الاخبار الرئيسية - AR

الاخبار الرئيسية - AR (11822)

فئات موروثة

إقامة صلاة الغائب على المغفور له أمير دولة الكويت الشقيقة بالمسجد الحرام

إقامة صلاة الغائب على المغفور له أمير دولة الكويت الشقيقة بالمسجد الحرام (0)

بتوجيه من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أقيمت صلاة الغائب على سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة – رحمه الله – بالمسجد الحرام والذي وافته المنية يوم أمس الاثنين الموافق 12/2/1442هـ .
وقد أم المصلين لصلاة الغائب معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، بحضور عدد من قيادات الرئاسة، وأوضح معالي الشيخ السديس أن إقامة صلاة الغائب على سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح في الحرمين الشريفين تعكس عمق الترابط العميق بين دولتنا المباركة -حماها الله-ودولة الكويت الشقيقة -رعاها الله-، مؤكداً معاليه أن فقيد دولة الكويت فقيد للأمة العربية والإسلامية، داعيًا الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - أيدهما الله -، ويديمهما ذخرًا للوطن والمواطنين، وأن يحفظ دول الخليج من كل سوء ومكروه , وأن يرحم سمو أمير دولة الكويت وأن يسكنه فسيح جناته.

590375A9 C487 4FC7 864D 4D5693FBACDD3E7A10AC 149C 41EE 9F31 668AE8D3A458D691A152 12E5 4987 8006 8FFA9500BE46FDDFBA82 DBE1 49A5 861B 7C50D4FF21E67F87ADAE A06E 4CD2 B079 EFD3F8E1F9E6331D9F6B 4377 4620 B552 77F94AC7097B3541C52E 6DAE 49AB 9E55 BC7DE0F17A83A7FE89C2 559A 43E3 8B02 54576F25B7F5


عرض العناصر...
السلامة في المسجد الحرام تتابع سير أعمالها

السلامة في المسجد الحرام تتابع سير أعمالها (0)


عقد سعادة مساعد مدير عام السلامة مدير إدارة السلامة بالمسجد الحرام الأستاذ حسين بن حسن العسافي اجتماعاً بسعادة وكيل الإدارة الأستاذ فيصل من محمد العبدلي، ورؤساء الورديات؛ لمناقشة واستعراض الخطة التشغيلية ومهام الإدارة.

وأوضح العسافي ضرورة مواصلة ومضاعفة الجهود وتهيئة السبل لتأدية الزوار والمعتمرين نسكهم بكل ويسر وسهولة، ومتابعة استمرارية الأعمال على أكمل وجه لتحقيق السلامة في كافة أنحاء المسجد الحرام.

ويأتي الاجتماع بإشراف ومتابعة سعادة مدير عام السلامة المهندس بسام بن سعيد العبيدي وتوجهات سعادة وكيل الرئيس العام للأمن والسلامة ومواجهة الطوارئ والمخاطر الأستاذ فايز بن عبد الرحمن الحارثي؛ المبنية على توجيهات معالي الرئيس العام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس.

عرض العناصر...
قيم الموضوع
(2 أصوات)

أمّ إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح البدير المصلين في يوم الجمعة واستهل خطبته قائلاً : الحمد لله الذي نهانا عن الغيبة والنميمة والبهتان، أنعم علينا بنعمه السابغة البالغة فحقٌ أن يحمد ويشكر ويذكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله، نصح أمته ووعظ وأرشد وذكّر صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة زاكية، ما سعى ساعٍ لرزقه وبكّر.

أما بعد، يا أيها المسلمون، اجعلوا التقوى زادكم والآخرة أمامكم، واستثمروا بالطاعة حياتكم.

أيها المسلمون، من علامة العقل وطهارة النفس وقوة الإيمان التحفظ في المنطق، ومن صلح جنانه صلح لسانه، والتنزه عن الغيبة والتحرز من سماعها والرضا بها دأب الصالحين المشفقين من العذاب وسوء الحساب، فلا يستغيبون أحداً ولا يمكِّنون أحداً أن يستغيب بحضرتهم لما في الغيبة من ذميم العاقبة واستجلاب الضغائن وإفساد الإخاء.

قال بعض العلماء: "أدركنا السلف وهم لا يرون العبادة في الصوم ولا في الصلاة ولكن في كفّ الأذى عن أعراض الناس"، وقال آخرون "كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدوراً وأقلهم غيبة".

يقول الله عز وجل: "وَلَا يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ"، فالغيبة إدام اللئام ومرعى الآثام.

والغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه، سواء ذكرت نقصاً في بدنه، أو خلقه، أو دينه، أو ماله، أو غير ذلك.



واستهل فضيلته خطبته الثانية قائلاً : الحمد لله الذي آوى من إلى لُطْفه أوى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، من اتبعه كان على الهدى، ومن عصاه كان في الغواية والردى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه.

أيها المسلمون، ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردها، ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام والنصيحة تنحى عنه وفارق مجلسه.

وقال عمرو بن عبيد لرجل يستمع لآخر يغتاب: "صن سمعك عن سماع الغيبة -يا عبدالله-، نزهّ أذنك عن استماع الخنا كما تنزه لسانك عن النطق به".

ويجب على المغتاب التوبة بأن يقلع عن الغيبة ويندم على فعله ويعزم على ألا يعود إليها، ولا يشترط إعلام من اغتابه.
قيم الموضوع
(1 تصويت)


أمّ فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة خياط المصلين في يوم الجمعة واستهل خطبته الأولى قائلاً: أيها المسلمون: إن من دأب المخلصين من عباد الله، ذوي البصائر النيرة، والعقول الراجحة، دوام الأخذ بأسباب السعادة، وكمال الحرص على سلوك مسالك الفوز وسبل النجاة، رغبةً منهم في حسن العاقبة وكرم المآل، وكثيرًا ما يعرض القرآن للمدح لهم، والثناء عليهم، بكريم خصالهم، وجميل صفاتهم، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾.


تلكم يا عباد الله بعض أوصاف أولي الألباب ، وفي الطليعة منها: الوفاء بالعهد الذي قطعه المرء على نفسه، والالتزام بالأوامر والنواهي التي أمر الله بها أو نهى عنها، والوفاء بالعهد الذي بينه وبين الناس، من عقود ومعاملات، وأداء للأمانات، لا يخل به ولا ينكص عنه، وعدم النقض للميثاق الذي وثقه بالله، وأشهد على المضي فيه والاستمرار عليه، لا يحمله على عدم الوفاء أو على النكث به، إغراء المادة وبريقها، أو تلويح بالسراب الخادع؛ فعهد الله تعالى واجب الوفاء حتمًا، ونقض الميثاق خطيئة كبرى، تنذر بالهلكة وسوء المصير.


ومن صفات أولي الألباب الحميدة، صلة الأرحام، والإحسان إليهم، والصبر على ما يصدر منهم من أذى، وما يبدر منهم من جفوة وملام، كما جاء في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: "قال اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا اللهُ، وأنا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وشَقَقْتُ لها اسْمًا مِنَ اسْمِي، فمَنْ وصَلَها وصَلْتُهُ ، ومَنْ قَطَعَها قَطَعْتُهُ". أخرجه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي في سننهما بإسناد صحيح.


