشريفين، ووليَّ عهدِهِ الأمين لكلِّ مَاتحبُّ وترضَى، وأجزلْ لهم الأجرَ والمثوبَةَ على كلِّ مَا يبذلونَهُ للحرمين الشريفين، واجزِ جميعَ العاملينَ في خدمةِ ضيوفِ الرحمنِ خيرَ الجزاءِ. اللهمَّ انصرْ رجالَ أمنِنَا وجنودَنا على ثغورِنَا، وكنْ لهمْ عوناً ونصيراً، ومُؤيداً وظهيراً. اللهمَّ وفِّقْ ولاةَ أمورِ المسلمينَ لِـهُداكَ، واجعلْ عملَهُم في رِضاكَ. اللهمَّ فرِّجْ همَّ المهمومِينَ، ونفِّسْ كَربَ المكرُوبِينَ، واقضِ الدَّينَ عنِ المَدِينِينَ، واشفِ مَرضانَا ومرضَى المسلمِينَ، وارحمِ اللهمَّ موتانَا وموتَى المسلمِينَ، وانصرِ المُستضعفِينَ مِنَ المسلمِينَ في كلِّ مكانٍ، وفي فلسطينَ، واجعلْ لهُم مِنْ كلِّ هَمٍّ فرجاً، ومِنْ كلِّ ضيقٍ مَخرجاً، ومنْ كلِّ بلاءٍ عافيةً. ربَّنَا تقبلْ مِنَّا إنكَ أنتَ السميعُ العليمُ، واغفرْ لنَا إنكَ أنتَ الغفورُ الرحيمُ، وتُبْ علينَا إنَّكَ أنتَ التوابُ الرحيمُ، سبحانَ ربِّكَ ربِّ العزةِ عمَّا يصفُونَ، وسلامٌ على المرسلِينَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

photo 6028602717745824164 yphoto 6028602717745824168 yphoto 6028602717745824166 yphoto 6028602717745824169 y
قيم الموضوع
(2 أصوات)

أعلنت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عن نجاح خطتها التشغيلية لموسم حج 1445هـ، وفق كامل الإمكانيات والطاقة البشرية العاملة بالهيئة لتحقيق المؤشرات والمستهدفات لتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بكل يسر وطمأنينة.

كما بينت الهيئة أن خطتها عملت على تهيئة جميع المرافق والخدمات بمستوى عال من الجاهزية ببنية تحتية متطورة لتشمل أنظمة التبريد والتكييف لتلطيف الأجواء في ظل ارتفاع درجات الحرارة والأنظمة الصوتية والمرئية بالإضافة لأنظمة أبواب المسجد الحرام والمسجد النبوي, أيضاً الخدمات التي تواكب كافة الفئات العمرية وذوي الإعاقة في تفعيل العربات الكهربائية للطواف والسعي بسطح المسجد الحرام وتهيئة دورات المياه والمواضئ.

وأشارت الهيئة أنه تم إدارة تلك الخدمات والأنظمة على مدار اليوم بفاعلية تامة في الحرمين الشريفين لضمان توفير بيئة إيمانية ينعم بها ضيف الرحمن أثناء دخوله وخروجه بكل سهولة وتقديم مياه زمزم المباركة بموثوقية عالية في الحرمين الشريفين.

مبينة أيضا أنه تم العمل على تحسين وإثراء تجربة ضيف الرحمن عبر المعارض الرقمية والميدانية التي لاقت صدى جيد في التعريف بمعالم الحرمين الشريفين والخدمات الرقمية المقدمة بالإضافة إلى المحتويات التثقيفية التي تعمق الفهم الديني عبر استقبال ضيوف الرحمن في مكتبات الحرمين للتزود بمختلف العلوم, وإيصال رسالة الحرمين السامية من خلال الجانب التوجيهي والتثقيفي والإرشادي وإجابة السائلين وترجمة خطب الحرمين الشريفين وترجمة خطبة عرفة إلى 37 لغة عالمية .

وتأتي هذه الجهود بالتكامل والتعاون مع العديد من الجهات العاملة في الحرمين الشريفين تلبية لحرص وعناية حكومة المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين وقاصديهما بمتابعة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان آل سعود - حفظهما الله -.

IMG 0955IMG 0969photo1718641585photo1718714849photo1718722300photo1718722630
قيم الموضوع
(1 تصويت)
نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، سلم نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، كسوة الكعبة المشرفة لنائب كبير سدنة بيت الله الحرام عبدالملك بن طه الشيبي، وشهد مراسم التسليم معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور توفيق الربيعة.

تم التوقيع على محاضر الاستلام والتسليم من قبل رئيس مجلس الهيئة ونائب كبير سدنة بيت الله الحرام، إيذاناً باستبدال كسوة الكعبة المشرفة في غرة محرم 1446هـ، بعد أن أتمت الهيئة صناعة الكسوة الجديدة لهذا العام.

وتصنع الكسوة بمجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، باستخدام الحرير الطبيعي المصبوغ باللون الأسود، ويبلغ ارتفاع الثوب 14 متراً، وفي الثلث الأعلى منه يوجد حزام عرضه 95 سنتيمتراً وطوله 47 متراً، مكون من 16 قطعة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية.

وتأتي مراسم التسليم ضمن الاستعدادات والمراحل المتبعة لاستبدال كسوة الكعبة المشرفة المقررة مطلع العام 1446هـ، بما يعكس اهتمام القيادة -رعاها الله- وعنايتها لكافة المراحل منذ بدأ التصنيع وحتى إتمام الاستبدال.

f2dad52a f233 47a9 83e2 c5cea5892a8dc234d13d 85f6 474d 94a8 f5407d13f3c2
قيم الموضوع
(2 أصوات)


بحضور سمو أمير منطقة المدينة المنورة الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، وسمو نائبه الأمير سعود بن خالد الفيصل، أدى جموع المصلين اليوم صلاة عيد الأضحى المبارك في المسجد النبوي، حيث أم المصلين فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا إمام وخطيب المسجد النبوي.

وبعد أن حمد الله تعالى بدأ فضيلته الخطبة بقوله: عباد الله: هذا عيدنا أهل الإسلام، هذا اليوم أفضل أيام العام، هذا أكبر العيدين وأجلهما، هذا يوم الحج الأكبر، هذا يوم الشعائر العظيمة، هذا يوم إعلان التوحيد والتجريد، هذا يوم إخلاص العبيد، (قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ).

وأضاف: هذا يوم مبارك جعل الله يوم عرفة قبله توطنة له وتقدمة بين يديه، يقف فيه الحجيج بعرفات منيبين إلى ربهم مسلمين، داعين مخلصين له الدين، مكبرين خاشعين خاضعين، فيتجلى لهم الله سبحانه ويدنو منهم ويباهي بهم ملائكته، ويكرمهم بالرحمة والغفران، ويعتق كثيراً من عباده من النيران.

وأكمل فضيلته: في مثل هذا اليوم المبارك الأغر، من السنة العاشرة من هجرة خير البشر، كان إمام الثقلين صلى الله عليه وسلم في مقدمة جموع المسلمين بمنى يقودهم في حجة الوداع، وكان أول منسك فعله أن رمى جمرة العقبة ضحىً بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم انصرف إلى المنحر، وكان عدة الهدي الذي ساقه معه مائة بدنة من الإبل خاصة، تعظيماً لشعائر اله تعالى، فباشر بيده الكريمة المباركة الطاهرة هذا النسك فنحر ثلاثاً وستين بدنة، ثم أعطى علياً فنحر ما بقي، وأشركه في هديه، وأمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثم حلق رأسه الشريف، ثم ركب فأفاض إلى البيت العتيق فطاف به، وفي ذلك اليوم المبارك خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى خطبة عظيمة ودع فيها أمته وذكر، ووعظ وأنذر، وبلغ وأشهد على ذلك بأبي وأمي صلوات الله عليه وسلامه، قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها، وقال: هذا يوم الحج الأكبر، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اشهد، وودع الناس فقالوا: هذه حجة الوداع)، وكان مما جاء في تلك الخطبة المباركة التأكيد على حرمة الدماء والأعراض والأموال، والتحذير من الاختلاف والفرقة والاقتتال، فقال (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه) وخطب الناس عليه الصلاة والسلام خطبة ثالثة في أوسط التشريق، وكان قبل ذلك قد خطب في يوم عرفة، فدل أمته في تلك الخطب العظيمة على خير ما يعلمه لهم وأنذرهم شر ما يعلمه لهم، ووصاهم بالاعتصام بكتاب الله، وحفظ فرائض الدين، وبالنساء خيراً، وبتقوى الله فيهن، وأمر بلزوم الجماعة، والسمع لمن ولاه الله الأمر والطاعة.