ومن صفات أولي الألباب الجليلة، الخشية من الله، ومخافة مقامه، والخوف من عذابه، ومن مناقشة الحساب يوم القيامة فإن "مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ". كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا، وحري بمن كان على هذه الحال، أن يستمسك بالحق والهدى، ولا يميل عنهما، اتباعًا لهواه، فيكون ممن أثنى الله عليهم بقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ﴾.


ومن صفات أولي الألباب التي ينبغي أن يحرص المرء على التحلي بها، الصبر في مختلف دروبه، صبر على طاعة الله، وما يقتضيه من إخلاص وبذل جهد، وصبر عن معصيته سبحانه، وما يوجبه من لجم للنفس، وكبح لجماحها، وحجزها عن النزوات والهفوات، وصبر على أقدار الله المؤلمة، وما يستلزمه من رضا واحتساب وتسليم، والعباد يتفاوتون في ذلك؛ فمن كان أعظم صبرًا واحتسابًا، كان أجزل أجرًا وأكثر ثوابًا ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.


ومن صفات أولي الألباب المثلى وسماتهم العظمى، إقامة الصلاة المكتوبة، بحدودها ومواقيتها، وركوعها وسجودها وخشوعها، على الوجه الشرعي المرضي، الذي أمر به وبينه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، دون إخلال بها، أو تشاغل عنها بصوارف الحياة.


ومن صفات أولى الألباب الكريمة، الإنفاق مما آتاهم الله من رزق، على من يجب الإنفاق عليه، من أهل وولد وقرابات، وعلى من يندب الإنفاق فيه من أوجه البر، كالصدقة على البؤساء والمحرومين، أو المساهمة في مشروعات تنتفع بها الأمة، من بناء للمدراس، وإنشاء للمستشفيات، ودور للأيتام، وحفر للآبار، وتمهيد للطرق، وكافة الأعمال التطوعية، مما تنهض بها البلاد، وينتفع بها العباد، مع صدق النية وإخلاص القصد، ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾.


ومن صفات أولي الألباب الأدبية العالية، درء السيئة بالحسنة، مقابلة للقبيح بالجميل، ومدافعة للشر بالخير، وللأذى بالإحسان، امتثالاً للأدب القرآني، الذي أدب الله به عباده في قوله عز اسمه: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.


عباد الله: إنه إذا ملك المرء نفسه، وألزمها سلوك الجادة، وسار بها في سبيل النجاة وطريق السعادة، ونأى بها عن أسباب التهلكة، وجنبها مسالك البوار والخسران، فإنه يكون بهذا من أولي الألباب، الذين رفع الله قدرهم، وأعلى منزلتهم، وبين ما أعدَّ لهم في دار كرامته، ومستقر رحمته، من الجزاء الضافي والأجر الكريم، فقال عز من قائل: ﴿ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ .


واستهل فضيلته خطبته الثانية قائلاً: الحمد لله حمد من يرجو من الله النجاة وحسن العقبى، أحمده سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، على آله وصحبه ومن اقتفى.


أما بعد فيا عباد الله، على العكس من ذلك الفريق الصالح، والطائفة الراشدة، والفئة الفائزة، من كان على النقيض منهم في جميل صفاتهم، وكريم خلالهم.
وهم الذين لا يوفون بعهد الله من بعد تأكيده وتغليظه وتوثيقه عليهم، بل يقابلونه بالنقض والإعراض، ويقطعون ما أمر سبحانه وتعالى بوصله من الإيمان والعمل الصالح وصلة الأرحام، ويفسدون في الأرض بالكفر والإثم والصد عن سبيل الله، فهؤلاء الذين توعدهم الله بالطرد والإبعاد من رحمته، مع ما أعدَّ لهم في نار جهنم يوم القيامة من سوء المصير، فقال تعالى ذكره: ﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾. عياذًا بالله من ذلك!.


فاتقوا الله عباد الله، واعملوا على الأخذ بصفات أولي الألباب الأخيار، والحذر من صفات الفجار الأشرار، تطب حياتكم، وتستقم أحوالكم، وتحظوا برضوان ربكم.
IMG 20241108 WA0003IMG 20241108 WA0004IMG 20241108 WA0006IMG 20241108 WA0007
قيم الموضوع
(5 أصوات)

خطب وأم المصلين في المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن علي الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف.

وبعد أن حمد الله تعالى بدأ خطبته بقوله: معاشر المؤمنين والمؤمنات : إن سيرة نبينا وشمائله الكريمة ليست مجرد حديث عابر ، دون أن يكون لها أثر في حياة المسلم؛ فقد جعل الله تعالى نبينا موضع القدوة والائتساء كما قال سبحانه: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا). لأنه مع كونه بشرًا من البشر كما قال جل وتقدس: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي)، إلا أنه تعالى حين كمل خصاله وجمل خلاله وهيأه لأن يكون مثال السمو الإنساني والكمال البشري أفاض عليه أنوار تلك الرسالة الربانية، والشريعة الإلهية، فأضاءت الدنيا بذلك السَّنا والسَّناء، (نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء).

وأكمل فضيلته: إن دواوين السنة والتاريخ والسير تحدثنا أنه صلى الله عليه وسلم كان رحمة للعالمين تسري على قدم، وتتمثل في إهاب بشر، وأنه كان نهرًا دفاقًا من الرأفة والرحمة والعفو وحسن الخلق ولين الجانب، لا تعرف القسوة سبيلاً إلى قلبه، ولا ساقط القول طريقًا إلى لسانه، فلم يكن بالفظ ولا الغليظ، ولم يكن عابس الوجه ولا متجهم المحيا أو خشن القول والطبع، عن عطاء بن يسار رحمه الله قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة، قال: (أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا).

وأكمل فضيلته: لقد كانت أخلاقه السمية وشمائله السنية من أعظم دلائل نبوته وصدق دعوته، وكأنما اجتمع فيه من الشمائل والفضائل ما تفرق في غيره من بني الإنسان اجتماع مجاري الماء في قرارة الوادي، بل كان محياه البهي ووجهه المشرق ينطق بالصدق، وتلوح فيه مخايله، وتبرق منه أماراته، قال عبد الله بن سلام : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفل الناس قِبَلَه، وقيل: قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله، ثلاثًا، فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل، والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»، عليه السلام كان في النصح رحمة، وفي بره بالعالمين ولينه، إمام هدى ينجاب عن وجهه الدجى، كأن الثريا علقت بجبينه.