وبيّن فضيلته: أعظم شعائر هذا اليوم المبارك لغير الحجاج ذبح الأضاحي اقتداء بسيد المرسلين، من أحيا الله به سنة خليل رب العالمين، إبراهيم إمام الحنفاء، ووالد الأنبياء، صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم وعلى جميع النبيين، وذلك ليذكر العباد اسم ربهم على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فيفردوه بالعبادة على الدوام، وينقادوا له بالطاعة والاستسلام، وليكون هذا المنسك العظيم إعلاناً ظاهراً بأن العبادة حق الله الخالص على عبيده، فلا يذبح إلا له، ولا يذكر على النسائك إلا اسمه، مستيقناً بأن الله غني حميد لا يصل إليه أبعاضها ولا أجزاؤها، وإنما يصل إليه إخلاص العبد وما أريد به وجه الله منها، معظماً ربه على ما أرشده لمعالم دينه ومناسك حجه.

وأوضح فضيلته: لقد كانت سنة إمام المتقين صلى الله عليه وسلم المبادرة بعد صلاة العيد وخطبته إلى ذبح أضحيته بيده الكريمة، مسمياً مكبراً عليها، لا يقدم على ذلك شيئاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي تم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النسك في شيء) فضحى بكبشين طيبين، واحداً عنه وعن أهل بيته، والآخر عمن لم يضح من أمته، ولقد دلت سنته عليه الصلاة والسلام وهدي أصحابه من بعده على فضل المحافظة على الأضحية في كل عام لمن تيسرت له، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعلى اختيار السمين المستحسن منظره من بهيمة الأنعام، وأفضلها في الهدي والأضحية الإبل ثم البقر ثم الغنم، كما دلت السنة المطهرة على وجوب اختيار الطيب الخالي من موانع الإجزاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) وقوله عليه الصلاة والسلام: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والعجفاء التي لا تنقي)، والمراد بها الهزيلة الضعيفة، وما كان عيبها أشد من هذه الأربع فهو مانع من الإجزاء ملحق بها، كالعمياء ومقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين، ويكره منها ما بها عيب يسير كمقطوعة بعض الأذن أو مكسورة شيء من القرن، والعيب الخفيف معفو عنه كما دل عليه مفهوم حديث البراء رضي الله عنه. 

والأضحية الواحدة تجزيء عن الرجل وأهل بيته، ويجوز أن يشترك سبعة في البعير أو البقرة، والسن معتبرة في الأضاحي، فلا يجوز في الإبل إلا ما تم له خمسن سنين، وفي البقر ما له سنتان، وفي المعز ما تم له سنة، وفي الضأن ما تم له ستة أشهر، ويسن أن يأكل المضحي من أضحيته هو وأهل بيته وأن يطعم الفقير؛ وإن قسمها أثلاثا فأكل منها وتصدق وأهدى فلا بأس، ووقت الذبح يبدأ بعد صلاة العيد إلى مغيب شمس آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، والنهار والليل وقت للذبح والنهار أولى، والمبادرة بالأضحية بعد خطبة الإمام أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومسارعة في الخير.
قيم الموضوع
(1 تصويت)


خطب وأم المصلين لصلاة عيد الأضحى في المسجد الحرام معالي إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس موصيًا في مطلع خطبته: فيا أيها المسلمون في مَشارق الأرض ومَغَارِبها، حُجَّاج بَيْت الله الحرام، خير وصِيَّةٍ تُسْدَى على الدَّوام، تقوى المَلِك العَلاَّم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

مَعَاشِر المسلمين، وفود الحجيج المُبَاركين: عيدكم مبارك وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، ها قد امْتَنَّ الله عليكم بِبُلُوغ هذا اليوم الأغرِّ الأطهر، المُحَجَّل الأزهر، يوم الحَجِّ الأكبر، يومٌ تَهُبُّ نَسَائم عِطره وتُشرِق السُّبُل والدُّروب، وتطمَئِنُّ الجوارِح وتبْتهِجُ القُلوب، وتزْخَرُ في النُّفوس أصْدَق العِبَارات، وتُجَابُ الضَّرَاعات والدَّعوات، وتُقال الهَفَوات والعَثَرَات، وتُرْفَعُ الدَّرجات وتَنُال الحَسَنات، فَطوبى لكم الحَجُّ المَبرور، طوبى لكم الذَّنْب المغفور، طُوبى لكم السعي المشكور، طوبى لكم مُبَاهاة الملائكة من العزيز الغَفُور، فافرحوا بعيدكم وابتهجوا، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرَا. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: ومِن الشّعَائر العُظمَى، والطَّاعات الكُبرى التي يُتَقَرَّبُ بها إلى المولى عزّ وجلَّ في هذا اليوم الأنْوَر، ويَسْتوِي فيها الحُجاج وغيرهم من المسلمين شَعِيرَة النَّحْر؛ للحجُاج نحر الهَدْي، ولغيرهم ذَبْحُ الأضاحِي، وهذه الشعيرة الجليلة فيها مِن الأجر العَمِيم، والاقتِدَاء بِخلِيل الله إبراهيم، ونَبِينا محمَّد الكريم، عليهما أفضل الصّلاةِ وأزكى التَّسليم.

أيها المؤمنون، أيها المُضَحُّون: ومِنْ فِقْهِ أحكام الأضاحي كَون ذبحها في الوَقْتِ المحدد شرعًا، فلا يجوز ذبحها قبل وقت صلاة العيد؛ لِمَا وَرَد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أوَّلَ ما نبدأ في يومنا هذا أن نُصلِّيَ، ثم نرجعَ فَنَنْحَرْ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سُنَّتنا، ومن نَحَرَ قبل الصلاة فإنما هو لحم قدَّمه لأهله ليس مِنَ النُّسك في شيء" (متفق عليه)، وينتهي وقتُ ذبحِ الأضحية بغروب شمسِ اليومِ الثالثِ من أيام التشريق، لقوله صلى الله عليه وسلم:"وكُلُّ أيام التشريق ذبح" (أخرجه الإمام أحمد في مسنده).

ولا يجوز التضحية بالمعيبة عيوبًا بَيِّنَة؛ لحديث البراء ابن عازب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أربَعٌ لا تجوز في الأضاحي: العَوْراء البَيِّنُ عَوَرُها، والمريضة البَيِّن مرضها، والعرجاء البَيِّن ظَلَعُها، والكبيرةُ التي لا تُنْقِي" (أخرجه الإمام أحمد في مسنده وأهل السنن).

ويُعتبر في سِنِّ الهدي والأضحيةِ السُنن المعتبرُ شرعًا، وهو خمس سنوات في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في المَعْز، ونصف سنة في الضأن، وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه، ومِنْ سُنَن الأُضحية أن يتولَّى المضحِّي الذبح بنفسه، وقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، ومن السُّنة أن لا يُعطى جازِرَها أُجرته منها.

وأن يأكل صاحبها منها ثلثًا، ويُهديَ ثُلثًا، ويتصدقَ بثُلثْ؛ لقوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. ألا فَضَحُّوا، تقبل الله أُضحياتكم، وحقق سؤلكم ومُنَاكم، وأحْيُوا سُنَّة التكبير، كَبِّرُوا حتى يَبْلغ تكبيركم عَنَانَ السَّمَاء، كَبِّرُوا فربكم كريم  يحب الثناء، ويستجيب الدعاء، الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أمَّة الإيمان، أيها الحُجَّاج الكرام: لقد جاء هذا الدين بأعظم القِيَم الإنسانية المُنِيفَة، والأخلاق الوَرِيفَة، مُرشِدًا العالم إلى القِيَم المُزْهرة، والمكارم الوضيئة المبهرة، أهمها على الإطلاق، وأعلاها باتفاق؛ توحيد رب العالمين، فهو أساس دعوة الرسل أجمعين، قال تعالى:﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، وذلك؛ بإخلاص الدين لله: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾، وتعظيم سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾، ومعرفة مكانة الصحابة رضي الله عنهم، خِيَار هذه الأمة، وأبرّها قُلوبًا، وأعمقها عِلمًا، وأقلها تَكلُّفًا، ولزوم منهج السلف الصالح رحمهم الله، والعلماء الربانيين، وحفظ مقامهم، واحترام اجتهاداتهم، وعفة الألسنة عن الوقوع في أعراضهم، والتجافي عن منهج التكفير والتفسيق والتبديع، وكذا العناية بالعبادات وعلى رأسها الصلاة: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" ( أخرجه الترمذي وقال:حديث حسن صحيح)، وتعزيز منهج الوسطية والاعتدال، ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾، والحفاظ على الأمن والاستقرار، والوِئَام والسلام، والبُعد عن الحروب والخطوب، والنزاعات والكروب، وتجنيب المنطقة والعالم آثارها المدمرة.