وبيّن فضيلته : إن من أعظم مظاهر فضل الله على هذه الأمة أن امتن عليها بذلك النبي الأكرم الذي قال فيه جل شأنه: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، إنه نبي يعز عليه ما يشق على أمته ويعنتها، يحب منها أولها وآخرها، وسابقها ولاحقها، فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطًا وسلفًا بين يديها»، وعن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا» قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: «أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد».، إن ذلك النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه حقيق بأن يمتلئ القلب بحبه وتوقيره والشوق إليه، وأن يلهج اللسان بكثرة الصلاة عليه، فكيف إذا كان منه داني الدار قريب الجوار؟! وأبرح ما يكون الشوق يومًا، إذا دنت الديار من الديار، وإن لسان ميزان الحب الصادق هو المسارعة في طاعة المحبوب، والسعي في نيل مرضاته، فالمحبة الكاملة الصادقة مقرونة بشواهد صدقها وآثار تحققها، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم مع ما يتعبد به المؤمن لربه، ويفوز بمحبته وقربه، بل إن حبه من آثار حب الله تعالى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه بالمحل الأسنى والمنزل الأعلى، ومن صدق في محبة محبوبه أحب ما يحب ومن يحب، وبغض ما يبغض ومن يبغض، كما أن المحب دائم الشوق إلى محبوبه، كثير اللهج به، شديد التوقير له، أما المحبة التي ليس لها أثر في واقع الحياة سوى العكوف على أطلال الرسوم الظاهرة فهي محبة ناقصة، فمن كان هذا حاله فى حبه فليكمل جوانب ذلك النقص فى محبة سيد الخلق صلى البه عليه وسلم فإن المحبة الصادقة باب واسع من أبواب المعية وبلوغ المنازل العلية.

واختتم فضيلته الخطبة بقوله: فإن نبينا صلى الله عليه وسلم قد اجتباه ربه بتلك الشمائل والفضائل من بريته واصطفاه من خليقته؛ ليكون واسطة عقد الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام، مبلغًا عنه دينه الخاتم، ليعيد بتلك التعاليم الربانية صياغة الإنسان، ويرتقي به في مدارج كماله الإنساني إلى حيث أراد الله له أن يكون في هذه الدنيا، بعد أن انحط الإنسان قبل زمن رسالته إلى دركات من الجهل والظلم والظلام والوثنية، فلا غرو بعد ذلك أن تسير دعوته مسير الشمس، وأن تبلغ ما بلغ الليل والنهار، في أزمنة غابرة تترامى فيها الأقطار وراء القفار والبحار، وأن تملأ الدنيا رحمة وعدلاً وحضارة وعلمًا وإنسانية، فحقيق بالمسلم أن يجعل نبيه صلى الله عليه وسلم موضع اقتدائه ومحل ائتسائه، لينال بذلك شرف متابعته ويحقق صدق محبته.
قيم الموضوع
(1 تصويت)

أمّ وخطب المصلين لصلاة الجمعة من المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد.

واستهل خطبته قائلًا: أيها المسلمون إن الحياة الأسرية من أوثق العلاقات الإنسانية، وأرفعها شأنا، ولها في ديننا مقام كريم، وهي في شرع ربنا ميثاق غليظ، وهي حياة أسرية يعيش فيها الزوجان عيشة كريمة، يتقاسمان هموم الحياة في مَنْشطِها ومَكْرِهها، وحلوِها ومرِّها، ولينِها وقسوتِها، وصحتِها ومرضِها، ويسرِها وعسرِها.

وأوضح معاليه أن العلاقات الإنسانية والعلاقات الأسرية لا تقاس بمواقف اللحظات العابرة، ولا بالأحوال الطارئة، ولكنها تقاس بالتراكمات المتتابعة، والأحداث المتوالية، إنها علاقات ممتدة، لا ينسيها حادث عابر، ولا ينسفها موقف طارئ، وإن الحياة بتقلباتها، وأحوالها تحتاج أن يسودَ فيها روح الفضل، وتذكرَ فيها جوانب الخير والمعروف، فليس من العقل ولا من الحكمة، ولا من المروءة أن تُهدَم سنواتُ مودة في ساعة غضب عابرة.

وأكد الشيخ صالح بن حميد أن الفضل هو أعلى درجات التعامل، فهو مرتبة الإحسان، وفوق مرتبة العدل، وعلى الجميع أن لا ينسوا الفضل بينهم لأن نسيانه يعني التفكك والتجافي والشقاق والتباعد عن الأخلاق الكريمة والشيم النبيلة، وحفظ الفضل هو الذي يحافظ على تماسك الأسرة ويحفظها بإذن الله من المواقف الطارئة واللحظات العصيبة.

معاشر المسلمين: في ثورة الغضب يختلطُ الحابل بالنابل، والحقُّ بالباطل، وكأن الزوجين ما عاشا سنوات من المودة، وحسن العشرة، وكأنهما لا يجمعهما بيت واحد، ولا يظللهما عش واحد، ولا يضمهما فراش واحد، ولا يدفئهما لحاف واحد، كل هذا يصبح بين عشية وضحاها سرابا هباءً، فلا الزوج يذكر الحسنات، ولا الزوجة تذكر المعروف.

وفي ساعات الغضب تنقلب الوجوه إلى وجوه كالحة، يحملها الكيد، ويعلوها الإرهاق، ويملؤها التعب، والأسى، ويكسوها التحايل المكروه، والإيقاع المفسد، ولو ذهبت تبحث عن المسوغات لهالك ما تسمع، مسوغات لا يقبلها عقل فضلا أن يقبلها دين أو خلق كريم.

وحذر معاليه من الدعوات المغرضة التي تحرض الزوجين على التمرد والتنمر، وتنفخ في النقائص والسلبيات التي هي من طبع البشر، والتي لا يسلم منها أحد كائنا من كان، واحذروا لحظات الطيش والغضب، التي يلج منها الشيطان.

وبين الشيخ صالح بن حميد أن الزواج رابطة، وعقد، ومودة، ورحمة، وليس انفلاتاً وضياعاً، وحرية زائفة، بناء العلاقة الزوجية على الفضل والإحسان، وليس على المحاسبة، والمشاحة والتقصي والاستقصاء، يقول يحيى بن معاذ رحمه الله : اصحبوا الناس بالفضل لا بالعدل، فمع العدل يكون الاستقصاء، ومع الفضل يكون الاستبقاء.

 HIM6030 HIM6035 HIM6041 HIM6043 HIM6044
قيم الموضوع
(3 أصوات)

التراث السمعي والبصري للمسجد الحرام يُعد أحد أهم الشواهد التي تُوثق لحظات عاشها الملايين من المسلمين على مر العصور، وعبر الصور والمشاهد البصرية القديمة، تظهر ملامح التطور العمراني للمسجد الحرام، وتوثق مراحل توسيعه وتحسين مرافقه لاستقبال الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين، من الصور البانورامية التي تعرض مكة المكرمة في أواخر القرن التاسع عشر إلى مشاهد التوسعات السعودية، يشكل هذا التراث البصري مرجعًا تاريخيًا مهمًا.


0202
صحن المطاف في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - (1372هـ / 1953م)


تُظهر الصورة الملتقطة في عام 1372هـ واحدة من المراحل المهمة في تطوير المسجد الحرام، حيث تم إضافة أشرعة لحماية المصلين من حرارة الشمس، ويعد هذا التطوير جزءًا من توثيق تاريخي لمراحل مختلفة من توسعة وتحسين المسجد الحرام ومرافقه.






0101
صورة بانورامية لمكة المكرمة في عام 1297هـ (1881م)


توثق هذه الصورة التاريخية النادرة منظرًا شاملاً لمكة المكرمة، بما في ذلك المسجد الحرام وما يحيط به من المباني القديمة والمنازل المتراصة بين الجبال، تعتبر هذه الصورة من أهم الأعمال البصرية التي تعكس التركيبة العمرانية للمنطقة المركزية في مكة المكرمة في أواخر القرن التاسع عشر، قبل التوسعات والتطورات الحديثة.




0303.jpg
باب الكعبة المشرفة في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-


في عام 1363هـ / 1944م، أمر الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بصنع باب جديد للكعبة المشرفة، تم تركيبه في سنة 1366هـ / 1947م، هذه الصورة توثق الباب الذي صُنع في مكة المكرمة، ويُعد من أبرز المعالم التي أمر الملك المؤسس عبدالعزيز بتنفيذها.



0404.jpg
صورة للمسعى في حج عام 1374هـ (1955م)


في هذه الصورة، يظهر المسعى خلال فترة التوسعة السعودية الأولى، حيث تم إضافة سقف جديد لتوفير الحماية من أشعة الشمس والحرارة للحجاج الذين يؤدون السعي بين الصفا والمروة، هذه التوسعة كانت جزءًا من سلسلة إصلاحات تهدف لتحسين تجربة الحجاج والمعتمرين.



0505.jpg
الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- يتفقد الحجر الأسود


تُظهر الصورة الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - أثناء تفقده الحجر الأسود في عام 1375هـ / 1956م، حيث يظهر الحجر بدون طوق الفضة للمرة الأولى استعدادًا لوضع الطوق الجديد عليه.



0606.jpg
التوسعة السعودية الأولى للمسجد الحرام عام 1376هـ (1957م)


تُظهر هذه الصورة جزءًا من أعمال التوسعة التي تمت في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله -، حيث تم إنشاء سلالم رخامية متصلة بالشوارع الخارجية، مما سهل حركة الدخول والخروج من وإلى المسجد الحرام، تعد هذه التوسعة ضمن سلسلة من التوسعات التي شهدها المسجد خلال القرن العشرين، لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من الحجاج والزوار.



0707.jpg
أعمال ترميم سقف الكعبة المشرفة في عهد الملك سعود -رحمه الله-


في عام 1377هـ / 1958م، تمت أعمال الترميم على سقف الكعبة المشرفة بإشراف الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله -، وفي هذه الصورة، يظهر العمال وهم يقومون بوضع العوارض والألواح الخشبية عليه لتقوية السقف وحمايته.



0808.png
ترميم جدران الكعبة من الخارج


تُظهر الصورة الفنيين والعمال أثناء ترميم جدران الكعبة المشرفة من الخارج سنة 1377هـ / 1958م.



0909.png
ستارة باب الكعبة في عهد الملك سعود -رحمه الله-


في سنة 1382هـ / 1962م، تم تصنيع ستارة جديدة لباب الكعبة المشرفة في مصنع الكسوة بمكة المكرمة، تُظهر الصورة ثاني ستارة تُصنع محليًا.



1010.png
باب الكعبة المشرفة في عهد الملك خالد -رحمه الله-


في عام 1399هـ، شهد المسجد الحرام تركيب باب جديد للكعبة المشرفة بأمر الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله -، تُظهر الصورة لحظة خروج الملك خالد من الكعبة المشرفة بعد إزاحة الستارة عن الباب الجديد.



11011.jpg
الملك خالد يطوف بالكعبة المشرفة


يظهر الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - أثناء طوافه بالكعبة المشرفة، ويبدو في الخلفية ثوب الكعبة المزين بلفظ “الله جل جلاله” المكتوب بالخط المثنى.


12012.jpg
ستارة باب الكعبة عام 1396هـ


في عام 1396هـ / 1976م، صُنعت ستارة جديدة لباب الكعبة المشرفة في مصنع الكسوة بحي أم الجود بمكة المكرمة، تظهر الصورة التوثيقية هذه الستارة التي كانت تغطي باب الكعبة.


13013.jpg
الملك فهد بن عبدالعزيز-رحمه الله- يتابع صناعة باب الكعبة الجديد


تُظهر الصورة الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - عندما كان وليًا للعهد، وهو يتابع عملية صناعة باب الكعبة المشرفة الجديد، يرافقه وزير الحج والأوقاف الشيخ عبدالوهاب عبدالواسع، حيث كان باب الكعبة الجديد جزءًا من سلسلة التحديثات التي شهدها الحرم.



14014.jpg

تُظهر الصورة الكعبة المشرفة، وسقيا زمزم والساحات المحيطة بصحن المطاف قبل التوسعات الحديثة.
 


15015مظلة المسعى قبل التوسعة السعودية


في هذه الصورة، يظهر المسعى القديم مغطى بمظلة لحماية الحجاج من الشمس قبل أن يشهد التوسعة السعودية، كانت هذه المظلة تحمي الساعين بين الصفا والمروة قبل أن يتم تحديث المكان بالكامل.


الأرشيف الصوتي للمسجد الحرام:
منذ إنشاء المكتبة الصوتية في المسجد الحرام عام 1407هـ، جُمعت آلاف التسجيلات التي توثق تلاوات قراء الحرم، وخطب الجمعة، والدروس الدينية، تعتبر هذه المكتبة جزءًا من التراث الروحي والسمعي للمسلمين حول العالم، ويجري العمل لتحويل هذه المواد إلى نسخ رقمية لضمان حفظها للأجيال القادمة.

معالجة المواد الصوتية في المسجد الحرام:
تخضع المواد الصوتية المسجلة لعمليات معالجة تقنية لتحسين جودتها، وذلك باستخدام برامج متقدمة تزيل التشويش وتحسن نقاء الصوت، تتم مراجعة المحتوى الصوتي من قبل لجنة علمية لضمان صحة المضمون وجودة التسجيل.




ملاحظة: تم إعداد هذا المحتوى بالاستناد إلى مجموعة من المصادر المتنوعة:
- دارة الملك عبدالعزيز
- الكعبة المشرفة في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-: دراسة تاريخية حضارية معمارية" - محمد بن حسين الموجان.
- "الكعبة المشرفة في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-: دراسة تاريخية حضارية معمارية" - محمد بن حسين الموجان.
- "الكعبة والكسوة" - أحمد عطار.
قيم الموضوع
(1 تصويت)
خطب وأم المصلين في المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف.

وبعد أن حمد الله تعالى بدأ خطبته قائلًا: الصلاة أعظم فريضة افترضها الله بعد التوحيد، فهي عمود الإسلام، والركن الثاني من أركانه العظام،قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}؛ وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: « بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ، وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
وأكمل: الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح ورجح عمله، وإن فسدت فقد خاب وخسر وضاع عمله، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ لملائكته وهو أعلم: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ ".