أمة الإسلام: ومن عظيم وبديع القيم الإسلامية، الاعتصام بالوحدة الدِّينيَّة والوطنية، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا﴾، قال الإمام البغوي: "بعث الله الأنبياء كلهم بإقامةِ الدِّين، والأُلْفة والجماعة، وترك الفُرْقة والمخالفة"، فالحذر الحذر من الجماعات الحزبية، والتنظيمات الإرهابية، والانحلال والإباحية.

فلزوم الجماعة والإمامة ومحبة الأوطان فِطْرَة الديَّان، وهنا يأتي دَوْرُ وَسَائِلِ الإعلام، ومواقِعِ التواصُل الاجتماعي في تَعزِيزِ هذه اللُّحْمة المُتَمَاسِكة، والعِنَاية بالمُحْتَوَى الإعلامي القِيَمِي، واستثمار وَسَائل التواصل في خِدْمَةِ الدِّين، وجَمْع الكلمة وَوَحْدَة الصَّفْ، وتجديد الخِطَاب الدِّيني، ومكافحة ظاهرة الإسلام فوبيا، والرد على شُبُهاتِ أهل الإلحاد والزَّيغِ والضَّلال. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

معاشر الحجيج المَيَامين: تَنْعمون في هذا اليوم السعيد المبارك في نفحات الابتهاج والسّرور، والألفة والحبور، والتزاور والاغتباط، والأُنْس والنَّشاط، وذلك فضل الله عليكم ورحمته، ولكن لا يَحْمِلُنا ذلك على تناسي مَآسي إخواننا المستضعفين، وأحِبَّتنا المكلومين، في فلسطين، وأكناف المسجد الأقصى؛ حَيْث يُعَانون الحِصَار والدَّمَار، والتشريد والتقتيل، والطغيان والتنكيل، ولا نشكو إلا لله أوصابنا، فَسُود النوائب لطالما أسفرت عن نَيْلِ الأماني والرغائب، والخطب الجَلَلْ بَرِيدٌ لأزكى الأمل بإذن الله عز وجل ﴿وَلا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. فيا أحِبَّتنا بحبل الله فاستعصِموا، وبالعزيز القدير استنصِروا، تُنْصَروا وتسْتبصِرُوا، وأبشروا وأمِّلُوا: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.

وقال في الخطبة الثانية: حجاج بيت الله الحرام: اتقوا الله، واغتنموا هذه الأوقات الشريفة الفاضلة، واعمروها بالأعمال المباركة الصالحة تُفلحوا وتفوزُوا، وللخيرات والرحمات تحُوزوا.

أمَّة الإسلام: ومن القِيَم العظيمة التي جاء بها الشرع الحنيف: تربية المجتمع على الفضيلة والعفاف، والتأكيد على دور الأسرة في التربية، فيا أيَّتُها الأخوات الشَّرِيفات، والحَرَائر المَصُونات: تَمَسَّكن بالحجاب والاحتشام، الله الله في الحياء والعفاف، احذرن القنوات المشبوهة الخليعة، والمواقع التواصلية الوضيعة التي تُدَمْدِم وتُهَدِّم من الأُسرة أركانها، ومن الفضيلة شُمّ بُنْيانَها، واعْلَمْنَ أنَّ وعي المَرْأة الحَصَان الرَّزان، المُنْبَثِقة عن مِشكاة الشرع الحنيف، ومقاصِدِه الكُلِّية، وقواعِده المرعِيَّةِ العَلِيَّة هي التي تقُود مِن مَسِيرَة الفضيلة والزَّكاءِ مَرَاكِبَها، وتتَصَدَّرُ مِن الدَّعوة لِلطُّهر والنَّقَاء مَوَاكِبَها، قال عزَّ مِن قائل: ﴿ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ 

ضيوف الرحمن حجَّاج بيت الله الحرام: أنتم اليوم في يوم النَّحر اليوم العاشر من شهر ذي الحجّة، في هذا اليوم الأغرِّ يتوجه الحُجَّاجُ إلى مِنَى لرمي جمرة العقبة بسَبْع حصياتٍ متعاقبات، فإذا فَرَغَ الحاجُّ من رمي جمرة العقبة، ذَبَحَ هَدْيَهُ إذا كان متمتعًا أو قارنًا، فإن عجز عن الهَدي؛ صام عَشرة أيام، ثم يحلّق الحاج رأسه؛ وبذلك يتحلَّل التحلُّل الأول، فَيُبَاحُ له كل شيء إلاَّ النِّسَاء، ثم يتوجّه الحاج إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج، لا يتمّ الحج إلاّ به ؛ لقوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ )، وبعد الطواف، يسعى بين الصَّفا والمروة إن كان مُتمتعًا، أما القارن والمُفْرِد فليس عليهما إلاّ سعيٌ واحد، ويحصل التحلُّل الثاني بثلاثة أمور هي: رميُ جمرة العقبة، والحلقُ أو التقصير، وطوافُ الإفاضة، فإذا فعل الحاج هذه الأمور الثلاثة، حلّ له كلُّ شيء حَرُمَ عليه بالإحرام حتى النساء، وإنْ قَدَّم أو أخَّر شيئاً منها فلا حرج إن شاء الله ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ما سئل يوم النحر عن شيء قُدم ولا أُخر إلاّ قال :" افعل ولا حرج".

حجَّاج بيت الله الحرام: إن من واجبات الحج أن تبيتوا الليلة بمنى اتباعًا لِسُنَّة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويوم غدٍ إن شاء الله هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجّة أوّلُ أيامِ التشريق المباركة التي قال الله عزّ وجل فيها: (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هي أيام التشريق"، وقال فيها عليه الصلاة والسلام: "أيام التشريق أيام أَكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرُ لله عزّ وجل" (رواه مسلم)، فأكثروا رحمكم الله من ذِكر الله وتكبيرِه في هذه الأيام المباركة امتثالاً لأمر ربكم تبارك وتعالى، واستناناً بسنَّة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، واقتفاءً لأثر سَلَفِكم الصالح؛ فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يُكبِّرون في هذه الأيام الفاضلة، وكان عُمَر رضي الله عنه يُكَبِّرُ في قُبَّتِه بمنى؛ فَيُكَبِّر الناس بتكبيره، وقد كان من هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم وهو القائل: "لتأخذوا عنِِّي مناسككم"، في هذه الأيام المباركة: رميُ الجمار الثلاث بعد الزوال؛ مُرَتَّبة الصُّغْرَى ثم الوُسْطَى ثم الكُبرى وهي العَقَبَة، كُلُّ واحدة بسبع حصيات متعاقبات، يُكَبِّر مع كل حصاه، والمبيتُ بمنى، وهو واجب من واجبات الحجّ، ويجوز للحاج أن يتعجل في يومين، وله أن يتأخر إلى اليوم الثالث وهو أفضل، قال تعالى :﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾، فإذا أراد الحاج الانصراف من مكة وجب عليه أن يطوف للوداع، لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما:"أُمِرَ الناسُ أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض".

وتطـوَّفوا بالبيت وهو مثابةٌ وسَعَوْا وتم بـذلك الإحْـرَامُ نسأل الله أن يتقبل من الحُجَّاجِ حَجَّهم، وأن يجعل حَجَّهم مَبْرُورَا، وسَعْيَهُم مَشكورا، وذنبهم مغفورا، إنه خير مسؤول وأكرم مأمول، هذا، وامْتثِلُوا رحمكم الله أمْرَ ربِّكم الذي أثابكم به أجْرًا عظيمًا، وشرَفًا عَمِيمَا، فقال تعالى قولاً كريما: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾.
IMG 20240616 WA0007