وأضاف فضيلته: لقد فرض الله على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة، وحدد لها أوقاتًا معينة، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} أي واجبة في أوقات معلومة ومحددة، لا يجوز تأخيرها عن ذلك إلا لعذر شرعي.
فعن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أَشهَدُ أنِّي سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خمسُ صلواتٍ افتَرَضَهُنَّ اللهُ عز وجل، مَن أحسَنَ وُضوءَهُنَّ وصَلاَّهنّ لوقتِهنَّ وأتمَّ ركوعَهُنَّ وخُشوعَهُنَّ كانَ له على الله عَهدٌ أن يَغفِرَ له، ومن لم يَفعَل فليسَ له على الله عَهدٌ، إن شاءَ غَفَرَ له، وإن شاءَ عَذَّبَه".

وبيّن: قد حذر الله تعالى من تضييع وقت الصلاة بالتفريط والتهاون بها، واللهو والتغافل عنها، والتشاغل بغيرها، قال تعالى: { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} أي يغفلوا عنها حتى يذهب زمانها، ويفوت وقتها.
وأوضح فضيلته: الصلاة عمود الدين، وأوجب الواجبات، وأعظم العبادات، وأزكى القربات، ألا وإن من الواجب على الوالدين، ومن مسؤولياتهم تربية الأبناء وحث الأهل على المحافظة على الصلاة في وقتها، وأمرهم بها، ومراقبتهم وحضهم عليها، قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}.
واختتم الخطبة بقوله: الصلاة هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم التي حض عليها وهو في سكرات الموت يودع الدنيا، فكان آخر كلامه في الدنيا الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم، الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: «الصَّلَاةَ الصلاة وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ الصَّلَاةَ الصلاة وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَرْغِرُ بِهَا صَدْرُهُ، وَمَا يَكَادُ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ.
قيم الموضوع
(2 أصوات)
خطب وأمّ المصلين لصلاة الجمعة فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي 
الحمد لله.. الْحمد للهِ عظيم الشأن، واسع الفضل والإحسان، جعلنا خير أمَّة، وهدانا لطريق الجماعة والسنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، العارف بالله حقاً، والمتوكل عليه صدقاً، والمتذلل له تعبداً ورقاً، صلى الله عليه، وعلى آله وأزواجه الأطهار، وصحابته الأخيار، ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليماً كثيراً.
قال فيها أما بعد فيا عباد الله: اتقوا الله تسعدوا، وتوسطوا في الأمور تفلحوا، واعتصموا بوصية الله في كتابه، الهادية إلى جنانه ورضوانه: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ﴾.
أَمة الإسلام: إن الاعتدال والتوازن، سمة ظاهرة في الكون، قال سبحانه: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾، ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾، فجعل سبحانه التوازن في خلقه، سنة كونية: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، وإن من رحمة الله علينا وكرمه، وفضله وجوده ومنته، أن جعل أمة محمد صلى الله عليه وسلم، هي الأمة الوسط بين الأمم، عقيدةً وعملا، وشريعةً ومنهجاً، أثنى الله تعالى عليها في كتابه فقال: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾، فهي وسط في كل الأمور، الدينية والدنيوية، فلا غلو ولا تقصير، ولا إفراط ولا تفريط، وما من شعيرة من شعائر الدين، إلا وهي موصوفة بالاعتدال والوسطية، وفي صحيح الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: آخَى النَّبِيُّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فقَالَ: كُلْ، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ، فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: "إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ". فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَدَقَ سَلْمَانُ)).
وقال فضيلته إخوة الإيمان: إن التوازن في الحياة، والتوفيق بين الحقوق والواجبات، من أهم المهمات، فيكون المرء مُتَّزِنًا فِي عباداته ومعاملاته، لا يطغى عليه أمر على حساب غيره، ولا يقدم المهم على الأهم، ولا المفضول على الفاضل، وهو المنهج الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام، فالاعتدال هو الاعتصام بحبل الله المتين، والسير على صراطه المستقيم، ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾، وفي سنن الترمذي: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ))، فأول الحقوق عند أهل التوسط والاعتدال، هو حَقُّ الرب الكريم المتعال، فالله سبحانه لم يخلقنا عبثا، ولم يتركنا هملا، ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾، فخلقنا سبحانه لعبادته، وحده لا شريك له، قال صلى الله عليه وسلم: ((يا مُعاذُ، أتدري ما حَقُّ اللهِ على العِبادِ، وما حَقُّ العِبادِ على اللهِ؟))، قُال معاذ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، قال: ((حَقُّ اللهِ على العِبادِ أن يَعبُدوه ولا يُشرِكوا به شَيئًا، وحَقُّ العِبادِ على اللهِ ألَّا يُعَذِّبَ مَن لا يُشرِكُ به شيئًا))، متفق عليه، وإذا أدى العبد حق ربه، انتظمت حياته، وأعانه الله على أداء باقي حقوقه، ومن ذلك حق نفسه عليه، من متطلَّباتها الروحيَّة، وحاجاتها الجسدية، والشريعة إنما جاءت باليسر والسَّماحة، والمسايرة للفطرة، فقال سبحانه: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾، أي: استعمل ما وهبك الله من النعمة في طاعة ربك، وما يحصل به من الثواب لآخرتك، وَلا تنسَ ما أباح الله لك، ولئن كانت الآخرة هي المطلب الأعلى، والمقصد الأسمى، فإن الاشتغال بها، لا يكون على حساب السعي في الحياة الدنيا، والله جل جلاله أنكر على الذين يحرمون على أنفسهم الطيبات، معتقدين بأن ذلك يزيدهم في الدرجات، ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ﴾.
 وأضاف فضيلته إخوة الإيمان: إن تنظيم الوقت، وترتيب الأولويات والمهمات، هو المعين بعد توفيق الله، على تحمل المسؤولية، ففي الصحيحين: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، -وذكر منهم-: والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ، وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ))، ورعاية الرجل لأهله، يكون بكل ما يصلح دينهم ودنياهم، وما يحقق لهم النجاح في الدنيا، والفلاح في الآخرة، وأعظم الرعاية، أمرهم بالصلاة، حيث وجه بها سبحانه بقوله: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾، وأمر الأهل بالصلاة يا عباد الله، ما هو  إلا باعث على القيام بجميع الأوامر والنواهي، لأن الصلاة، أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، ف﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
ثم اعلموا معاشر المؤمنين: أن الله أمركم بأمر كريم، ابتدأ فيه بنفسه فقال عز من قائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللهم صل على محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلميناللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم من أراد بلادنا وأمننا وبلاد المسلمين بسوء، فاشغله بنفسه، ورد كيده في نحره، واجعل دائرة السوء عليه يا رب العالمين
اللهم وفق ولي أمرنا، خادم الحرمين الشريفين، لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه وولي عهده الأمين وأعوانهم، لما فيه صلاح العباد والبلاد، اللهم جازهم بالخيرات، على خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما. 


_HIM5629.jpg


_HIM5622.jpg
_HIM5624.jpg
قيم الموضوع
(2 أصوات)

تمكن أكثر من 10 ملايين زائر من الصلاة في الروضة الشريفة منذ بداية العام 2024 م بنسبة ارتفاع 26% عن 2023 م، وذلك عبر حجز موعد مسبق من خلال تطبيق نسك بشكل سهل وميسّر، في إطار الجهود المبذولة لتوفير تجربة مريحة وسلسة للزوار.

وفي المسجد الحرام خلال موسم حج 1445هـ، وصل 1,133,594 حاجًا إلى وجهاتهم بسهولة عبر خدمات الإرشاد المكاني، وأُتيح لضيوف الرحمن وعامة المسلمين الاستماع لخطبة عرفة التي تُرجمت إلى 37 لغة منها 17 لغة ترجمة غير متزامنة، وبثت مباشرة بـ 20 لغة؛ مما مكن مختلف الجنسيات فهم محتوى الخطبة والاستفادة منها.

من جهة أخرى، بلغ حجم توزيع مياه زمزم في المسجد الحرام خلال موسم حج 1445 هـ، 12,516 متر مكعب، وفيما يتعلق بتسهيل الحركة استفاد من العربات 299,846 حاجًا.

وقد بلغت نسبة رضا الحجاج عن الخدمات 87%، فيما استفاد من خدمات إجابة السائلين 103,870، وبلغ متوسط ساعات طواف القدوم 1:02 ساعة وطواف الإفاضة 1:19 ساعة وطواف الوداع 1:49 ساعة. بدورها استقبلت مكتبة المسجد الحرام خلال موسم الحج 18,815 زائرًا، من بينهم 800 باحث و1,524 قارئًا، وتم تنظيم برامج تعليمية خاصة استفاد منها 193 طفلًا، ما يعزز نشر المعرفة بين الزوار من مختلف الأعمار.

على صعيد الجودة والسلامة، تتم مراقبة مياه زمزم يوميًا، عبر فحص 80 عينة؛ لضمان مطابقتها للمعايير الصحية المطلوبة، وتتم متابعة هذه الفحوصات للتحقق من سلامة المياه المقدمة لضيف الرحمن.

في المسجد الحرام خلال موسم رمضان 1445 هـ، تم توفير 101 عربة كهربائية تتسع لـ 6 إلى 10 أشخاص مخصصة لنقل كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في سطح المطاف، بالإضافة إلى 2700 عربة كهربائية صغيرة، كذلك تم تنفيذ 10 عمليات تنظيف يوميًا للمسجد الحرام والمطاف بمشاركة 6434 عاملًا، وتم استخدام 5633 مُعدة، و63 ألف لتر من المطهرات لضمان بيئة نظيفة.

فيما يتعلق بمياه زمزم، تم توفير الماء البارد يوميًا، حيث تم استهلاك 35 ألف لتر مكعب، وتوزيع مليون عبوة زمزم، واستعمال 70 مليون كاسة بلاستيكية خلال شهر رمضان، وفيما يتعلق بالطفل تم إنشاء مركزان لضيافة الأطفال ضمت قرابة 2000 طفل يوميًا.

وفي المجال الإعلامي، حقق فيلم "أنا الفريدة" انتشارًا وصل إلى أكثر من 12 مليون مشاهد، واستقطبت المعارض المقامة في التوسعة السعودية الثالثة “معالم الكعبة المشرفة” و "المعرض التوعوي الرقمي" أكثر من 60 ألف زائر.

وفي جانب المكتبات أطلقت مكتبة المسجد النبوي خدمة البحث الرقمي للزوار والباحثين، وأتاحت لهم الوصول إلى أكثر من 161 ألف كتاب رقمي، تم أرشفتها رقميًا، بإجمالي 43 مليون ورقة، مع مراعاة حقوق النشر والتأليف داخل نطاق مكتبة المسجد النبوي، وتضم المكتبة أكثر من 70 جهازًا مخصصة للباحثين لاستخدام الخدمات الرقمية.

أما على مستوى التجهيزات، فإن نظام الإضاءة في المسجد النبوي يحتوي على 80,419 وحدة إضاءة موزعة في أنحاء متفرقة، تشمل 30 نوعًا مختلفًا من وحدات الإضاءة، كما أن هناك 2,419 وحدة إضاءة مثبتة على الأعمدة، بالإضافة إلى 10,046 وحدة إضاءة تحمل لفظ الجلالة، وخلال موسم الحج الماضي، تم توفير 15 ألف حافظة زمزم، إلى جانب تركيب 344 مروحة رذاذ لتبريد الأجواء، مما ساهم في راحة المصلين خلال فترات الصيف.

ولتسهيل حركة الحجاج القادمين إلى المسجد النبوي بعد أداء النُسك تم تهيئة 99 بابًا و180 سلمًا كهربائيًا، بالإضافة إلى 17 مصعدًا لضمان سهولة التنقل، كما تم توفير 26 مصلى مخصصًا للأشخاص ذوي الإعاقة، وتجهيز 2,550 دورة مياه.

ولتحسين راحة المصلين، تم فرش 18 ألف سجادة داخل المسجد النبوي، في حين ساهمت 85 وحدة تكييف في توفير أجواء لطيفة، علاوة على ذلك، ساهم 6,000 متطوع في تقديم مختلف الخدمات للحجاج والمعتمرين، مما يعزز الدور الفعّال للجهود التطوعية في تجويد تجربة الزوار وضمان راحتهم.

تعكس هذه الأرقام جزءًا من العمل الذي يقدمه منسوبو الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بما يتماشى مع تطلعات حكومة خادم الحرمين الشريفين -رعاها الله- وحرصها على تقديم خدمات تُسهم في تسهيل أداء المناسك وضمان راحة وسلامة ضيوف الرحمن.
 
 photo_5812264098354809704_y.jpgphoto_5812264098354809723_y.jpgphoto_5812264098354809722_y.jpgphoto_5812264098354809721_y.jpgphoto_5812264098354809720_y.jpgphoto_5812264098354809719_y.jpgphoto_5812264098354809717_y.jpgphoto_5812264098354809716_y.jpg
قيم الموضوع
(1 تصويت)

خطب وأمّ المصلين لصلاة الجمعة فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل غزاوي.

وتحدث فضيلته في خطبته عن عجلت الإنسان في حياته فقال: أما شأنُ الإنسانِ فكما بيّن القرآنُ قال تعالى: ﴿خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ أي رُكِّب على العجلةِ وجُبل عليها؛ فالعجلةُ في طبعِه وتكوينِه، وقال سبحانه: ﴿وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا﴾ أيْ: مُبالِغًا في العَجَلَةِ؛ يَتَسَرَّعُ إلى طَلَبِ كُلِّ ما يَقَعُ في قَلْبِهِ ويَخْطُرُ بِبالِهِ؛ ولا يتأنى، بل يُبادرُ الأشياءَ ويستعجلُ بوقُوعِها.

والعَجِل أيها الإخوة له صفاتٌ يُعرفُ بها، قال أبو حاتم البُستي رحمه الله: "إنّ العَجِلَ يقولُ قَبل أن يَعلمَ، ويُجِيبُ قبلَ أنْ يفهمَ، ويَحمدُ قبل أنْ يُجَرِّبَ، ويَذُمُّ بعد ما يَحْمَدُ، والعَجِلُ تصحبُهُ النّدَامةَ، وتَعتزِلُهُ السّلامةَ، وكانتْ العربُ تسميها أمَّ النَّدَامَاتِ".

وتحدث فضيلته عن العجلة المذمومة وبين أنواعها فقال: للعجلة المذمومةِ صُورٌ كثيرة، وأمثلة متعددة؛ فمن ذلك أن يستعجل الإنسان بسؤال الله ما يَضرُّه كما يستعجل في سؤال الخير، قال تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا﴾، قال ابن كثير رحمه الله: يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَجَلَةِ الْإِنْسَانِ، وَدُعَائِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ ﴿بِالشَّرِّ﴾ أَيْ: بِالْمَوْتِ أَوِ الْهَلَاكِ وَالدَّمَارِ وَاللَّعْنَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَوِ اسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ لَهَلَكَ بِدُعَائِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾.

ومنها: أن يتعجل المرء في الحكم بين المتنازعين قبل التبين، وقد جاء في وصيته صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لمابعثه إلى اليمن قاضيا: (فإذا جلَسَ بينَ يديكَ الخصمانِ، فلا تَقضينَّ حتَّى تسمَعَ منَ الآخَرِ، كما سمِعتَ منَ الأوَّلِ، فإنَّهُ أحرى أن يتبيَّنَ لَكَ القضاءُ)، ومنها: الاستعجال في نتائج الدعوة إلى الله ورؤية ثمار الجُهد والبذل، فإن رأى عدم استجابة من الناس، تذمر وتضجر وتوقف عن دعوتهم، وقد يبادر بالدعاء عليهم ويتعجل هلاكهم، عَنْ قَتادَة رحمه الله في قوله تعالى: ﴿ولا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ﴾ قالَ: "لا تَعْجَلْ كَما عَجِلَ، ولا تُغاضِبْ كَما غاضَب".

ومن العجلة أن يستبطئ المؤمن النصرَ قال عز وجل: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ قال القرطبي رحمه الله: "أَيْ بَلَغَ الْجَهْدُ بِهِمْ حَتَّى اسْتَبْطَؤوا النَّصْرَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ عَلَى طَلَبِ استعجال النصر لا على شك وارتياب."

ومنها أن يستبطئ المؤمن نزولَ العذابِ بالأعداء وحلولَ العقوبةِ بهم قال تعالى: ﴿فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسۡتَعۡجِل لَّهُمۡ﴾ قال البقاعي رحمه الله: "ولَمّا أمَرَهُ بِالصَّبْرِ الَّذِي هو مِن أعْلى الفَضائِلِ، نَهاهُ عَنِ العَجَلَةِ الَّتِي هي مِن أُمَّهاتِ الرَّذائِلِ، لِيَصِحَّ التَّحَلِّي بِفَضِيلَةِ الصَّبْرِ الضّامِنَةِ لِلْفَوْزِ والنَّصْرِ..".

والأعظم من هذا الأمر أن يستعجل الكفار بوقوع العذاب بهم تكذيباً وجحوداً وعناداً واستبعاداً قال تعالى: ﴿وَیَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَنیُخۡلِفَ ٱللَّهُ وَعۡدَهُ﴾. ومنها نقل الأخبار قبل التثبت من صحتها وإذاعة الشائعات والأباطيل قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾. ومما يدخل في هذا الباب التعجل في نسبة الأقوال لغير قائليها وعزو الكلام لغير أصحابه، وأظهر أمثلة ذلك نشر الأحاديث المكذوبة على الرسول ﷺ ونسبة مالم يقله إليه. ومن العجلة المذمومة إسراع الخطى عند الذهاب إلى المسجد لإدراك الصلاة، ولا سيما إذا كان الإمام قبيل الركوع أو أثناء ركوعه.

ومنها الاستعجال في أداء الصلاة، فلا يتمُّ ركوعها ولا سجودها، ولا يطمئنُّ فيها، والإسراع في الصلاة إذا كان يخل بركن الطمأنينة فإنها تبطل، وقد قال صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ارجع فصل فإنك لم تصلِ "كما أنه نُهي عن التشبه بفعل المنافقين في نقر الصلاة نقرًا. ومما يدخل في باب العجلة المُحرمة في الصلاة: مُسابقة الإمام، فإن المطلوب من المأموم أن يكون مُتابعًا لإمامه، لا يُسابقه، ولا يتأخر عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جُعل الإمام ليُؤْتَمَّ به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبَّر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا".

ومنها استعجال العبد إجابةَ دعوته وتفريجَ كربته قال صلى الله عليه وسلم: "يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي"، ومنها أن يطلب من الله حاجاته ويتَركَ ما كان يَنبَغي له أنْ يَبدَأَ به مِنْ آدابِ الدُّعاء، فقد سمعَ رسول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا يَدعو في صلاتِهِ لم يُمجِّدِ اللَّهَ تعالى ولم يُصلِّ علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: (عجِلَ هذا، ثمَّ دعاهُ فقالَ لَهُ أو لغيرِهِ: إذا صلَّى أحدُكُم فليَبدَأ بتَمجيدِ ربِّهِ جلَّ وعزَّ والثَّناءِ علَيه، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم، ثمَّ يَدعو بَعدُ بما شاءَ)، ومن الفوائد المستنبطة من قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ فَهو حَسْبُهُ إنَّ اللَّهَ بالِغُ أمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ ما ذكره ابن القيم رحمه الله بقوله: "لَمّا ذَكَرَ كِفايَتَهُ لِلْمُتَوَكِّلِ عَلَيْهِ فَرُبَّما أوْهَمَ ذَلِكَ تَعْجِيلَ الكِفايَةِ وقْتَ التَّوَكُّلِ، فَعَقَّبَهُ بِقَوْلِه: ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ أيْ وقْتًا لا يَتَعَدّاهُ، فَهو يَسُوقُهُ إلى وقْتِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ لَهُ. فَلا يَسْتَعْجِلُ المُتَوَكِّلُ ويَقُولُ: قَدْ تَوَكَّلْت، ودَعَوْت فَلَمْ أرَ شَيْئًا، ولَمْ تَحْصُلْ لِي الكِفايَةُ، فاللَّهُ بالِغُ أمْرِهِ في وقْتِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ لَه".

ومنها استبطاء الرزق، فيستعجل فيطلبه من طرق محرمة، ووجوه غير مشروعة، قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته). ومن العجلة المذمومة القول على الله بغير علم والاستعجال في الفتيا للمؤهل أو لمن هو ناقل لها، وقد كان سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين يهابون الفتوى ويتريثون فيها، بل ويتدافعونها فيما بينهم، ومنها عدم الصبر على حالة واحدة، وإن كانت حالةَ نعمة ورخاء حتى يمل عنها ويسأمَ ويريدَ التحول إلى حالة هي دون تلك الحالة ويرضى بشيء دُون.


ومنها العجلة في الحكم على الأشخاص والأقوال والأفعال والنيات والمقاصد قبل البحث والتَّحري، وفي سوء الظنِّ بإخوانه المسلمين قبل التَّثبت واليقين، ومنها التعجل في الاعتماد على نتائج التقنيات الحديثة ومحركات البحث الآلية وأنظمة الذكاء الاصطناعي من دون النظر إلى ما قد ينتج عنها من المعلومات الخاطئة والمضللة، وعدم الرجوع إلى المصادر الموثوقة في ذلك.

ومنها الاستعجال في الجزم بتنزيل علامات الساعة وأحداث آخر الزمان والملاحم على الواقع، ومنها العجلة والتسرع في اتخاذ بعض القرارات التي تحتاج إلى تأن ودراسة وتأمل، ولا يغيب عن الأذهان أن الاستخارة والاستشارة ركنان أساسيان لكل قرار حكيم وموفَّق، ومنها العجلة في طلاق الرجل زوجته ومخالعة المرأة زوجها لأتفه سبب وأدنى موقف، والمبادرة إلى اتخاذ قرار التفرق مِن غير تأمل ولا تَرَوٍ ولا نظر في العواقب، وكم كان لذلك من نتائج وخيمة من تدمير البيوت وتشتيت الأسر وضياع الأولاد وقطيعة الأرحام.

ومنها الاستعجال والسرعة في قيادة السيارات وما يترتب على ذلك من الحوادث المروعة التي كانت سبباً في إزهاق نفوس كثيرة، وأمراض خطيرة، وعاهات مزمنة وتلف للأموال.

وأخطر صور العجلة المذمومة على الإنسان إيثار العاجل على الآجل والاستغراق في متع الحياة الدنيا والغفلة عن الآخرة، فمما يقال للذين كفروا يوم القيامة تقريعا وتوبيخا ﴿أَذۡهَبۡتُمۡ طَیِّبَـٰتِكُمۡ فِی حَیَاتِكُمُ ٱلدُّنۡیَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا﴾ فمن استوفى طيباته وانغمس في شهواته المحرمة واستعجلها في هذه الدار حُرمها في الآخرة.

واختتم فضيلته خطبته الأولى عن افساد العجلة للأمور فقال: إن الاستعجال في الأمور قبل أوانها ووقتها مُفسدٌ لها في الغالب؛ وإن الأناة والحلم والتُّؤدة والرفق من الصفات العظيمة التي يُحبها الله سبحانه، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: (إن فيك خَصلتينِ يُحِبُّهما الله: الحِلمُ، والأناة).

قيم الموضوع
(0 أصوات)


خطب وأم المصلين لصلاة الجمعة فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد بن طالب.

واستهل خطبته بنصح المسلمين بالعناية بالقلب فقال: إن للقلوب زكاة ونماءً كنماء الأبدان، وأغذية وأدواءً، فمن اتقى نواقض الشرك ونواقصه ونقى قلبه من أوساخ البدع والذنوب والمعاصي فقد أفلح وتزكى.

وقد تابع اللّٰه بين سبعة أيمان أقسم بها سبحانه على فلاح من زكى نفسه وخيبة من دنسها قال تعالى: {وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا (1) وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا (2)وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا (3) وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا (4)وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا (5) وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا طَحَىٰهَا (6) وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا (7) فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا (8) قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (9) وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا (10)}.

وبين فضيلته أقسام الناس يوم القيامة فقال: والناس يوم القيامة اثنان: أهل إجرام وتدسية أو أهل فلاح وتزكية {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ (74) وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّىٰ (76)}.

ولا زكاة ولا فلاح إلا بفضل الرحمن الرحيم {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

والعروة الوثقى والوسيلة العظمى توحيدُ محبةٍ وخضوع، وصلاةُ قنوتٍ وخشوع، ولسانٌ رطبٌ من ذكر الله، ومحبةٌ واتباعٌ وتعزيرٌ وتوقيرٌ لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وآله وسلم. قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ}.

وإذا امتلأ القلب بشي ضاق عن غيره، قال تعالى: (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)، والمزاحمة مدافعة، والغلبة للكثرة، والقلوب آنية اللّٰه في أرضه، فأحبها إلى اللّٰه أرقها وأصفاها، وإنما يكون ذلك بما يُصب فيها.

قال تعالى: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ۗ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}.

قال رسول اللّٰه صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني اللّٰه به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب، أمسكت الماء، فنفع اللٰه بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني اللّٰه به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى اللّٰه الذي أرسلت به».

وبين فضيلته في ختام خطبته الأولى فضل القرآن في تشبع القلب فقال: ولذلك لم يكن للقلب أن يتسع للشي وضده قال ابن مسعود رضي اللّٰه عنه "إن هذا القرآن مأدبة اللّٰه فمن دخل فيه فهو آمن" وما ذاك إلا لأنه تشبع بطعامها وتضلع بشرابها.

ومن ترك المأمور شُغل بالمحظور، ومن أنقض ظهره بالأوزار ضعف عن الأذكار، ومن أضنى نفسه في الابتداع زهد في الاتباع، قال تعالى: {فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}. قال الله تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ}.

ومن علت همته، سلمت من الآفات مهجته، قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وأَتَتْهُ الدُّنْيَا وهِيَ رَاغِمَةٌ، ومَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، ولَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ». ومِن عاجل البشرى لمن أقبل بقلبه إلى ربه، أن تقبل قلوب العباد إليه، وتتوافق على حبه، قال بعض السلف "ما أقبل عبد على اللّٰه بقلبه إلا أقبل اللّٰه عز وجل بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه
مودتهم ورحمتهم".

وتحدث فضيلته في خطبته الثانية أن صلاح القلب يصلح الجسد فقال : واعلموا أن القلب ملك الجوارح وسلطانها فبصلاحه يصلحون وفسادهم بفساده.

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: «إِنَّ الْخَلَالَ بَيِّنٌ وإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَّى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَاَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرَاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكِ حِمَى، ألَا وإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَعَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ».

فهنيئا لمن تعاهد قلبه، وأرضى ربه فهو مقصود الأعمال ومعقود الآمال (لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا ولا دِمَاؤُهَا ولَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ).

وإذا استحلى اللسان ذكر اللّٰه وما والاه، وأسرعت الجوارح إلى طاعة الله، فحينئذ يدخل حب الإيمان في القلب كما يدخل الماء البارد الشديد برده في اليوم الشديد حره للظمآن الشديد عطشه! ويصير الخروج من الإيمان أكره إلى القلوب من الإلقاء في النار، وأمرّ عليها من الصبِر، وما صفى القلب ولا حلى الذكر ولا صلحت الجوارح ولا رُفعت الأعمال بمثل الصلاة والسلام على رسول اللّٰه.

GaKgNgpXAAAZglMGaKgNgpWwAAqh4GGaKgNgpW0AAETRh
الصفحة 1 من 845